كريتر نت – متابعات
يقلل محللون خليجيون أهميّةَ الحديث المستمر عن التطبيع السعودي – الإيراني، في ظل استمرار العداء بين البلدين.
وعاد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الاثنين إلى الحديث عن استئناف العلاقات مع المملكة، مؤكدا أن بلاده على استعداد لاستئناف العلاقات “في حال وجود رغبة متبادلة من الرياض”.
وقال خلال كلمته في افتتاح النسخة الثالثة من منتدى طهران للحوار إن السلطات الإيرانية “مستعدة” لتطبيع العلاقات مع السعودية واستئناف البعثات الدبلوماسية وفتح السفارات في البلدين، حسب ما نقله موقع “إيران إنترناشيونال” الناطق بالإنجليزية.
وشدد أمير عبداللهيان في كلمته على أن الموقف الإيراني لا بد أن ترافقه “رغبة سعودية” في هذا الشأن.
وجاءت تصريحات أمير عبداللهيان في ظل تقارير تشير إلى توقف المحادثات التي يرعاها العراق بسبب اتهامات إيرانية للرياض بدعم الاحتجاجات المناهضة للنظام في إيران منذ أشهر.
ويستبعد مراقبون أن تتجاوب السعودية مع تصريحات أمير عبداللهيان الذي يقول اليوم شيئا ويقوم بنقيضه في الغد.
ويرى هؤلاء أن إيران هي من يحتاج إلى هذه العلاقة أكثر من السعودية التي جربت في السابق استهدافها، مباشرة كما في البقيق أو بطريقة غير مباشرة، بمئات الصواريخ والمسيّرات على يد الحوثيين، لافتين إلى أنه صار واضحا أن الرياض تعلمت كيف تمتص مثل هذه الضربات.
وراهنت إيران خلال الفترة الماضية على العراق كي يقوم بدور مع السعودية يشبه دور سلطنة عمان مع الولايات المتحدة، لكن مراقبين يرون أن هذا أصبح صعبا عقب خروج مصطفى الكاظمي من السلطة ووصول حكومة محمد شياع السوداني الإطارية الموالية لإيران.
وقال عامر الفايز، النائب العراقي وعضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، إن المفاوضات الإيرانية – السعودية تعثرت، مؤكدا أن ذلك سيخلّف أثرا سلبيا على المنطقة.
واستفسر السوداني عن استئناف المحادثات في أول زيارة رسمية له إلى طهران في نوفمبر، وذكر أنه سيتوجه إلى العاصمة السعودية الرياض قريبا. لكن الإيرانيين أخبروه بأنهم لن يجتمعوا مع نظرائهم السعوديين واتهموا المملكة بدعم الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد من خلال القنوات الإعلامية الممولة سعوديا، وفقا لتصريحات أدلى بها مسؤول ينتمي إلى تحالف الإطار التنسيقي الحاكم لوكالة أسوشيتد برس.
وكانت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أكدت بدورها أن المحادثات توقفت، لكنها لم تقدم تفسيرا. وكان توقف المحادثات قد حدَث قبل التطورات الأخيرة في إيران.
وقالت البعثة في بيان إنه قد يكون من الأفضل سؤال السعودية عن الأسباب.
وقال مسؤول عراقي في وزارة الخارجية العراقية لأسوشيتد برس إن “طهران انزعجت من بيان مشترك صدر بعد القمة العربية – الصينية في الرياض الأسبوع الماضي”.
وقالت السعودية والصين في البيان إنهما اتفقتا على “تعزيز التعاون المشترك لضمان الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي”، ودعتا إيران إلى احترام مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
ولطالما كانت الصين شريكا اقتصاديا لإيران، حيث تركزت العلاقات الثنائية على احتياجات بكين من الطاقة ولكنها شملت مبيعات الأسلحة أيضا. كما يُنظر إلى العلاقات الوطيدة بين الدولتين على أنها تشكّل قوة إقليمية إستراتيجية موازية لقوة الولايات المتحدة وحلفائها.
وقال مسؤولون عراقيون إن طهران متخوّفة من تحسّن العلاقات الاقتصادية بين بكين والرياض، لأن ذلك يمكن أن يقوض الوضع الراهن.
وانطلقت المحادثات المباشرة في أبريل 2021 بوساطة العراق في محاولة لتحسين العلاقات. وكان مجرد الإعلان عن الحوار أمرا مهما، حتى لو كانت النتيجة الملحوظة الوحيدة حتى الآن هي إعادة إيران فتح مكتب تمثيلي للبلاد لدى منظمة التعاون الإسلامي في مدينة جدة السعودية.
وتشهد إيران احتجاجات مناهضة للحكومة منذ 16 سبتمبر الماضي، بعد مقتل مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق التي قبضت عليها بزعم انتهاك قواعد اللباس الإسلامية الصارمة في البلاد.
وتحوّلت المظاهرات التي تطالب بالمزيد من الحريات إلى احتجاجات تمثّل أحد أكبر التحديات التي تواجه النظام الإيراني منذ سنوات الفوضى التي أعقبت الثورة الإسلامية.
وقُتل ما لا يقل عن 495 شخصا منذ بدء المظاهرات، وفقا لمرصد حقوق الإنسان في إيران، مع توافد تقارير تفيد بوقوع حوادث استخدمت فيها قوات الأمن الإيرانية الذخيرة الحية والرصاص المطاطي لتفريق الحشود. وسُجّل اعتقال أكثر من 18 ألف شخص في العشرات من المدن.
وقال الأكاديمي والباحث السياسي العراقي إحسان الشمري إن “إيران تواجه الآن أزمة حقيقية”. ويرى أنها تحاول اتهام دول وجماعات أخرى “بهدف إقناع الشعب الإيراني بأن الأزمة هي نتيجة للتدخل الأجنبي”.