كريتر نت – العين الإخبارية
تحشد مليشيات الحوثي مئات الزوارق والآليات والمجاميع إلى الحديدة اليمنية، في أكبر تصعيد عسكري تشهده المحافظة المطلة على البحر الأحمر.
ودفعت هذه الحشود القتالية غير المسبوقة والتي تتدفق منذ منتصف الشهر الجاري، بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة لكسر صمت طويل، يعد الأول من نوعه، اتهمت فيه مليشيات الحوثي بشكل صريح بتكثيف الوجود المسلح والمساهمة في التصعيد عسكريا.
موقف أممي غير مسبوق
صدور الموقف الأممي شديد اللهجة وتحديده للحوثيين لأول مرة لم يأت -بحسب مراقبين- إلا تأكيدا لحقيقة تحول محافظة الحديدة (غرب اليمن) وموانئها الحيوية لقاعدة إيرانية عسكرية متقدمة، للتحكم بأمن البحر الأحمر وابتزاز العالم.
وبحسب مصادر محلية وعسكرية يمنية لـ “العين الإخبارية”، فإن الحشود المسلحة للحوثيين تستهدف استعراض القوة القتالية برا وبحرا، وعرضا دعائيا للطائرات المسيرة، ضمن تهديد إيراني باتخاذ البحر الأحمر ساحة حرب، انطلاقا من الحديدة وفي رسالة تحد لسلام اليمن.
وفيما أشارت المصادر إلى أن مليشيات الحوثي تسعى بتنسيق خبراء الحرس الثوري الإيراني، لإنشاء غرفة اتصالات وعمليات متقدمة في مديرية “الدريهمي”، جنوبي الحديدة، أكدت شهادات لأسرى حوثيين وقعوا في قبضة القوات المشتركة إلى اتخاذ المليشيات مزارع المحافظة الشرقية معسكرات للحشد والتسليح.
آخر مسمار بنعش اتفاق الحديدة
من المتوقع أن تقيم مليشيات الحوثي اليوم الأربعاء أو خلال الأيام المقبلة العرض المسلح والقتالي، في مدينة الحديدة، بمشاركة قوات المليشيات البحرية، التي يقودها الإرهابي منصور السعادي؛ المصنف على لائحة العقوبات العالمية لتضع آخر مسمار في نعش اتفاق الحديدة، وفق مراقبين.
وقالت مصادر عسكرية لـ”العين الإخبارية”، إن مليشيات الحوثي استقدمت ترسانة ضخمة من السلاح وأكثر من 100 كتيبة قتالية والتي تتألف من آلاف العناصر المدججة بالأسلحة من صنعاء ومحافظات أخرى إلى الحديدة.
وشاهدت المصادر شاحنات وحافلات نقل جماعي، تقل عناصر، فضلا عن دوريات مدججة بالمدافع المتنوعة وآليات قتالية تتدفق باستمرار إلى مدينة الحديدة، منذ منتصف أغسطس/ آب الجاري.
وتوقعت المصادر تنفيذ الحوثي استعراض ترسانته في منصة “ساحة العروض” في المدخل الجنوبي للحديدة إثر ما شهدته من تجهيزات واسعة قبل أيام، فيما توقعت مصادر أخرى أن يقام العرض المسلح في القاعدة البحرية في الكثيب على البحر الأحمر بحضور كبير القادة العسكريين يوسف المداني المطلوب الثامن في قائمة الـ 40 إرهابيًا للتحالف العربي، والمصنف بلائحة الإرهاب.
وأوضحت المصادر أن الحوثيين استكملوا نهب الزوارق المدنية في ميناء الحديدة، وعمدوا لتحويلها إلى مراكب مسلحة للمليشيات البحرية، التي تحتشد في ساحل “الكثيب” في الحديدة قرب القاعدة البحرية.
كما امتدت مليشيات الحوثي إلى قوارب إنقاذ كانت تابعة لوزارة الزراعة والثروة السمكية، بعد أن صادرتها وأضفت عليها تعديلات وأحالتها إلى مراكب قتالية بحرية، استعدادا للاستعراض بها، ضمن ترسانتها القتالية.
معسكرات ومخابئ أسلحة
قالت مصادر “العين الإخبارية”، إن مليشيات الحوثي نقلت عديد الآليات الثقيلة والمتطورة من مزارع كثيفة الأشجار، كانت تستخدمها كمخابئ إلى شوارع مدينة الحديدة منها دبابات وعربات قتالية، نشرتها بمعسكر الأمن المركزي وشوارع جمال والمهندسين والتسعين.
وتعد عسكرة الحوثيين للمزارع في الحديدة من الجرائم المزدوجة التي تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي الإنساني، باعتبارها أعيانا مدنية، وتستغل السلام الأممي كغطاء لتوسيع الأنشطة العسكرية.
شهادات الأسرى تكشف المستور
ووفقا لشهادات أسرى حوثيين، فإن المليشيات تتخذ عشرات المزارع في الحديدة لا سيما في مديريات باجل والجراحي ووادي سهام معسكرات للتحشيد والتدريب والتسليح.
ونشر الإعلام العسكري للقوات المشتركة، أمس الثلاثاء، مقطعا مصورا ضم اعترافات 3 عناصر حوثية أسرى وعنصرين آخرين ضمن شبكات وخلايا قطع ونهب وعبوات ناسفة، بعد أن ضبطتهم شعبة الاستخبارات العامة في الساحل الغربي لليمن في عمليات أمنية نوعية.
أحد الأسرى يدعى “سيف إبراهيم يحيى سالم حمدين” ويكنى “أبو بدر” جندته مليشيات الحوثي عام 2017، من مديرية الجراحي جنوبي الحديدة، وكشف في شهادته عن تنقله في عديد المزارع الذي تحولت إلى معسكرات منذ استقطابه، وحتى تسليحه وزجه في جبهات غربي اليمن.
وذكر الأسير الحوثي في مقطع مصر تابعته “العين الإخبارية” أن القيادي الحوثي “أبو فاروق شوقي حمدين” جنده للانخراط في اللواء الثالث بقيادة المدعو “أبو نبيل سفيان”، حيث تلقى في البداية دورة “استقطابية” في المزارع في باجل، التي باتت معسكرا مغلقا لمدة 25 يوما.
وتلقى الأسير المغرر به، دورة قتالية 20 يوما على استخدام سلاح كلاشنكوف إلى مدفع الرشاش 7/12 تحت إشراف قيادي حوثي ينحدر من معقل المليشيات الأم: صعدة؛ ويدعى أبو أمير.
واعترف بتلقيه دورة “ثقافية طائفية” في مدينة الحديدة ثم نقله إلى مزرعة يتخذها الحوثيون معسكرا في مديرية الجراحي، في ريف الحديدة الجنوبي تعرف بـ”مزرعة محمد سيف” ليتم تسليحه مع العناصر المجندة قبل أن يزج بهم في جبهة “حيس” أقصى الجنوب الشرقي للمحافظة.
ولفت إلى أن مليشيات الحوثي أعادته لتلقي دورة طائفية أخرى في ساحل “الكثيب” في الحديدة، قبل أن ترميه لمدة 9 شهور في جبهة “التحيتا” ضمن كتيبة يقودها قيادي ميداني حوثي يكنى بـ “أبو فاروق”.
كما نقلته مليشيات الحوثي ضمن تعزيزات إلى جبهة الجوف، شرقي اليمن، قبل أن توكل إليه المليشيات مهمة اختراق المناطق المحررة عبر التسلل على دراجة نارية قبل أن يقع في قبضة المقاومة الوطنية.
أسير حوثي آخر يدعى “عبد المجيد عبدالله جابر القليصي”، وينحدر من مديرية زبيد في محافظة الحديدة، تحدث عن بداية عمله مع مليشيات الحوثي، بتجنيده في مهمة حفر الخنادق الترابية مقابل مبلغ مالي.
وأشار إلى أن مشرفا حوثيا يعمل في التجنيد يدعى “عادل جوبيلي” جنده للانخراط في لواء يقوده القيادي الحوثي محمود الأنسي، الذي كان يتخذ إحدى المزارع في باجل، شرقي الحديدة، معسكرا لحشد المقاتلين.
واعترف الأسير الحوثي أن المليشيات نقلته مع آخرين من الحديدة إلى أحد المساجد في صنعاء؛ قبل أن يتم نقلهم إلى منطقة جبلية لأخذ دورة قتالية لمدة 3 شهور وضمت الجانب الثقافي وتدريبات على حرب الشوارع وزراعة الألغام والتمويه لتجنب الضربات الجوية.
وأشار في شهادته التي تابعتها “العين الإخبارية”، إلى أنه بعد استكمال الدورة شارك في “عرض عسكري بحضور قيادات كبيرة من مليشيات الحوثي قبل أن يتم إعادته إلى الحديدة وتحديدا إلى مزرعة في باجل حولها الانقلابيون إلى معسكر تسليح المجندين المستجدين”.
وعن خوضه المعارك، تحدث عن مشاركته مع 6 مجاميع، تضم كل مجموعة 7 عناصر في الهجوم على بلدة كيلو 16 جنوبي الحديدة وكان مع العناصر الأخرى يتعمدون اتخاذ المنازل في القرى كثكنات عسكرية.
الحوثي.. لا جنوح للسلام
يرى مسؤولون وحقوقيون يمنيون تصعيد مليشيات الحوثي بما فيه التحشيدات غير المسبوقة للحديدة، والهجمات في تعز، أنه تصعيد عدائي صريح يبعث برسالة للمجتمع الدولي أنه لا نية للسلام لدى الانقلابيين.
وكتب رئيس مؤسسة رصد للحقوق والحريات في اليمن مجاهد القب، أن “مليشيات الحوثي تضرب باتفاقية ستوكهولم عرض الحائط، وأنها لا تريد إيقاف الحرب ولا نية لها في السلام على الإطلاق”.
الحقوقي اليمني، أكد أن الحوثي يعمل كذراع إيرانية/ وهذا ما يريد بعثه للمجتمع الدولي من الاستعراض الذي يعتزم تنفيذه.
في الصدد، طالب رئيس البرلمان اليمني الشيخ سلطان البركاني، المبعوث الأممي الى اليمن هانس غروندبرغ بمصارحة العالم بالحقائق وبتعنت الحوثي ورفضه للسلام.
وقال البركاني خلال لقائه المبعوث مساء أمس الثلاثاء، إن “الحوثي لازال يفكر بوسائله العدوانية وليس شريكاً في صناعة السلام كما أنه ليس من خياراته”، داعيا المبعوث والمجتمع الدولي “لتحمل مسؤولياته في ردع الحوثي وإيران إثر دفع الشعب اليمني ثمناً باهظاً لمغامراته”.
كما تحدث البركاني عن ما حدث من هجوم عسكري خلال اليومين الماضيين على تعز، بغرض إغلاق الشريان الوحيد للمدينة وهو طريق الضباب الموصل الى العاصمة المؤقتة عدن، كدليل آخر على تصعيد الحوثيين ضد السلام.
وكانت البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة نددت على حسابها في “تويتر”، مساء الثلاثاء، بما وصفته “المظاهر العسكرية الكبيرة” في الحديدة، وطالب مليشيات الحوثي بإخلاء المدينة من المجاميع المسلحة واحترام ما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم أواخر 2018.
وتسري في اليمن هدنة إنسانية دخلت في 2 أبريل/نيسان الماضي حيز التنفيذ، فيما تخضع الحديدة وتعز بشكل خاص لاتفاق ستوكهولم، ورغم التزام الحكومة اليمنية والتحالف بالهدنة والاتفاقات المبرمة، إلا أن الحوثي تنصل عنها ووصل بجرأة نشاطه العسكري والإرهابي.