كريتر نت – العين الإخبارية
يبقى الحصول على الماء مشكلة عالمية، لكن هذا الملف يشتد حدّة بالنسبة لـ5 ملايين شخص يقطنون في مدينة تعز اليمنية الخاضعة لحصار حوثي قاس منذ 8 أعوام.
تعاني مدينة تعز (جنوب) إلى جانب تدهور الخدمات الأساسية والإنسانية من انقطاع المياه وذلك بسبب رفض مليشيات الحوثي ضخ إمدادات المياه المطلوبة للمناطق المحررة الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً.
ورغم المفاوضات الشاقة الذي خاضها فريق محلي شبابي بين السلطة المحلية المعترف بها في تعز ومليشيات الحوثي إلا أنها وصلت كغيرها من المحادثات إلى طريق مسدود إثر مراوغة وعراقيل الانقلابيين.
وبحسب مصدر في المؤسسة اليمنية للمياه في تعز، لـ”العين الإخبارية”، فإن إنتاج المؤسسة الحكومية تراجع خلال الحرب إلى 3 آلاف متر مكعب فقط فيما يبلغ احتياج السكان في اليوم الواحد نحو 35 ألف متر مكعب.
ويضر تنصل مليشيات الحوثي عن ضمان إمدادات مياه كافية لمناطق تعز المحررة الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها، بأكثر من 5 ملايين شخص يعيشون في المدينة المحاصرة عسكرياً منذ 8 أعوام.
اتهام حكومي للحوثي
تتخذ مليشيات الحوثي المدعومة إيرانياً بين 40 – 45 بئراً ارتوازية تقع في المناطق الخاضعة لسيطرتها، كسلاح آخر للحصار وخلق أزمات معيشية في المناطق المحررة ما تسبب بأزمة مياه خانقة وفاقم حدة الحصار الإنساني.
واتهم محافظ تعز، نبيل شمسان، مليشيات الحوثي بإفشال كل الجهود الرامية لاستئناف تزويد سكان المدينة المحاصرة بالمياه، من الأحواض والمحطات الموجودة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وقال المسؤول اليمني خلال لقائه فريق “مشروع سند” المجتمعي، الداعم لعودة المياه، إن مليشيات الحوثي “تلجأ للمراوغة والمماطلة في الالتزام بالقضايا الإنسانية وتخفيف المعاناة، وذلك بإفشال كل الجهود الرامية لتشغيل المحطات وتزويد سكان المدينة بالمياه”.
وأكد أن السلطة المحلية المعترف بها دولياً ليس لديها أي تحفظ بشأن الاستفادة من محطات الحقول المائية الموجودة تحت سيطرة مليشيات الحوثي سواء في الحوبان أو مناطق التماس الأخرى، لصالح توفير المياه لسكان المدينة.
وتعهّد بتقديم كل التسهيلات لتدخلات الصليب الأحمر الدولي للعمل على صيانة وتشغيل هذه المحطات لاستئناف ضخ المياه في المدينة، داعياً المنظمات لـ”صيانة حقول مياه الحوجلة وحقل الحيمة والضباب وكذا إمكانية تحييد فرع مؤسسة المياه بالحوبان وملف المياه واستئناف ضخ المياه من الحقول الجوفية” لتغطية احتياجات السكان.
حرب المياه
من جهته، قال الناشط والإعلامي اليمني عبدالسلام القيسي لـ”العين الإخبارية”، إن مليشيات الحوثي لا تحاصر تعز بالنار والقناصة وإنما بمنع وصول المياه عن ملايين السكان من الحقول المائية الواقعة تحت سيطرتها.
وبحسب القيسي فإن مليشيات الحوثي تستغل حقلي “الحيمة” و”الهشمة” في مديرية “التعزية” شمالي تعز وكذلك بوقوع الحقول الغربية في الضباب تحت السيطرة النارية وتتخذها كورقة لابتزاز السكان.
وأوضح أن مليشيات الحوثي رفضت بالفعل “كل الوساطات بتحييد الماء منذ 8 أعوام وقد حاولت منظمات دولية كثيرة التدخل في الأمر في ظل رفض الحوثي حل هذه المعضلة التي تصيب أبناء تعز إلى هذه اللحظة ويعيش ملايين السكان في مدينة تعز في ظل انعدام الماء وصهاريج المياه باهظة الثمن”.
وأضاف: “عندما أطبق الحوثي حصاره على مدينة تعز قام بذلك وفق معادلة مميتة، فمع إطباقه على المدينة وإغلاق منافذ المدينة ومنع حركة الناس، منع وصول المياه وهو أشد وطأة على الناس من إطالة الطريق وربما من القذائف المنهمرة ليل نهار”.
وتابع: “صار خلو المنازل في تعز من المياه هو المشهد المتصل منذ سنوات كثيرة ولم يحدث أن استخدمت المياه كسلاح في أي حرب وبمدة طويلة كهذه إلا حرب مليشيات الحوثي وخاصة على مدينة تعز”.
واتهم الناشط اليمني المنظمات الدولية والإنسانية بالتواطؤ في قضية حصار تعز لا سيما ملف المياه، ووصفها بأنها “وصمة عار” في جبين العالم والإنسانية.
ويحمي القانون الدولي لحقوق الإنسان وقوانين الحرب موارد الماء باعتبار من الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين،كما يلزم السلطات الفعلية باحترام الحق في الماء، وضمان تمتّع الناس بالمياه النظيفة، والمتوفرة، والمقبولة وبكلفة معقولة.