كريتر نت – العرب
أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابلة مع شبكة “سي.أن.أن” الثلاثاء أنّه “ستكون هناك عواقب” على السعودية بسبب قرارها في إطار تحالف أوبك+ النفطي الأسبوع الماضي خفض حصص الإنتاج، فيما اعتبر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان القرار بأنه اقتصادي بحت.
ولم يكشف بايدن، خلال مقابلة مع جيك تابر المذيع في “سي.أن.أن”، عن الخيارات التي يدرسها، لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير قالت إنه سيتم إجراء مراجعة للسياسة دون أن تحدد جدولا زمنيا لاتخاذ إجراء. كما لم تكشف عن معلومات حول من سيقود عملية إعادة التقييم.
وأضافت جان بيير أن الولايات المتحدة ستراقب الوضع عن كثب “خلال الأسابيع والأشهر المقبلة”.
وفي وقت سابق الثلاثاء قال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إنّ الرئيس يريد إجراء “إعادة تقييم” للعلاقة بين واشنطن والرياض بعد هذه الصفعة الدبلوماسية السعودية للولايات المتّحدة.
وأضاف كيربي لشبكة “سي.أن.أن” أنّ “في ضوء التطورات الأخيرة ومقرّرات أوبك+، يعتقد الرئيس أنه يتعين علينا أن نجري إعادة تقييم للعلاقات الثنائية مع السعودية”.
وأشار إلى أنّ الهدف من هذه المراجعة هو “التأكّد من أنّ العلاقة تخدم مصالح أمننا القومي”.
وأوضح أنّ بايدن “مستعد للعمل مع الكونغرس للتفكير في ما يجب أن تكون عليه هذه العلاقة في المستقبل”، مشيرا إلى أنّ الرئيس “يريد أن يبدأ هذه المشاورات الآن”.
ولفت المتحدث إلى أنّ هذه النقاشات لم تبدأ بعد، وستجرى بادئ الأمر في إطار غير رسمي.
وقال “لسنا بصدد الإعلان عن مراجعة رسمية لسياستنا مع فريق مكلّف بذلك”.
وجاءت هذه التصريحات التي تحمل نبرة غاضبة بعد يوم واحد على إعلان السيناتور الديمقراطي القوي بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أن الولايات المتحدة يجب أن تجمد على الفور جميع جوانب التعاون مع السعودية، بما في ذلك مبيعات الأسلحة.
وكان تحالف أوبك+ الذي يضم أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” بقيادة السعودية وعشر دول أخرى منتجة للنفط تقودها روسيا، قرّر الأسبوع الماضي تخفيض إنتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميا.
وشكّل قرار الكارتيل النفطي إخفاقا دبلوماسيا لبايدن الذي كان يطالب بزيادة الإنتاج، كما رأى فيها محللون انتصارا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يحتاج إلى إبقاء أسعار النفط مرتفعة لتمويل الحرب في أوكرانيا.
وفي مقابل هذه الهجمة الأميركية، تعاطت السعودية بهدوء لافت، حيث قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في تصريح لقناة العربية مساء الثلاثاء، إنّ “قرار أوبك+ اقتصادي بحت وتمّ اتخاذه بإجماع الدول الأعضاء”.
وأضاف الأمير بن فرحان أنّ “دول أوبك+ تصرفت بمسؤولية واتّخذت القرار المناسب”.
وإذ أكّد الوزير السعودي أنّ “دول أوبك+ تسعى لاستقرار السوق وتحقيق مصالح المنتجين والمستهلكين” في آن معا، شدّد على أنّ “العلاقة مع واشنطن إستراتيجية وداعمة لأمن المنطقة واستقرارها”.
وقالت السفارة السعودية في واشنطن إنّ العلاقة بين المملكة والولايات المتّحدة “إستراتيجية” و”عزّزت الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط”.
وأضافت أنّ التعاون العسكري الثنائي “يخدم مصالح البلدين”.
وكان مجلس الوزراء السعودي، الذي عقد جلسته الأسبوعية بعد ظهر الثلاثاء برئاسة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، نوه بالدور المحوري الذي تقوم به مجموعة أوبك+ في تحقيق التوازن والاستقرار في أسواق النفط العالمية.
وأوضح وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، في بيانه لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة، أن “مجلس الوزراء تطرق إلى نتائج الاجتماع الوزاري (الثالث والثلاثين) للدول الأعضاء في منظمة أوبك والدول المشاركة من خارجها”، منوها بـ”الدور المحوري الذي تقوم به مجموعة أوبك+ في تحقيق التوازن والاستقرار في أسواق النفط العالمية، وبالتالي دعم الاقتصاد العالمي”.
ويرى مراقبون أن الهجمة الأميركية المبالغ فيها ضد السعودية والتلويح بأن العلاقات مع المملكة ستواجه “عواقب”، لن يؤدّيا إلا إلى المزيد من الفتور في العلاقة بين الإدارة الأميركية والرياض، مشيرين إلى أن أي قرارات تتخذها إدارة بايدن ستعود مما لا شك فيه بالضرر على الولايات المتحدة.
ويوضح المراقبون أن ما صدر عن وزير الخارجية السعودي وقبله مجلس الوزراء السعودي من دفاع عن قرار أوبك+، يؤكد أن الرياض ماضية قدما في سياستها الرامية إلى إعلاء مصالحها الوطنية، وأنها ليست في وارد الخضوع لمنطق التهديد والوعيد.
ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة ربما تعمل على اتخاذ بعض القرارات التصعيدية مثل تجميد مبيعات الأسلحة للسعودية أو انتقاد وضع حقوق الإنسان في المملكة، فيما لا يستبعد أن تلجأ الرياض بدورها إلى مصنعين آخرين على غرار موسكو وبكين.
وكانت روسيا عبّرت قبل سنوات عن مسعاها لتزويد الرياض بما تحتاجه من أسلحة دفاعية، ومن ضمنها منظومة صواريخ أس – 400، فيما تبحث أعداد من دول الخليج تنويع مصادر التسلح.
وسيؤدي تدهور العلاقات بين الرياض وواشنطن إلى اتخاذ السلطات السعودية قرارات تتعلق بمراجعة استثماراتها الضخمة، وهو ما أشار إليه مرارا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وتأتي هذه التطورات فيما يواجه الرئيس الديمقراطي انتقادات داخلية واسعة قبل انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس، في خضم ارتفاع أسعار المحروقات وسط ضعف تجاوب منتجي النفط مع دعواته إلى رفع الإنتاج.
واضطر بايدن إلى التعامل مع ولي العهد السعودي بعد أن تعهد في حملته الانتخابية بجعل المملكة دولة منبوذة، بسبب ملف قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر 2018.