وليد عبدالرحمن
فيما عدّه مراقبون أنه تطور «قد يعمّق خلافات تنظيم (إخوان مصر) بعد أشهر من الصراع بين (قيادات الخارج في جبهتي «لندن» و«إسطنبول»)» على تصدر قيادة التنظيم. لوّحت «جبهة إسطنبول» بـ«رفض إجراءات (جبهة لندن) الخاصة باختيار قائم بأعمال مرشد التنظيم». ليتجدد التساؤل حول اتساع الصراع داخل «الإخوان» بعد أسابيع من ظهور مجموعة ثالثة تتصارع على «كعكة» قيادة التنظيم وهي «تيار الكماليين».
وكان بيان لـ«جبهة إسطنبول» أخيراً قد أشار إلى أن «تنظيم (الإخوان) في مصر وفروعه بالخارج، الوحيد المخول له اختيار قيادته، وليس من حق أحد خارجه أن يفرض عليه قيادة بالمخالفة لكل النظم واللوائح». وأضاف البيان الذي صدر (مساء الأربعاء)، أنه «يرفض استدعاء قيادة (مزعومة) لتكون بديلاً عن قيادات التنظيم (الشرعية)».
بيان «مجموعة إسطنبول» جاء في وقت تترقب «جبهة لندن» لإعلان من سيتولى منصب القائم بأعمال المرشد، الذي يشغله حالياً بشكل «مؤقت» محيي الدين الزايط. وترى مصادر مطلعة على تحركات «الإخوان»، أن «(جبهة إسطنبول) فيما يبدو أنها استشعرت قرب الإعلان عن القائم بأعمال المرشد الجديد، خاصة بعدما تردد أن (مجموعة لندن) سوف تُعين صلاح عبد الحق في المنصب خلفاً لإبراهيم منير؛ لذا سارعت في إصدار بيانها، التي أكدت فيه أن التنظيم «انتهى من ترتيب صفوفه واختيار قياداته وفقاً لنظم (الإخوان) ولوائحه، وأن التنظيم لا يهتم بـ(المحاولات اليائسة) – على حد وصف البيان – التي تستهدف وحدة صفه».
وهنا يشير بيان «مجموعة إسطنبول» إلى أن «محمود حسين، هو القائم بأعمال المرشد، وأنه هو الذي سيدير التنظيم مستقبلاً».
وأعلنت «مجموعة إسطنبول» عقب وفاة إبراهيم منير، تعيين محمود حسين قائماً بأعمال المرشد. واستند «مجلس الشورى العام» (التابع لجبهة إسطنبول) في ذلك القرار، إلى أن اللائحة تنص على أنه «في حال حدوث موانع قهرية»، حسب وصفها، تحول دون مباشرة المرشد مهامه، «يحل محله نائبه الأول، ثم الأقدم فالأقدم من النواب، ثم الأكبر فالأكبر من أعضاء (مكتب الإرشاد)». وأضافت «جبهة إسطنبول»، أنه «حيث لا يوجد حالياً من أعضاء (مكتب الإرشاد) بعد حبس محمود عزت، سوى محمود حسين، فقد قرر المجلس أن يتولى الأخير مهام القائم بأعمال مرشد لـ(الإخوان)».
ووفق المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن «انتهاء المهلة التي حددها الزايط لاختيار (جبهة لندن) قائماً بأعمال المرشد بشكل دائم، هي التي دفعت (مجموعة إسطنبول) لهذا التصعيد، خاصة بعدما تردد أخيراً وجود (انقسام) حول من سيخلف إبراهيم منير داخل الجبهة».
وكان الزايط قد أكد في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، خلال لقاء مع قناة «الجزيرة» القطرية، أنه «سيتولى القيام بالمهام الإدارية داخل (الإخوان) مؤقتاً حتى يتم استكمال المؤسسات الداخلية للتنظيم». وأضاف الزايط، أن «(جبهة لندن) سوف تعلن خلال أقل من شهر (كافة الأمور الإدارية الجديدة)».
وبحسب المراقبين، فإن «(جبهة لندن) إزاء تحركات (مجموعة إسطنبول) المتكررة لتصدر المشهد التنظيمي، تعيش حالة (ارتباك)، والأسماء المحتملة التي ترددت لخلافة منير في منصبه تعاني من إشكالات تحول دون تأديتها الأدوار نفسها التي كان يقوم بها منير».
وهنا يشير أحمد زغلول، الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية بمصر، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الصراع داخل تنظيم (الإخوان) يتعمق بشكل كبير، فضلاً عن كون الصراع يتعمق أيضاً داخل (جبهة لندن) بشأن (بديل) منير»، مؤكداً أن «الخلاف بين (قيادات الإخوان) قد اتسع بشدة بعد إبراهيم منير، وكانت هوة الخلاف قد اتسعت في وقت سابق بعد توقيف محمود عزت (محبوس في مصر)».
مسلسل صراع «إخوان الخارج» قد شهد تحولات كبيرة خلال الأشهر الماضية عقب قيام إبراهيم منير بحل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن مكتب إرشاد «الإخوان»، وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن» لـ«مجلس شورى جديد»، وإعفاء أعضاء مجلس «شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين من مناصبهم، في حين صعّدت «مجموعة إسطنبول» أكثر من مرة بعزل منير من منصبه.
وخلال صراع جبهتي «لندن» و«إسطنبول»، ظهر انقسام آخر داخل «الإخوان» هو «تيار الكماليين» الذي يضم «شباباً من التنظيم»، ورغم محاولات سابقة لجبهتي «لندن» و«إسطنبول» لاستمالة «شباب الإخوان»؛ لكن «(فشلت) هذه المحاولات، في ظل رفض الشباب لـ(قيادات الخارج الحالية)».
وهنا ترى المصادر، أن «الغالبية من (شباب «الإخوان» في الخارج) تردد أن قيادات (لندن) و(إسطنبول) خرجت عن خط التنظيم الذي رسمه حسن البنا (مؤسس الإخوان)، وسيد قطب (مُنظّر التنظيم)، وأنه لا بد للتنظيم أن يأخذ مساراً بعيداً عن هذه القيادات»… و«تيار الكماليين» أسسه في السابق محمد كمال، وهو مؤسس الجناح المسلح لـ«الإخوان» ولجانه النوعية.
المصدر “الشرق الأوسط” اللندنية