كريتر نت – متابعات
فتح تحالف الجزائر مع روسيا عيون الغرب على سياستها القائمة على الازدواجية؛ فهي لا تريد أن تتخلى عن علاقتها المتينة مع موسكو وفي الوقت نفسه تريد الاستفادة المالية من حاجة الغرب إلى غازها بينما تستمر في تمتين علاقاتها مع إيران بالتزامن مع اشتداد الغضب الغربي عليها، وهو ما دعا دبلوماسيين أميركيين حاليين وسابقين إلى المطالبة بمعاقبة الجزائر أسوة بالخطوات المتخذة ضد روسيا وإيران.
وإذا كان دبلوماسيون قد طالبوا قبل أشهر بمعاقبة الجزائر بسبب شراء السلاح الروسي، فإن مارك برنوفيتش، المدعي العام الأميركي السابق لولاية أريزونا، حث على محاسبة الجزائر بسبب علاقتها بجبهة بوليساريو الانفصالية وتسهيل حصولها على أسلحة إيرانية.
وقال برنوفيتش في مقال له بصحيفة واشنطن تايمز إن الجزائر قدمت الدعم العسكري والمادي لجبهة بوليساريو على مدى عقود بمساعدة إيرانية، واصفا بوليساريو بأنها “منظمة إرهابية” في الصحراء المغربية “تستغلها الجزائر لزعزعة استقرار جارتها المملكة المغربية”.
ويأتي حديث المدعي العام السابق لولاية أريزونا الأميركية بعد تقارير عن حصول بوليساريو على مسيّرات إيرانية، وهو ما أثار ردة فعل من المغرب، بل وأثار أيضا مخاوف لدى الأوروبيين الذين وجدوا أن الخطر الإيراني صار يهدد حدودهم الجنوبية.
واتهم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إيران بتسليح الجماعات المتطرفة والكيانات الانفصالية داخل المنطقة العربية، بما في ذلك تسليمها الطائرات المسيرة، لافتا إلى أن جبهة بوليساريو بميليشياتها هي إحدى المجموعات التي تستغلها إيران لتقويض الأمن والسلم في المنطقة.
ومن شأن كلام برنوفيتش أن يزيد النقاشات في الولايات المتحدة حول خطر التمدد الإيراني في شمال أفريقيا، وهي منطقة حيوية بالنسبة إلى الأميركيين.
وقال برنوفيتش “إن إيران تُقْدم من خلال وجودها في هذه المنطقة الحيوية على استهداف الولايات المتحدة وحلفائها”، في إشارة إلى المغرب وعلاقته المتينة بواشنطن ودوره الإستراتيجي في مواجهة النفوذ الروسي في الجزائر.
وأضاف أن جبهة بوليساريو أنشأت ممرّا لتهريب الأسلحة وغيرها من الأنشطة غير المشروعة بدعوى أنها تسعى إلى السيادة على الصحراء، وأنها تفعل ذلك بينما هي “تقيم علاقات مع مختلف المنظمات الإرهابية التي تستهدف الشعب الصحراوي”.
وتطرق برنوفيتش إلى الفساد بالإشارة إلى تقرير صادر عن المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال أكد أن جبهة بوليساريو سرقت المساعدات الدولية المخصصة للاجئين الصحراويين وأساءت استخدامها بين عامي 2004 و2007.
وفي مارس الماضي أشار تقرير إسباني إلى الكشف عن شبكة تابعة لبوليساريو تتولى نهب وتهريب المساعدات الطبية الموجهة إلى سكان مخيمات تندوف، وإعادة بيعها في الأسواق الأفريقية.
لكن الأخطر في كلام برنوفيتش هو ربط بوليساريو بشبكات الإرهاب الموجودة في جنوب الصحراء، والتي تبذل الولايات المتحدة كل ما في وسعها للقضاء عليها.
وحذرت تقارير وزارة الخارجية الأميركية المتعلّقة بالإرهاب في 2020 من أن الولايات المتحدة تواصل التصدي للتهديدات التي يشكلها الإرهاب الذي يرعاه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وكذلك مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة، معترفة بالتهديد المتزايد للدول الإسلامية في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل.
وقال برنوفيتش “مع تنامي هذه الجماعات الإرهابية التي يرعاها تنظيم الدولة الإسلامية، ستحتفظ جبهة بوليساريو بأرض خصبة للتجنيد، مع استمرار الدعم الجزائري لها”.
وخلص إلى أنه طالما حجة تصنيف إيران دولةً راعية للإرهاب واضحة، ومع “تزايد الأدلة ضد الجزائر على دعمها جبهة بوليساريو، فقد حان الوقت كي تعترف الولايات المتحدة أيضًا بحقيقة أنها (الجزائر) دولة راعية للإرهاب”.
ويعتقد محللون ومراقبون سياسيون أن كلام برنوفيتش يشير إلى زيادة الانتباه داخل الولايات المتحدة للدور السلبي الذي تلعبه الجزائر على عدة مستويات، وأن الوضع لن يستمر طويلا حتى تبادر واشنطن إلى خطوات عملية للرد على هذا الدور، خاصة أن السكوت عنه قد يساعد الجزائر على تحويل منطقة شمال أفريقيا إلى نواة لخصوم الولايات المتحدة وتهديد مصالحها.
وكانت السيناتورة عن الحزب الجمهوري ليزا ماكلين أعلنت في سبتمبر الماضي أنها جمعت 27 توقيعا داخل الكونغرس حول رسالة موجهة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تدعوه فيها إلى تطبيق قانون “معاداة أميركا” على الجزائر.
وجاء في الرسالة “كما تعلم، فإن روسيا هي أكبر مورّد للأسلحة العسكرية إلى الجزائر، في العام الماضي وحده أنهت الجزائر صفقة شراء أسلحة مع روسيا تقدر بأكثر من 7 مليارات دولار”.
وتابعت ماكلين في رسالتها “في هذه الصفقة، وافقت الجزائر على شراء طائرات مقاتلة روسية متطورة، بينها سوخوي 57 التي لم توافق روسيا على بيعها إلى أي دولة أخرى حتى الآن، مما جعل الجزائر ثالث أكبر متلقٍ للأسلحة الروسية في العالم”.
ودعت بلينكن إلى “تأكيد سلطته وإرسال رسالة مفادها أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع الدعم الدبلوماسي لنظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاستبدادي”.