كريتر نت – متابعات
عادت قضية العبث الحوثي بالمناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم إلى الواجهة مجددا، من خلال حملة إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي أطلقها ناشطون وإعلاميون يمنيون، وكشفوا خلالها عن عملية تجريف واسعة للمناهج التعليمية قامت بها الجماعة الحوثية، وذلك عبر حشو هذه المناهج بالمضامين الطائفية وحذف واستبدال المناهج السابقة بنصوص ومفاهيم خاصة بالجماعة، يشرف على تنفذيها وزير التعليم الشقيق الأكبر لزعيم الجماعة يحيى بدرالدين الحوثي.
وعادت قضية المناهج الحوثية إلى صدارة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في اليمن، بعد أن كشف ناشطون عن قيام الحوثيين بحذف نصوص أدبية وشعرية لكبار أدباء ومثقفي اليمن المعاصرين مثل عبدالعزيز المقالح وعبدالله البردوني وآخرين، واستبدالها بنصوص لشعراء موالين للجماعة الحوثية دأبوا على مدح الانقلاب الحوثي والتغني بقياداته ورموزه وفقا لخلفيات طائفية لا تمثل ثقافة المجتمع اليمني.
وكانت قضية تغيير مناهج التعليم في اليمن إحدى أبرز نقاط الخلاف التي فجرت الصراع المسلح بين الحوثيين والرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح الذي دخل في تحالف مع الحوثيين، وعمل عبر مشاركة حزب المؤتمر على عرقلة سعي الحوثيين للتعجيل بعملية تغيير المناهج، وهو الأمر الذي خرج قبيل مواجهات ديسمبر 2017 -التي قتل فيها صالح وأمين عام حزب المؤتمر عارف الزوكا- إلى منابر المواجهة السياسة والإعلامية في ذلك الوقت بين المؤتمر والحوثيين.
ومنذ انقلابهم في سبتمبر 2014 يراهن الحوثيون على إحداث تغيير جذري في تركيبة الهوية الثقافية لليمنيين في مناطق سيطرتهم، وخصوصا فئة الأطفال والناشئين، عبر إلحاقهم بدورات للتعليم الطائفي يطلق عليها اسم “دورات ثقافية”، بالتوازي مع تغيير كافة عناصر العملية التعليمية بدءا بقيادة وزارة التربية والتعليم وإدارة المناهج التعليمية ومرورا بمدراء المدارس والمعلمين ووصولا إلى استبدال المناهج التعليمية بأخرى تمجّد قيادات الجماعة ومؤسسيها ومراجعها الفكرية، إلى جانب تغذية المقررات الدراسية بأفكار مذهبية وطائفية وسلالية، دون مراعاة حالة التنوع الشديد في المجتمع اليمني ثقافيا ومذهبيا.
وعلى وقع الجدل الدائر حول التشويه الذي لحق بمناهج التعليم في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية أعاد إعلاميون يمنيون نشْر وثيقة تعود إلى أواخر عام 2019، وتتضمن مناقصة -أعلنت عنها “جمعية قطر الخيرية” في صحيفة “الثورة” اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء- لطباعة المناهج الدراسية في مناطق سيطرة الانقلاب.
وإثر تصاعد المخاوف من تأثير المناهج الحوثية على طلاب المدارس طالب سياسيون وإعلاميون يمنيون باتخاذ موقف حازم تجاه هذه الخطوة التي تهدف إلى العبث بالهوية الثقافية اليمنية وتخريج جيل من القنابل البشرية الموقوتة.
وعن خلفيات وأهداف التركيز الحوثي على مناهج التعليم قال الكاتب والصحافي اليمني أحمد عباس إن الميليشيا الحوثية دأبت منذ انقلابها وسيطرتها على مقاليد السلطة في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لها على محاولة فرض أيديولوجيتها عبر وسائل الإعلام ومنابر المساجد وبواسطة كل الوسائل المتاحة أمامها.
وأشار عباس في تصريح لـ”العرب” إلى أن “جهود الجماعة الحوثية ركزت على التعليم، خاصة في مراحله الأولى، فبدأت بالتغيير التدريجي للمناهج الدراسية منذ اليوم الأول الذي تفردت فيه بالحكم، وبالأخص بعد الثاني من ديسمبر وانفرادها بالقرار السياسي دون وجود أي اعتراض أو حتى وجهة نظر مغايرة، وفي كل عام كانت المناهج السابقة تختفي تدريجيا، ليفاجَأ الرأي العام في اليمن بمناهج جديدة كليًّا تعبر عن مدى ضيق أفق هذه الجماعة وعدم قدرتها على قراءة الواقع السياسي في اليمن”.
وتابع عباس “يتناقل اليمنيون بكل أطيافهم على صفحات التواصل الاجتماعي كتابا للصف السابع من المرحلة الأساسية، من المفترض أنه لمادة اللغة العربية، ويتندرون على مواضيعه التي لا تمت إلى اللغة العربية وتعليمها بصلة؛ فهو عبارة عن كتاب تفوح منه الطائفية ويحض على العنف المجتمعي ويكرس وجهة نظر الجماعة ورؤيتها دون أدنى اعتبار لليمنيين باختلاف مشاربهم”.