محمد بن فيصل
كاتب يمني
في آذار (مارس) من العام 2022، وللمرة الأولى بعد عامين من توقف النشاط الإعلامي والعسكري لتنظيم داعش في اليمن، نشر الإعلام الرسمي للتنظيم صوراً لما وصفها بـ “بيعة جنود الخلافة في اليمن” لزعيم داعش الجديد أبو الحسن الهاشمي القرشي [1].
وفجأة في 10 تموز (يوليو) تبنّى تنظيم داعش عملية انتحارية ضد موكب لقيادات حوثية في منطقة عفار بمحافظة البيضاء وسط اليمن، وبحسب ما جاء في البيان الرسمي للتنظيم، فإنّ منفذ العملية الانتحارية يُدعى “كرّار المهاجر”[2]، وبحسب مصادر خاصة، فإنّ الحوثي طوّق المنطقة ومنع الدخول إليها والخروج منها أياماً بعد العملية، ويأتي هذا وسط تكتم شديد من إعلام الحوثي.
وتُعَدُّ هذه العملية الأولى بعد توقف تنظيم داعش في اليمن ما يُقارب من عامين، وذلك منذ مقتل زعيمه في اليمن “أبو الوليد العدني”، ففي آب (أغسطس) من عام 2020 تقدمت قوات ميليشيات الحوثي وسيطرت على مواقع تتبع تنظيم داعش بمديرية قيفة بمحافظة البيضاء، وبعد أيام من الاشتباكات حاصرت ميليشيات الحوثي منطقة (الحميضة) بقيفة العليا، فقام زعيم “داعش” في اليمن رضوان حسين قنان، المعروف بـ “أبو الوليد العدني” بتفجير نفسه بحزامه الناسف، وهُنا كانت نهاية التنظيم في اليمن، بعد أنّ مر بعدد من الخلافات والانشقاقات والتصفيات الداخلية التي عصفت بالتنظيم، فجعلت منه عصابات يقتل بعضها بعضاً، ومنذ التأسيس والظهور الأول لتنظيم داعش في اليمن قام على أسماء مُنشقة عن تنظيم “القاعدة”، مثل أبو سليمان (نشوان) العدني، الذي عُرف أخيراً بـ “أبي أسامة المهاجر”، وأبو بلال الحربي، ومصعب الأزدي، وأبو الحسن الهاشمي العدني، ومأمون حاتم الذي انشقَّ بعد ذلك وعاد مرة أخرى إلى تنظيم “القاعدة”، وأبو محمد النجدي، وأبو الوليد العدني، وخيبر السوداني، وإبراهيم العدني، وأبو علي الصيعري؛ وهذا ما جعل الخلافات على أشدها داخل التنظيم في اليمن، فكلٌّ يسعى إلى السيطرة والقيادة، وكلٌّ يرى نفسه أولى من غيره بالقيادة، إضافةً إلى تغلغل الجواسيس بينهم، الذي كان له الدور الأبرز في تفتيت التنظيم من الداخل، وإشعال نيران الخلافات.
القبض على قيادات بارزة في تنظيم داعش
وبعد أيام قليلة من تبنّي تنظيم داعش العملية الانتحارية ضد ميليشيات الحوثي، أعلنت الجهات الأمنية في وادي حضرموت القبض على قيادات وعناصر في تنظيم داعش[3]، منهم القيادي البارز أبو محمد المدني، إدريس محسن المرفدي، وقد ولي مناصب كثيرة داخل التنظيم كان أبرزها تعيينه نائباً للأمن العام بقيفة، وكذلك القيادي البارز عبادة العدني، صالح عاشور عبود فجيج، قائد كتيبة المدفعية في التنظيم، وقد ظهر في عدد من الإصدارات المصورة للتنظيم[4]، وتُعَدُّ هذه العملية الأمنية ضربة قوية لتنظيم داعش، وخصوصاً أنّ التنظيم في بداية الطريق للعودة.
تنظيم داعش يعود مجدداً
بحسب مصادر خاصة، فإنّ التنظيم أعاد ترتيب نفسه وهيكلة صفوفه هيكلة جيدة، وبنى جهازاً أمنياً قوياً جداً، خلال عامين من العمل والتدريب جعلت التنظيم يجتاز كُلَّ العقبات والصعوبات، كما أنّ التنظيم يكون قد تخلص من القيادات المتصارعة في داخله، فبعضها قبض عليه وبعضها الآخر قد قُتل، وبذلك يكون التنظيم قد تخلص من أبرز أسباب الفشل التي قادته إلى الهاوية وخسارة المعركة مع كلّ خصومه.
بعد دراسة وبحث امتدا أشهراً، أشارت المعلومات والمعطيات والمصادر إلى أنّ الشخصية الأبرز والأقوى في التنظيم هو أحمد بن هرهرة، المعروف بـ “أبو همام اليافعي”[5]، كما أنّه الأكثر خبرة من بين كل الموجودين، وقد عمل مسؤولاً عن التصنيع في التنظيم، وولي مناصب عديدة ومهمة ومركزية.
إلا أنّ المصادر الخاصة قد فاجأتني بأنّ القيادة المركزية في العراق والشام قد عيَّنت شخصاً آخر والياً لولايات اليمن زعيماً لـ “داعش” في اليمن، يوجد شُحّ في المعلومات عن شخصية والي ولايات اليمن الحاليّ، إلا أنّه شاب في الثلاثينيات، طموحٌ جداً، يُخطط للسيطرة على المُكلّا، يتمتع بحيوية ونشاط، ويعود ذلك إلى أنّ شخصيته غير معروفة، ولم يكن له أيّ ظهور أو منصب سابق، وهذا ما يجعله يتنقل بأريحية. وفي العامين الماضيين سعى لترتيب صفوف التنظيم، وأعاد الهيكلة بشكل متين ودقيق وسريّ للغاية، بحيث إنّ قيادات التنظيم لا يعرف بعضهم البعض.
مناطق وجود تنظيم داعش
بعد مغادرة عناصر تنظيم داعش من قيفة والبيضاء بشكل عام، اتخذ التنظيم من وادي حضرموت أوكاراً، إلا أنّه هذه المرّة وزّع القيادات والأفراد بشكل منفرد بين القرى والمناطق والمُدن، وبحسب مصدر مطلع، فإنّه لا يوجد أيّ تجمع أو معسكرات للتنظيم حالياً، كما أنّ المصادر الموثوقة تُشير إلى وجود بعض قيادات التنظيم في محافظة شبوة ومحافظة مأرب بشكل منفرد ومتفرق، كما أنّ للتنظيم وكراً يحتضن عدداً من القيادات والعناصر بمديرية التُربة جنوب شرق محافظة تعز.
ويُقدّر عدد عناصر التنظيم بين (200) و(300)، إلا أنّ التنظيم يمرّ بأزمة مالية، وهذا ما جعله يوقف النفير في هذه الفترة، وفي حال توفر الدعم، بحسب المصادر، فإنّ الأعداد قد تصل إلى الآلاف خلال عام، وذلك بتواصل أعداد كبيرة راغبة بالنفير مع مسؤولي التنظيم.
التنظيم حالياً ينشط في الرصد والترتيب لما قبل العاصفة، إن صح التعبير، ومع أنّ التنظيم استطاع أنّ يُعيد ترتيب صفوفه، إلا أنّه يمرّ بأزمة مالية خانقة تجعله معوَّق الحركة، فهل سيأتي الداعم ويصل الدعم؟ وهل سيجد التنظيم طريقة لاستخراج الأموال؟
هوامش:
[1] https://t.co/TZTeIDZzqE
[2] صحيفة النبأ العدد (347)، صفحة (1).
[3] https:///arab-and-world/yemen/2022/07/18/ اليمن-القبض-على-قادة-بارزين-بتنظيم-داعش-في-حضرموت
[4] https://t.co/tPXWqz6HuG
[5] ظهر في إصدار مرئي لداعش (أسمى الجود) – ولاية البيضاء.
المصدر حفريات