كريتر نت – متابعات
قدّمت هولندا اعتذاراً رسمياً عن دورها في حقبة العبودية التي كانت سائدة قبل أكثر من قرنين من الزمن، والتي تعتبر جريمة إنسانية في الوقت الراهن.
وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، في خطاب في لاهاي أمس: أقدّم اعتذارات باسم الحكومة الهولندية عمّا قامت به الدولة الهولندية في الماضي، لجميع العبيد في جميع أنحاء العالم الذين عانوا من هذا النشاط، لبناتهم وأبنائهم ولكلّ أحفادهم”، وفق ما نقلت وكالة “فرانس برس”.
وأضاف: “لا يسعنا إلا الاعتراف بالعبودية وإدانتها بأوضح العبارات بصفتها جريمة ضد الإنسانية”.
وكان هذا الخطاب حول ضلوع هولندا في (250) عاماً من الاتجار بالبشر في المستعمرات السابقة منتظراً بفارغ الصبر، وفي الوقت نفسه، كان عدة وزراء هولنديين حاضرين في (7) مستعمرات سابقة “لمناقشة” القضية مع مواطنيها.
وأضاف روته: “لقد تم تحويل بشر إلى سلعة، لقد تم الدوس على الكرامة الإنسانية بطريقة مروعة”، قبل أن يقول: “أعتذر”، بالإنكليزية، والسرانان (الكريول السورينامية)، وبابيامينتو (الكريول في جزر الأنتيل الهولندية).
وأبدى مارك روته لفترة طويلة تحفظات بشأن إصدار اعتذار رسمي، قائلاً في السابق إنّ عصر العبودية قديم جداً، وإنّ الاعتذار من شأنه أن يذكي التوترات في بلد ما يزال اليمين المتطرف فيه قوياً، قبل أن يغيّر رأيه في نهاية المطاف.
وأوضح: “اعتقدت أنّ العبودية تاريخ بعيد عنا، كنت مخطئاً، لأنّ قروناً من القهر والاستغلال تؤثر على الحاضر، في الصور النمطية العنصرية والتمييز وعدم المساواة الاجتماعية”.
وأضاف رئيس وزراء هولندا، حيث فضل 38% فقط من السكان البالغين تقديم اعتذار رسمي، وفق استطلاع حديث، أنّه “في سبيل تجاوز ذلك، علينا مواجهة الماضي بصراحة وصدق”.
وأثار خبر رغبة الحكومة في الاعتذار، الذي تسرّب إلى الصحافة الهولندية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، جدلاً حاداً في هولندا وخارجها لأسابيع.
من جهتها، اشتكت جهات فاعلة في سورينام من عدم إعلان الحكومة الهولندية عن إجراءات ملموسة.
وفي تصريح لوكالة “فرانس برس”، قال رئيس منظمة تمثل السوريناميين المتحدرين من أصل أفريقي إيوان ويجنغاردي: “لا أرى الكثير في ما يتعلق بخطوات هولندية لتعويض المتضررين، وهذا مؤسف”.
وقال أرماند زوندر رئيس لجنة التعويضات الوطنية في سورينام، في تصريح صحفي: إنّ “ما غاب تماماً في هذا الخطاب هو المسؤولية والمساءلة”.
بدورها، انتقدت رئيسة وزراء جزيرة سانت مارتن في الكاريبي سيلفيريا جاكوبس غياب الحوار من جانب هولندا، وذلك بعد أن قالت السبت الماضي إنّها لن تقبل اعتذارها.
ووعدت الحكومة الهولندية بالعديد من الفعاليات التذكارية الكبرى اعتباراً من العام المقبل، وأعلنت عن صندوق بقيمة (200) مليون يورو للمبادرات الاجتماعية.
وقد ساهمت العبودية في تمويل “القرن الذهبي” الهولندي، وهي فترة ازدهار من خلال التجارة البحرية في القرنين الـ 16 والـ 17. وقامت البلاد بالاتجار بنحو (600) ألف أفريقي، خصوصاً نحو أمريكا الجنوبية والكاريبي.
وفي أوج إمبراطوريتها الاستعمارية، كانت للمقاطعات المتحدة المعروفة حالياً باسم هولندا، مستعمرات مثل سورينام وجزيرة كوراساو الكاريبية وجنوب أفريقيا وإندونيسيا، حيث كان مقر شركة الهند الشرقية الهولندية في القرن الـ 17.
وفي الأعوام الأخيرة، بدأت هولندا النظر في إرث دورها في العبودية وتاريخها الاستعماري، والذي بدونه لم تكن المدن الهولندية ومتاحفها الشهيرة لتصبح على ما هي عليه اليوم.
وأُلغيت العبودية رسمياً في سورينام والمستعمرات الهولندية الأخرى في الأول من تموز (يوليو) 1863، لكنّها لم تنته فعلاً حتى عام 1873، بعد فترة “انتقالية” دامت (10) أعوام.