خلدون الشرقاوي
صحفي مصري
في ظل حالة الانشقاق التي تعصف بالتنظيم، شرعت جبهة نائب المرشد العام والقائم بالأعمال، إبراهيم منير، في تشكيل لجنة مصغرة، مهمتها التواصل مع السلطات المصرية، من أجل إتمام المصالحة. وفي تونس، تواصل حركة النهضة الاستثمار في الأزمة الاقتصادية، الناجمة عن تداعيات وباء “كوفيد – 19″، والحرب الروسية الأوكرانية؛ حيث حمّلت الحركة السلطة مسؤولية الفشل في التصدي لغلاء الأسعار. وفي المغرب، يواصل حزب العدالة والتنمية المغربي (المصباح)، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، سياسة سكب الزيت على النار، وتأجيج الموقف بين بلاده وتونس؛ لتحقيق شعبية جماهيرية، وإظهار التماهي مع القصر.
إخوان مصر وطريق التنازلات
يبدو أنّ جماعة الإخوان باتت على موعد مع تقديم المزيد من التنازلات، ففي ظل حالة الانشقاق التي تعصف بالتنظيم، أكدت تقارير أنّ جبهة إبراهيم منير، شرعت بالفعل في تشكيل لجنة مصغرة، مهمتها التواصل مع السلطات المصرية؛ من أجل الوصول إلى اتفاق مصالحة، يتم من خلاله الإفراج عن أعضاء الجماعة وقياداتها، في مقابل تجميد العمل السياسي للإخوان في مصر بشكل نهائي.
من جهة أخرى، كشفت أوراق القضية 162 أمن دولة عليا، التي ينظر فيها القضاء المصري حالياً، جانباً مهماً من النشاط المالي للإخوان، وحالة الاستقطاب الحاد بين جبهتي التنظيم في لندن وإسطنبول؛ حيث تعتمد الجبهتان على ضخ الأموال؛ لشراء ولاء القيادات الوسيطة، وضمان الهيمنة على قواعد التنظيم.
كان المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، قد أحال أوراق القضية إلى محكمة الجنايات، بعد ثبوت تورط 18 قيادياً إخوانياً في قضايا ممارسة العنف وتهريب أموال، وعلى رأس هؤلاء يأتي محمود حسين ومدحت الحداد.
إخوان تونس في مهب الريح
مع تواتر الأنباء حول محاولة راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الهرب إلى خارج البلاد، نفى ماهر المذيوب مساعد الغنوشي، ما وصفه بـ”الشائعات” حول تردي صحة الغنوشي، وسفره خارج تونس.
المذيوب لفت إلى أنّ الغنوشي شارك “طيلة يوم السبت 3 أيلول (سبتمبر) الجاري في أعمال الدورة الـ60 لمجلس الشورى لحركة النهضة التونسية”. مضيفاً أنّه يواصل عمله على مدار الساعة “للمساهمة في حلحلة الأزمة الدستورية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة، التي تعيشها تونس منذ الانقلاب على الدستور”، بحسب مزاعمه.
وتابع: “لا يخطط الغنوشي حالياً للسفر، وحالته الصحية بألف خير، وكل جهوده الدبلوماسية البرلمانية أو الحزبية تنكب على المساهمة في دعم استقرار البلاد، واسترجاع الديمقراطية، وحماية مصالح الشعب التونسي، والمساعدة في إنقاذ تونس من أخطار المجاعة والإفلاس والفوضى”.
حركة النهضة حاولت الاستثمار في الأزمة الاقتصادية، الناجمة عن تداعيات وباء “كوفيد – 19″، والحرب الروسية الأوكرانية؛ حيث حمّلت الحركة السلطة مسؤولية الفشل في التصدي لغلاء الأسعار، وفقدان السلع في الأسواق.
الحركة أدانت ما وصفته بــ “إصرار السلطة على توجيه التهم ونسبتها للمجهول، في إشارة للمعارضين والمخالفين رغم علم الجميع بأنّ الدواوين المعنية بتوفير هذه المواد، تفتقد للاعتمادات المالية الضرورية لاقتنائها”. وحذر البيان من “خطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية، وتداعياتها في خلق ضغوطات متزايدة على المواطنات والمواطنين في شتى المستويات المعيشية”. وزعمت الحركة أنّها ستواصل نضالها “إلى جانب كل القوى الحية من أجل إنهاء الأزمة السياسية والتصدي لحكم الفرد”.
ويبدو واضحاً إصرار حركة النهضة على التنصل من مسؤولياتها عن تردي الأوضاع، بعد عشرية هيمنت فيها على السلطة، وقادت البلاد إلى حالة من الانسداد السياسي غير المسبوق، ما نتج عنه أزمات اقتصادية واجتماعية، تحاول الدولة تجاوزها، بعد الإطاحة بحكم الإخوان.
إخوان المغرب وسياسة استثمار الأزمات
على الرغم من الجهود العربية والأفريقية، الرامية إلى احتواء الأزمة السياسية التي نشبت بين تونس والمغرب، الناجمة عن استقبال الرئيس التونسي، قيس سعيّد، لزعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، خلال القمة اليابانية الأفريقية، التي احتضنتها تونس أواخر الشهر الماضي، يواصل حزب العدالة والتنمية المغربي (المصباح)، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، سياسة سكب الزيت على النار، وتأجيج الموقف بين البلدين الشقيقين؛ لتحقيق شعبية جماهيرية، وإظهار التماهي مع القصر.
وفي هذا السياق الانتهازي، استنكر عبد الإله بنكيران، الأمين العام للمصباح، الموقف التونسي، لافتاً أثناء مشاركته في جنازة الفنان المغربي فتح الله المغاري، إلى أنّ “الطريقة التي استقبل بها الرئيس التونسي قيس سعيّد، زعيم الانفصاليين، فجة وغير مستساغة”. وهو ما لم تقدم عليه الجزائر نفسها، رغم موقفها الداعم للانفصاليين.
وفي أسلوب يظهر الحرص على ممالأة القصر، قال بنكيران إنّ “الملك محمد السادس، اختار زيارة تونس؛ حينما كانت تعاني من تبعات الهجمات الإرهابية”. ناسباً لنفسه الفضل في إتمام تلك الزيارة، أثناء رئاسته للحكومة قائلاً: “حينما كنت رئيساً للحكومة، طلبت من سيدنا أن يزورهم، فاستجاب، وقضى عشرة أيام بتونس، حينما كانت تعاني من تبعات الهجمات الإرهابية”. مضيفاً ما اعتبره البعض لوناً من ألوان النفاق: “لا أخفيكم أنّني خشيت على سلامته (يقصد الملك)، حينما كان في تونس؛ بسبب الوضعية الأمنية التي كانت تعيشها، خاصة أنّه كان يتجول في شوارع العاصمة التونسيّة وسط حراسة مخففة”.
المصدر حفريات