كريتر نت – متابعات
ودّعت البرتغال كأس العالم 2022 بعد الخسارة أمام المغرب على صورة دموع كريستيانو رونالدو الذي أدرك أنّ ساعته الدولية اقتربت، لكن يبقى السؤال الأبرز: كيف سيعد المنتخب البرتغالي نفسه للمرحلة المقبلة وهل سيكون رونالدو من ضمن خططه أم أنها مرحلة تسليم الشعلة من جيل إلى جيل آخر؟
صحيح أنّ النجم كريستيانو رونالدو لن يتحدث عن اعتزال دولي، لكن في آخر مبارتين للبرتغال في قطر، والتي بدأها الـ”دون” على مقاعد البدلاء، ظهر أن التحوّل الجيلي أصبح قائما ولا مفرّ منه.
“بداية حقبة: ما بعد كريستيانو”، هكذا عنونت صحيفة ريكوردس الرياضية اليومية بعد فوز البرتغال الساحق على سويسرا 6 – 1 في الدور ثمن النهائي. وأسّس الإخفاق الأخير ضد المغرب بلا شك لفكرة التغيير الشامل، وتملك البرتغال فرصة البناء على مجموعة جديدة من اللاعبين البارزين والموهوبين بعد أن بقوا في ظل رونالدو لفترة طويلة وهالته الكبرى.
ومن المحتمل أيضا أن يحدث هذا التغيير الكبير تحت قيادة فرناندو سانتوس المدرب البالغ من العمر 68 عاما والذي يملك عقدا مستمرا حتى نهاية بطولة أوروبا المقررة في ألمانيا.
وسيحمل سانتوس، مبدئيا، شعلة تأمين انتقال سلس من جيل إلى آخر والحفاظ على البرتغال كقوة كروية في الاستحقاقات الدولية كما كانت في السنوات الأخيرة في حقبة الدون!
في حال الخوض في التركيبة البرتغالية المستقبلية، سيرى الجميع في حراسة المرمى، سيكون ديوغو كوشتا (23) المؤتمن على حماية عرين المنتخب البرتغالي لفترة طويلة.
التحدي الأصعب
إذ نال المركز الأول في المرمى على حساب روي باتريسيو المخضرم (34) خلال المباريات الفاصلة في مونديال 2022، لكنه بدا أحيانا محموما في قطر، خصوصا في مواجهة المغرب.
ومن ناحية أخرى، يبدو أن مركز قلب الدفاع هو أحد المراكز التي ستواجه فيها البرتغال تحديا رئيسيا، في مرحلة انتقال الأجيال. ولا يزال بيبي يقدم عروضا رائعة رغم اقترابه من الأربعين، لكنه سيترك فراغا كبيرا عندما يقرر إنهاء مسيرته الدولية.
واشتُهر سانتوس بأنه محافظ، وقد أثبت أنه أكثر حذرا في المحطات المفصلية في السنوات الأخيرة، حيث لم يختبر تركيبات مختلفة. وخلف لاعبه المخضرم، فقط مدافع مانشستر سيتي الإنجليزي روبن دياش (25) ولاعب باريس سان جرمان الفرنسي دانيلو بيريرا (31)، يمكن أن يعوّل عليهما. ورغم مشاركاته الواعدة للاعب يبلغ 19 عاما فحسب، لا يزال ينقص الشاب أنتونيو سيلفا الكثير من النضج.
وفي خط الوسط يضع المنتخب البرتغالي كل ثقله مستقبلا كونه يملك قوة رهيبة وملامح مختلفة. ويعول سيليساو أوروبا في هذا المجال على اللاعبين برناردو سيلفا وبرونو فرنانديز، حيث من المفترض أن ينالا دورا متقدما جدا في قيادة البرتغال.
الإخفاق الأخير ضد المغرب أسس بلا شك لفكرة التغيير الشامل، وتملك البرتغال بقيادة سانتوس فرصة البناء على مجموعة جديدة
ويبدو أن سيلفا، ذات الطبيعة المتكتمة، قد صُنع من أجل دور القائد كما هو الحال في سيتي. وكذلك، يتطلع فرنانديز، بشخصيته القوية، إلى دور القائد لغرفة الملابس على غرار ما فعله في يونايتد.
ويزخر خط الوسط أيضا بلاعبي وسط من الطراز الرفيع وهم لا يزالون في مقتبل العمر مثل لاعب سان جرمان فيتينا (22) والقادر نظريا على تأدية العديد من الأدوار بالنسبة إلى المدرب.
ومع ذلك، فإن غياب رونالدو سيكون مؤثرا في الهجوم وسيجبر بطل أوروبا 2016 على إيجاد وريث لماكينة الأهداف. وهي مهمة تبدو معقدة في المستقبل القريب، ولا يبدو أن أي لاعب قادر حقا على تحمّل العبء الثقيل الذي كان يمثله الهداف الأكبر لمنتخب سيليساو على مر التاريخ.
وفي قطر تمكن مهاجم بنفيكا غونسالو راموس (21) من تسجيل ثلاثية مذهلة ضد سويسرا في مشاركته الأولى في التشكيلة. لكن في المباراة التالية، كان الدفاع المغربي قادرا على التحكم فيه بشكل جيد، وهو دليل على أنه لا يزال يتعين عليه التطوّر.
وعلى الرغم من مهاراتهما الواضحة، فإن جناح ميلان الإيطالي رافائيل لياو ومهاجم أتلتيكو مدريد الاسباني جواو فيليكس، 23 عاما، لم يفرضا نفسيهما بشكل نهائي مع القميص البرتغالي.
وفي حين أن ظهوره الأول مع البرتغال بين عامي 2016 و2017 كان غزير الإنتاج، فقد سيلفا مكانه وتأثيره بمرور الوقت. وبعد إصابته وغيابه في مونديال 2022، يظهر ديوغو جوتا مهاجم ليفربول (29 مباراة دولية، 10 أهداف) في سن الـ25 بنمط مشابه لأسلوب رونالدو وهو يُعد الوريث المحتمل لنجم ريال مدريد الاسباني السابق.
مونديال للذكرى
حينما وصل النجم البرتغالي رونالدو إلى كأس العالم لكرة القدم في قطر، كان يمني النفس بتقديم مونديال للذكرى في مسيرته بالفوز باللقب الأغلى في العالم، لكن مسيرته في المونديال انتهت وهو في حالة من الذهول.
كانت بطولة للنسيان بالنسبة للنجم البالغ من العمر 37 عاما، حيث تم استبعاده من التشكيل الأساسي للفريق في دور الستة عشر أمام سويسرا، قبل أن يشارك في الشوط الثاني كبديل أمام المغرب.
وكانت تلك المشاركة مخيبة للآمال بالنسبة إلى رونالدو، لكنها لن تقلل أبدا من إنجازاته السابقة على المستوى الدولي، بغض النظر عن مواصلة مسيرته مع المنتخب البرتغالي من عدمها.
وبالإضافة إلى كونه أفضل هداف في المباريات الدولية في منافسات الرجال، قاد رونالدو البرتغال للفوز بأول لقب لها في بطولة كبيرة في كأس أمم أوروبا عام 2016 في فرنسا، قبل أن يخطف لقب دوري الأمم الأوروبية، ويبدو أنه من غير المرجح أن تتم معادلة أرقامه مع منتخب بلاده في أي وقت قريب.
وفي الوقت الذي يواجه فيه اللاعب الأعظم على المستوى الدولي في التهديف مستقبلا غامضا بشأن استمرار مسيرته الدولية، تقدم “ستاتس بيرفورم” تقييما للمسيرة الرائعة للنجم البرتغالي والمليئة بالأرقام القياسية.
ونال رونالدو الكثير من الثناء طوال مسيرته، حيث كان حاسما في الكثير من المباريات الكبيرة منذ سنوات الشباب وحتى أواخر مسيرته الدولية، ولعب مع المنتخب البرتغالي 196 مباراة وضعته في صدارة الأكثر مشاركة في المنتخب، حيث يبرز اسم جواو موتينيو كأقرب منافس له برصيد 146 مباراة دولية.