كريتر نت – متابعات
يسعى المسؤولون الأوكرانيون والغربيون لتفسير انسحاب روسيا من مدينة خيرسون على أنه خسارة إستراتيجية لروسيا تؤشر على خسائر أخرى، فيما يحاول محللون روس أن يقدموا قراءة مغايرة مفادها أن هذا الانسحاب تكتيكي ولا يعني التسليم في المدينة الإستراتيجية.
واعتبر وزير الدفاع البريطاني بن والاس السبت أن الانسحاب الروسي من مدينة خيرسون الأوكرانية يشير إلى “خسارة إستراتيجية جديدة” لموسكو، ورأى أن الخسارة ستزرع الشك في صفوف الرأي العام الروسي.
وقال والاس في بيان “الانسحاب من خيرسون الذي أعلنته روسيا يشير إلى خسارة إستراتيجية جديدة لهم”. وأضاف “حالياً ومع (هذه المدينة) التي انسحبوا منها أيضاً، يجب أن يتساءل الناس في روسيا: ما الجدوى من كل ذلك؟”.
وفي حين سحبت روسيا قواتها لتتمركز في مواقع دفاعية، اعتبر والاس أن الغزو الروسي في فبراير “لم يجلب سوى العزلة الدولية والإهانة” لموسكو.
وأضاف “تستمر المملكة المتحدة والمجتمع الدولي في دعم الأوكرانيين، وفي حين نرحب بالانسحاب لا نستخف بالتهديد الذي تشكله روسيا”.
الرئيس الأوكراني يصف استعادة خيرسون بأنها”يوم تاريخي”، والبيت الأبيض يشيد بدوره بما اعتبره “نصرا استثنائيا” لأوكرانيا
وهذا هو ثالث انسحاب روسي كبير منذ بداية الحرب.
فقد اضطرت روسيا إلى التخلي عن الاستيلاء على كييف في الربيع في مواجهة المقاومة الشرسة من الأوكرانيين قبل طردها من كامل منطقة خاركيف (شمال شرق) في سبتمبر.
وأشاد البيت الأبيض بدوره بما اعتبره “نصرا استثنائيا” لأوكرانيا بعد استعادة قوّاتها لمدينة خيرسون إثر الانسحاب القسري للجيش الروسي.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان للصحافة “يبدو أنّ الأوكرانيّين حقّقوا لتوّهم انتصارًا استثنائيًا: العاصمة الإقليميّة الوحيدة التي استولت عليها روسيا في هذه الحرب عادت الآن تحت العلم الأوكراني وهذا أمر رائع جدا”.
وكان سوليفان يتحدّث بعد دخول القوّات الأوكرانيّة إلى المدينة، في ما يُشكّل انتكاسة جديدة لموسكو بعد نحو تسعة أشهر من الحرب في أوكرانيا.
واعتبر سوليفان أنّ انسحاب القوّات الروسيّة ستكون له “تداعيات إستراتيجيّة أوسع”، بما في ذلك التخفيف من حدّة التهديد الذي تُشكّله روسيا على المدى الطويل على مُدن أخرى في جنوب أوكرانيا مثل أوديسا.
وأضاف “هذه لحظة عظيمة وهي نتيجة مثابرة ومهارة مُذهلتَين لدى الأوكرانيّين، بدعم موحّد ومتواصل من الولايات المتحدة وحلفائنا”.
وردًا على سؤال حول تقارير تُفيد بأنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بدأت الضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدفعه إلى النظر في إجراء مفاوضات مع موسكو، قال سوليفان إنّ روسيا، وليس أوكرانيا، هي التي يجب أن تُقرّر الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وأشار إلى أنّ موسكو لا تزال لديها “مُطالبات غريبة” بشأن ضمّها المزعوم لأراض أوكرانيّة على الرغم من تراجعها في مواجهة الهجمات الأوكرانيّة المضادّة.
لكن وزير الخارجيّة الأوكراني دميترو كوليبا يرى أن استعادة خيرسون أمر مهم، لكنه لا يكفي، وأن الحرب ستستمر، ما يظهر رغبة أوكرانيا في استثمار هذا “النصر” لاستعادة المزيد من الأراضي.
وقال كوليبا السبت إنّ “الحرب مستمرّة”، وذلك بعد نجاح بلاده الجمعة في استعادة مدينة خيرسون (جنوب) من الجيش الروسي.
وخلال لقاء مع رئيس الوزراء الأسترالي أنطوني ألبانيزي على هامش قمّة رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) في كمبوديا، أكد كوليبا أن أوكرانيا تواصل الكفاح من أجل تحرير أراضيها. وعزف النشيد الوطني الأوكراني في خيرسون بعد انسحاب القوات الروسية الجمعة من المدينة.
30 ألف جندي روسي تم سحبهم ونحو خمسة آلاف قطعة أسلحة وآلية عسكرية من الضفة الغربية للنهر
وقال كوليبا “نحن ننتصر في معارك لكن الحرب مستمرّة”.
وأضاف “أدرك أنّ الجميع يريدون أن تنتهي هذه الحرب في أسرع وقت ممكن، ونحن بالتأكيد من يريد ذلك أكثر من أيّ طرف آخر”.
وتابع “طالما أن الحرب مستمرة ونرى روسيا تحشد مزيدا من المجندين وتجلب مزيدا من الأسلحة إلى أوكرانيا، سنواصل بالتأكيد الاعتماد على دعمكم المستمر”.
وكانت أستراليا وعدت أوكرانيا في أكتوبر بتزويدها بثلاثين آلية مدرعة إضافية من طراز “بوشماستر” وكلفت سبعين من أفراد الدفاع الأسترالي بتدريب الجنود الأوكرانيين في بريطانيا.
وقال ألبانيزي إن استمرار “استهداف قوات فلاديمير بوتين للمدنيين الأوكرانيين أمر مدان”.
ووصف الرئيس الأوكراني استعادة خيرسون بأنها “يوم تاريخي”.
وأوضح أن المدينة لم تتحرر بالكامل بعد من “وجود العدو”، لكن القوات الأوكرانية الخاصة موجودة بالفعل على الأرض.
ونشر زيلينسكي تسجيل فيديو على تطبيق تليغرام قال إنه جاء من خيرسون ويظهر فيه جنود أوكرانيون يؤكدون أنهم من “اللواء 28” وسط حشد يهتف ليلا للجيش الأوكراني.
وسعت موسكو لتبديد هذه التأويلات، معتبرة أن منطقة خيرسون الأوكرانية بأكملها وعاصمتها تنتميان إلى روسيا على الرغم من انسحاب الجيش الروسي من المنطقة التي أعلنت موسكو ضمها في سبتمبر.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الجمعة إن منطقة خيرسون “تابعة لروسيا الاتحادية”، في أول تعليق للرئاسة الروسية على انسحاب قواتها من خيرسون. وأكد الكرملين أن القوات الروسية لم تتكبد أي خسارة ولم تترك معدات عسكرية وراءها.
وأوضح أنه تم سحب “أكثر من 30 ألف” جندي روسي و”نحو خمسة آلاف قطعة أسلحة وآلية عسكرية” من الضفة الغربية للنهر.
وتقول روسيا إنها بدأت الانسحاب من المدينة، التي تعد أكبر مكاسبها في الغزو، بيد أن العملية قد تستغرق أسابيع.