كريتر نت – متابعات
قال المتحدث باسم الحكومة التونسية نصرالدين النصيبي إن الجزائر التي تعتمد عليها تونس في الحصول على الغاز والكهرباء لن تدخل لعبة الأسعار والتوريدات مع بلاده، وإن تونس لا تشعر بأيّ قلق في ما يتعلق بالحصول على ما تحتاجه من جارتها الغربية، في حين لم يستبعد مراقبون أن تكون تصريحات المسؤول التونسي مبنية على تطمينات جزائرية لتونس زادت جرعتها مؤخرا.
وقالت أوساط سياسية تونسية إن كلام المتحدث باسم الحكومة التونسية جاء مباشرة بعد عودة الرئيس قيس سعيد من مشاركته في القمة العربية التي احتضنتها الجزائر وبعد لقائه بالرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وهو ما يظهر أن تونس حصلت على تطمينات واضحة بأن الجزائر لن تعرّضها إلى أيّ ضغوط في موضوع الغاز.
ولا شك أن قيس سعيد قد نقل إلى تبون مخاوفه ومخاوف التونسيين في ملف الغاز من احتمالات ثلاثة، أولها أن الجزائر يمكن أن يغريها ارتفاع الأسعار وحاجة أوروبا الأكيدة إلى غازها فتلتزم بالتوريد لتونس، لكن وفق الأسعار الجديدة، وهو أمر يزيد من تعقيد الوضعية قياسا بالصعوبات التي تعيشها تونس.
ثانيها عدم قدرة تونس على الدفع بسبب النقص المؤقت في السيولة بشكل يجعل الجزائريين يترددون في ضخ الكميات المطلوبة إما كليا أو جزئيا، وهو ما قد يدفع إلى خلق حالة من التوتر الاجتماعي في حال انقطاع الغاز والكهرباء ظرفيا.
وثالث هذه الاحتمالات هو أن يدخل الغاز ورقة ضغط سياسية في مشاكل الإقليم كما حدث مع المغرب، خاصة أن تونس تسعى للنأي بنفسها عن الأحلاف، وليس من مصلحتها الانسياق وراء أيّ جهة في ظل الخلافات حول قضايا المنطقة.
وقال النصيبي الخميس إن تونس ستكون لها أولوية الحصول على الغاز من جارتها الجزائر هذا الشتاء.
وأضاف النصيبي للصحافيين “تونس لديها أولوية التزود من قبل الجارة الجزائر، كما أن المسألة ليست مرتبطة بالأسعار، وليس لدينا أيّ مشكل في التزود بالغاز”.
وجاءت تصريحات النصيبي المتفائلة بعد تصريحات من الرئيس الجزائري أكد فيها الوقوف إلى جانب تونس والحرص على مواصلة مساندتها والوقوف إلى جانبها. جاء ذلك خلال لقائه، مساء الأربعاء، مع الرئيس التونسي على هامش القمة العربية، وفق بيان للرئاسة التونسية.
وقال تبّون خلال لقائه قيس سعيّد إن “الجزائر حريصة على مواصلة مساندة تونس والوقوف إلى جانبها ودعم مواقفها”.
وأضاف أن الجزائر “متمسكة بالشراكة الإستراتيجية القائمة بين البلدين، لاسيما في ظلّ التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة والتحولات العالمية المتسارعة”.
من جانبه، عبّر قيس سعيّد عن “حرصه الثابت على مواصلة العمل سويًا من أجل تطوير هذه العلاقات النموذجية والارتقاء بها إلى مستويات أفضل، فضلاً عن المزيد من ترسيخ قيم التآزر والتضامن بين الشعبين الشقيقين”.
وتساءل مراقبون إن كانت الجزائر ستلتزم بهذه التطمينات الحيوية بالنسبة إلى جارتها الشرقية التي تعيش وضعا اقتصاديا صعبا، مشيرين إلى وعود دعم جزائرية سابقة تم التعهد بها لفائدة تونس لكن لم يتم المرور إلى تنفيذها، وأن الجزائر تلجأ إلى إطلاق هذه الوعود في المناسبات السياسية وخلال اللقاءات على المستوى الرسمي، لكن التنفيذ يظل معلقا بالرغم من رهان تونس على تلك الوعود.
ولفت المراقبون إلى أن الجزائر كانت لوّحت قبل أشهر بالضغط على تونس لدفع الديون المتخلدة أو أنها قد تلجأ إلى قطع الغاز عنها وإن كان ذلك لم يتم بشكل علني، ولكن تم نشره في وسائل إعلام محلية نقلا عن قيادات في الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، كشكل من أشكال الضغط.
وكان بلحسن شيبوب المسؤول بوزارة الطاقة التونسية قد قال في مايو الماضي إن فاتورة عمليات شراء تونس للغاز من سوناطراك الجزائرية تقدر هذا العام بنحو مليار دولار ولكنها قد تصل الى 1.5 مليار دولار في ظل الارتفاع الحاد للأسعار العالمية.
وأضاف أن فاتورة شراء الغاز الطبيعي المحلي والأجنبي قد تصل هذا العام إلى نحو 2.6 مليار دولار مقارنة مع 1.5 مليار العام الماضي.
وحذر من أن تونس لديها اتفاق لأسعار تفاضلية مع الجزائر لكن إذا تم اعتماد الأسعار العالمية فإن ذلك سيرفع الفاتورة من ثلاثة مليارات دينار متوقعة سابقا إلى 4.5 مليار دينار تونسي (1.5 مليار دولار).
وعززت تونس علاقاتها بالجزائر العام الماضي بعد أن إعلان الرئيس سعيد إجراءات 25 يوليو 2021.
وزار قيس سعيد الجزائر في وقت سابق هذا العام لعقد اجتماعات مع الرئيس الجزائري كما حضر القمة العربية التي تضمن بيانها الختامي بندا يقول إن الدول العربية ملتزمة بمساعدة بعضها البعض اقتصاديا خاصة بالنسبة إلى الدول التي تمر بصعوبات مثل تونس.