منير أديب
جماعة الإخوان المسلمين لها دوائر اتصال بالدول التي تشهد صراعًا مسلحًا، سواء في ليبيا أو سوريا أو اليمن، ومن قبل في أفغانستان.
فالتنظيم بمثابة خزان إرهابيين لكل الدول التي تشهد صراعًا أو التي تسعى الجماعة لتحويلها إلى بؤرة صراع ملتهبة.
الاتهام الذي وُجّه إلى راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإخوانية في تونس، وآخرين، بدعم التنظيمات المتطرفة عبر تسهيل سفر بعض الشباب التوانسة إلى سوريا والعراق، لم يكن خروجًا عن سياق حركة “النهضة” ولا عن التنظيم الذي انبثقت عنه، فقد كان “الغنوشي” من أوائل المبادرين بدعم الاضطرابات في المنطقة العربية.
موقف الإخوان معلن فيما يتعلق بدعم التنظيمات الأكثر تطرفًا أو عابرة الحدود والقارات، بدءًا من تنظيم “القاعدة”، مرورًا بتنظيم “داعش” الإرهابي، وانتهاء بالتنظيمات المحلية والإقليمية في العديد من البلدان، إذ سبق وأعلن “الغنوشي” تأييده المليشيات المسلحة في كامل الأراضي الليبية في مواجهة الجيش الوطني الليبي.
وأعلن محمد البلتاجي، أحد قيادات الجماعة في مصر، عام 2012، تأييده إرهاب “داعش” عندما علّق “بالصوت والصورة” عن التفجيرات والاغتيالات التي قام بها التنظيم في مصر بأن “هذا الذي يحدث في سيناء سوف يتوقف في اللحظة التي يعود فيها الرئيس المعزول محمد مرسي إلى السلطة”!
لم يكن هذا موقف الإخوان الوحيد في دعم “داعش” والتوافق مع إرهابه، فقد رفض محمد مرسي عام 2012، حين كان رئيسا لمصر، التوقيع على تنفيذ أحكام الإعدام على عناصر ما سُمي “جماعة التوحيد والجهاد”، الذين نفذوا عمليات إرهابية في سيناء.
ورفض الإخوان إدانة مقتل الشهيد محمد مبروك، ضابط الأمن الوطني في مصر، في نوفمبر من عام 2013، والتي تمت على يد إرهابيي “داعش”، ما يعني موافقة الجماعة على ذلك، فضلًا عن أن التنظيم الإرهابي برر هجومه في أكثر من تسجيل مرئي بأنه ردًا على ثورة 30 يونيو عام 2013 ودور أجهزة الأمن في حماية الشعب وثورته للتخلص من الإخوان.
من أهم صور الدعم، التي قدمها تنظيم الإخوان الإرهابي لتنظيم “داعش” الإرهابي، هو الدفاع عن خطابه في وسائل الإعلام المملوكة له، حيث التزم الإخوان وصف هؤلاء الإرهابيين بـ”تنظيم الدولة الإسلامية”، وكأن الإخوان يعترفون صراحة بالمملكة المزعومة التي أقامها “داعش”.
لم تكن هذه هي صورة الدعم الوحيدة التي قدمها الإخوان لتنظيم “داعش” الإرهابي، فقد وفرت الجماعة المقاتلين للتنظيم الإرهابي، فكثير من العمليات التي قام بها “داعش” كان منفذوها ينتمون للإخوان في وقت ما من حياتهم، كما جاء على لسان أصحابها في التسجيلات المرئية التي أعقبت تنفيذ العمليات الإرهابية، وقد سجلها أصحابها بالطبع قبل تفجير أنفسهم.
ولا يفوتنا ذكر اعتصام الإخوان المسلح في ميدان “رابعة العدوية” في العاصمة المصرية، إبان ثورة 30 يونيو الشعبية ضد حكم الإخوان، على مدار 44 يومًا، إذ تجمعت في هذا الاعتصام تشكيلة من الإرهابيين على كل لون، ما جعلهم يشكلون ما يشبه العصابات المسلحة، التي حاولت مواجهة السلطات في مصر ومواجهة الشعب المصري نفسه بالسلاح فيما بعد، فيما مثّل خطاب التنظيم على منصة الاعتصام المسلح أكبر دعم للحركات الإسلاموية المتطرفة، وبخاصة عابرة الحدود والقارات.
كل الذين تدربوا على يد الإخوان وخرجوا من جوفه مارسوا العنف في المنطقة العربية على مدار أكثر من خمسة عقود، واستمر دعم الإخوان متواصلًا حتى انتقل خزان التطرف الإخواني إلى سوريا والعراق، حيث بدأ “داعش” يعلن عن نفسه.
خطر الإخوان ليس في ممارسة تنظيمهم العنف، فهذا ثبت بشكل صريح عبر إنشائهم مليشيات مسلحة مثل “حسم ولواء الثورة” الإرهابيتين، لكن الأخطر دعمهم الإرهاب العالمي، أي دعم التنظيمات الأكثر تطرفًا كـ”القاعدة” و”داعش”، وهو ما خلق مثلثًا للإرهاب والدم يحيط منطقتنا العربية.
التحقيق في تسهيل تسفير بعض الشباب العربي لمناطق الصراع في سوريا والعراق من قبل الإخوان في تونس، ربما يفتح باب دعم الإرهاب العالمي، الذي تقوده الجماعة منذ عقود، فكل التنظيمات الإرهابية بمثابة ذراع عسكرية تستخدمها جماعة الإخوان وتوظفها في قتل الخصوم ونشر الفوضى وضرب استقرار بلدان المنطقة والعالم وقتما تريد.
نقلاً عن “العين” الإخبارية