كتب أ/ عادل الزريقي
وزارة الخدمة المدنية بحكومة الشرعية أصدرت الكثير من التعميمات ، بشأن التسويات والعلاوات والترقيات وغيرها من الحقوق المتعلقة بموظفي الدولة ، ولم تنفذ من تلك التعميمات شيئا ، وعلى ما يبدو أن هذا الأمر لم يكن سوى مجرد دغدغة مشاعر الموظفين الجياع في مثل هذه الأوضاع القاسية ، واستغلال حاجتهم ، واللعب بعواطفهم ، والكذب عليهم ، وذر الرماد على أعينهم .
فقد أصبح أغلب الموظفين منهم من يبيع القات في الأسواق ، وبعضهم يشتغل في أعمال الحمالة مثله مثل الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب ، ومنهم من يشتغل في أعمال شاقة ، كأعمال البناء وحمل الاحجار ، ومنهم من يتجول في أروقة الحارات والأسواق يبيع الأيسكريم ، ومنهم من أصيب بالجنون والهلوسة ، ومنهم من تفككت أسرته وذهبت زوجته إلى بيت أهلها ، بحجة عدم قدرة الزوج على توفير أدنى احتياجات الأسرة ، ومنهم من طلق زوجته وتشردوا أطفاله ، وبعضهم قضاياهم الأسرية منظورة أمام المحاكم ، ومنهم من تعرض للإهانة والبهذلة من المؤجر بطرده إلى الشارع ، بسبب عدم القدرة على دفع الإيجار ، ومنهم من سحب أطفاله من المدارس وجعلهم يمارسون البيع والشراء في الأسواق وعلى أرصفة الشوارع في أعمال لا تتوافق مع أعمارهم وقدراتهم ، لمساعدة الأسرة على توفير أدنى متطلبات العيش الكريم .
أفرزت الحرب أوضاع ونتائج مأساوية يندى لها الجبين ومؤلمة ومحزنة وصل إليها حال الموظف اليمني ، بسبب إنقطاع وإنخفاض الرواتب وتدهور قيمة العملة المحلية ، وغلاء سبل البقاء والمعيشة ، وحكومتنا اليمنية الشرعية لم تحترم أحد ولم تقدر عامليها ، وتمادت بالكذب المرة تلو الأخرى ، وكأن الموظف أمامها كائن حقير ليس له قيمة أو مشاعر ، أو كأنه متسولا وشحاتا وما الأجر الزهيد الذي تعطيه إياه إلا صدقة من وجهة نظرها القاصرة أو من المال الخاص التابع لمسؤوليها الذين عاثوا في اليمن وفي ثرواته لعبا وفسادا وفرطوا بجزء منها ونهبوا الجزء الآخر.
لم ولن تبنى دولة خالية من الفساد بموظف جائع ومشرد ومهموم ، فالموظف هو أحد أعمدة الدولة الرئيسية إن لم يكن هو الدولة بذاته ، لكن أن يأتي عشرة أو عشرين أو حتى ثلاثين شخص تولوا المسؤولية في الصفوف الإدارية الأولى من الدولة ويلتهمون معظم ثروات الوطن وايراداته ويجوعون مليون وخمسمائة موظف ويحرمونهم من حقوقهم ويستمرون هذه الفترة الطويلة يكيلون الوعود و يكذبون ويضحكون عليهم ، فهذا الأمر مالم يكن مقبولا ولا مستساغا عند أحد ، ولم نسمع عنه في أي بلد ولا في أي عصر إلا خلال عهد هذه الحكومة والتي سبقتها .
ماهي الأسباب التي ستدفع المواطن في المناطق المحكومة بسوط الحوثي إلى الوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية و تأييدها و الثورة ضد مليشيات الانقلاب ؟ هل طمعا ورغبة بالرخاء والرفاه والأمن والاستقرار الذي تحقق للموظف والمواطن بصفة عامة الموجود على الأرض التي تسيطر عليها الشرعية ؟
وهل السعادة والرفاهية والحقوق الجزيلة التي منحتها الشرعية للضباط والجنود الذين يحاربون تحت إمرتها ستجعل الضباط والجنود الذين تحت إمرة المليشيات ينقلبون عليها أو ينسحبون من صفوفها إلى صف الشرعية طمعا بالحقوق والامتيازات التي وفرتها لافرادها ولموظفيها ؟
كل ذلك بالطبع لا ؟
مسؤولي ما تسمى بالشرعية أحرمتم الناس من حقوقهم ، وتريدون النصر وهزيمة العدو بموظف جائع وبعسكري صادرتم حقوقه واصبح محروم من أبسط الحقوق هو وأفراد أسرته .
بسلوككم هذا وبفسادكم هذا أخرتم اليمن ونصرتم العدو الذي تدعون محاربته وانتم لا تشعرون .