كريتر نت – متابعات
لم تتقدم الفكرة التي طرحها ماريو دراجي في وقت سابق من هذا العام، حين كان رئيسا للوزراء في إيطاليا، إلى أبعد من مرحلة الاقتراح، حيث لا يمكن تجاهل احتمال يقول إن “أوبك ستنتقم بلا شك”. وكان دراجي قد قدّم مشروعًا لتجمّع يشمل كبار مشتري النفط للوقوف في مواجهة قرارات “أوبك+”.
مثل تلك الأفكار لا تزل جذابة إلى درجة أنها تعاود الظهور مرة تلو الأخرى بأشكال مختلفة قليلا. وعادت فكرة إنشاء نادي مشترين مناهضين لأوبك إلى الظهور أيضا، وقد انتقل مشروع “قانون نوبك” إلى مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة، ويبدو أن هناك فرصة لتمريره وفقا للتغطية الإعلامية، كما تتوقع إيرينا سلاف في موقع “أويل برايس”.
وذهب البعض إلى أبعد من مجرّد مشروع قانون. وفصّل كارل بوب، كاتب عمود في “بلومبرغ”، رؤيته لتجمع مناهض لأوبك يمكّن من التوفيق بين فكرة النفط ميسور الكلفة والتحفيز على كهربة النقل. وتبدو المشاكل مرة أخرى واضحة بحيث لا يمكن التغاضي عنها.
كارل بوب: “قانون نوبك” سيمكّن واشنطن من معاقبة أعضاء “أوبك+”
فقبل كل شيء، يقترح بوب أنه في حالة نجاح مشروع “قانون نوبك”، فسيمكن للولايات المتحدة أن تبدأ في معاقبة أعضاء “أوبك+” من خلال فرض غرامات وتعريفات استيراد، بالإضافة إلى منع وصول شركات النفط الوطنية مثل أرامكو وروسنفت إلى الأسواق المالية العامة.
ويبدو أن الرسالة هنا تتماشى مع عبارة “هذا سيُريهم”، لكنها تتجاهل حقيقة أن روسنفت خاضعة بالفعل لعقوبات شديدة ومنفصلة عن الأسواق المالية الغربية، وأن أرامكو ليست شيفرون أو شل. وعلى الرغم من أنها استفادت مؤخرا من الأسواق عدة مرات، فمن المشكوك فيه ما إذا كانت تعتمد على التمويل الخارجي إلى درجة أنها ستعاني من أي ضرر جسيم من مثل هذه الإجراءات.
والحقيقة الأخرى التي يبدو أن فكرة بوب تتجاهلها هي أن مثل هذه الإجراءات العقابية ستعني أن “نفط أوبك+” سيصبح أكثر كلفة بالنسبة إلى البلدان التي تستخدم هذه الإجراءات.
في الواقع، أي نفط سيغدو أكثر كلفة عندما تُفرض عقوبات أو تعريفات على ثلث الإمدادات العالمية. ولن تكون هذه أخبارا سيئة لبائعي النفط، بما في ذلك الولايات المتحدة، لكنها بالتأكيد ستكون كذلك للمشترين، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها.
ويتمثّل بديل أوبك الذي يقترحه بوب في ما يسميه “منظمة النقل النظيف وميسور الكلفة”، والتي ينبغي أن تتكوّن من “منتجي النفط والمستهلكين المسؤولين”. وهذا يعني وجود الولايات المتحدة وكندا والنرويج على جانب الإنتاج. وليس هذا عددا كبيرا من المنتجين المسؤولين.
ويبدو أن الفكرة تتبع نموذج ما يسمى بدفع دعم الأصدقاء الذي قادته الولايات المتحدة في المعادن الهامة. وتهدف هذه الدفعة في الوقت الحالي إلى إعادة جذب سلاسل التوريد لتحول الطاقة وتقليل هيمنة الصين في تعدين المعادن الهامة ومعالجتها. وتكمن الفكرة في الاعتماد على منتجين مراعين للمواد الخام اللازمة لعملية الانتقال. وتكمن المشكلة في أن مثل هؤلاء المنتجين لا يمكنهم توفير سوى جزء صغير من الإمداد الضروري لعملية الانتقال.
الإدارة في واشنطن تريد التحكم في جميع أنواع الأسعار كما أنها ترغب في السيطرة على إمدادات النفط، على الرغم من أنها فشلت في تحقيق أي شيء من هذا القبيل حتى محليّا
تريد الإدارة في واشنطن التحكم في جميع أنواع الأسعار. كما أنها ترغب في السيطرة على إمدادات النفط، على الرغم من أنها فشلت في تحقيق أي شيء من هذا القبيل حتى محليّا. فيما تعارض صناعة النفط الأميركية، بشدة، “قانون نوبك” لأنها تعرف كيف يعمل سوق النفط.
وكما قال الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة الضغط الصناعية، بمعهد البترول الأميركي، في تعليقات على آخر التطورات حول مشروع “قانون نوبك”، إن ذلك “سيخلق المزيد من عدم الاستقرار في السوق ويؤدي إلى تعمّق التحديات الحالية في التجارة الدولية. سيكون هذا التشريع غير مفيد في أي حالة سوق في الماضي أو الحاضر أو المستقبل”.
وحقيقة الأمر أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين يقترح بوب أن عليهما تشكيل منظمة جديدة للنقل النظيف وبأسعار معقولة مناهضة لأوبك، ارتكبا خطأ فادحاً مع روسيا. حيث افترضا أن روسيا لن تنتقم مهما فعلا، لأنها بحاجة إلى الأسواق الغربية.
ويبدو الآن أن أنصار “نوبك” ينساقون وراء نفس الافتراض الخطير بأن “أوبك+” لن تنتقم من الغرب ردّا على الإجراءات العقابية، وأن الغرب يمكن أن يعيش لفترة أطول دون نفط “أوبك+”، بينما هي لا تستطيع البقاء دون بيع نفطها للغرب.
ونهاية المطاف لا يمكن لمن يمثل أكبر نسبة طلب للنفط نقل السوق إلى حيث يحلو له. بل يتعلق الأمر في أي سوق بمن يوفّر أكبر نسبة من العرض. يحدث هذا في الوقت الذي تبرز فيه هيمنة الصين وهي تلوح في الأفق على هذا القطاع، تماما مثل المملكة العربية السعودية وروسيا وأصدقائهما من “أوبك+” في قطاع النفط.