أحمد الصراف
لو كنت أملك الوقت لتفرغت لدراسة حياة رجل الدين المصري، المثير للجدل والأسى والاسف، «يوسف القرضاوي»، الزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين، وكيف استطاع، والعشرات من أمثاله، بلوغ تلك القمة من الشهرة و«الاحترام»!! والثراء.. ورغد العيش!
مات الرجل تاركا وراءه أكثر من 170 مؤلفاً ورسالةً ومئات الفتاوى لم تستفد أمة الإسلام بحرف منها، لا في التقدم علميا ولا طبيا ولا اقتصاديا، والعكس صحيح. كما لم تساهم كل خطبه، على مدى أكثر من 70 عاما في فتح مدرسة نموذجية واحدة، أو مختبر علمي يتيم، فهو كغيره اكتفى بالدوران في الساحة والحلقة نفسها وتكرار الحديث عن موضوعات قُتلت بحثا على مدى أكثر من ألف عام! فلا تفسيراته زادت الأمة علما، وربما كان غيابها سيقلل من جهلها!
القرضاوي ظاهرة مرعبة بالفعل، ليس بشخصه ومعارفه، بل بما نجح في استخدامه من نصوص، بعد ليّ أعناقها، وإيلاجها تاليا، كآراء صحيحة، لعقول ملايين المسلمين، ودفع الجهلة والسذج منهم لترك أعمالهم وواجباتهم وأسرهم والالتحاق بقوى إرهابية ومحاربة أنظمة خارج حدود بلادها على بعد آلاف الأميال، لتلقى حتفها في أرض مجهولة ولسبب مجهول، ودون أن يعرف أحد أين تبعثرت أشلاؤها، وكل هذا يبين بجلاء أن الرجل لم ينفع أمة الإسلام بعلمه، فالعلم الذي يضر ويخرب ويميت ليس بعلم بل مجرد تعصب مقيت لا يهدف لغير الخراب، وفائدته الوحيدة كانت لصاحبه، حيث وفر له عيشة باذخة في رفاهيتها، ومكن أبناءه من مشاركته في التمتع بتلك الرفاهية، غير فرص العيش الآمن، والدراسة في أرقى الجامعات الغربية، مقابل حرق قلوب عشرات آلاف الأمهات.
وكانت الفتوى التي أصدرها والتي «سمح فيها» بالقيام بعمليات انتحارية واحدة من أسوأ فتاواه، لكنه قام تاليا، وبعد كل ما تسببت به من آلام، لسحبها، معلنا، بكل برودة أعصاب، «أنه غير رأيه»، أو فتواه، وعدم اقتناعه بالعمليات الانتحارية.. لكن شعوبنا الجاهلة، التي لا تقرأ، استمرت في شبه عبادتها لآرائه.. وفكره!
السؤال الذي يتبادر للذهن في هذه المناسبة يتعلق بسر استمرار قوة الإخوان المسلمين، على الرغم من انحسار نفوذهم في كل مكان تواجدوا فيه، سواء في الخليج، شمال أفريقيا أو أوروبا وغيرها، وهزال فكر من يمثلهم، وتكرار خيانتهم للحكومات التي سبق أن احتضنتهم، علما بأن غالبية قيادات الإخوان، سبق أن وقفت مع صدام في غزوه للكويت، أو على الأقل كانت معارضة بقوة لدخول قوات غربية كافرة لتخليص الكويت من براثن صدام القذرة. كما كان للإخوان دور واضح في ثورات الربيع العربي، التي كانوا يسعون لأن تكون الكويت إحدى ساحاتها، لولا يقظة القيادة حينها، ومع هذا لم يتم «تخوينهم» في الحالتين وفي غيرهما من حالات «الغدر»! كما لم يدرج غالبية قيادات الإخوان في الداخل ضمن قوائم الإرهاب، كما في بقية دول العالم، وما زالت أذرعهم المالية تعمل بحرية، بعد أن حولوها لأصول غير منقولة، خوفا من المصادرة، بالرغم من الصفعة القوية التي تلقوها عندما رفعت أيديهم عن ملكية أحد أكبر المصارف الإسلامية، ولكنهم ما زالوا يشكلون قوة اقتصادية يحسب حسابها، ولا تزال مخرجات مدارس التربية ترفد تشكيلاتهم بكم من الموالين الذين نجحت مناهج التربية والتعليم، الإخوانية في غالبها، في غسل أدمغتهم.. الجواب عن السؤال يكمن في مكان آخر غير هذا المقال!
نقلاً عن “القبس”