كريتر نت – متابعات
رصد محللون بعد نحو عام على اندلاع الحرب في أوكرانيا نموا هائلا في نشاط العقارات في دبي بفضل تدفق الاستثمارات الروسية. ورغم عدم وجود ما يشير إلى أن السوق قد تكون في وضع مماثل لعام 2009، إلا أن بعض المخاوف قد بدأت بالظهور.
وبدأت العديد من المشاريع العقارية الكبرى المهجورة تُظهر أخيرا علامات على الحياة كجزء من طفرة اقتصادية جديدة في دبي بعد أربعة عشر عاما من الأزمة المالية التي مرت بها الإمارة.
وكما هو الحال مع فترات الصعود السابقة في دبي، تعتبر الأزمات قوة دافعة لنشاط العقارات. وهذه المرة هرب المستثمرون الروس من تداعيات الحرب في أوكرانيا لإيجاد ملاذ لهم في الإمارة.
وقال ريتشارد وايند العضو المنتدب لمجموعة باترهومس، وهي شركة وساطة عقارية في الإمارة لوكالة أسوشيتد برس “هناك الكثير من أجزاء العالم حيث توجد تحديات حقيقية ويبحث الناس عن ملاذ آمن”. وأضاف “أعتقد أن دبي ملاذ آمن لهم وكذلك لعائلاتهم”.
ومع ذلك تسود المحللين حالة من المخاوف، إذ يؤدي الارتفاع الصاروخي في تكاليف الإيجار إلى تفاقم ضغوط كلفة المعيشة للقوى العاملة الأجنبية التي جعلت الإمارة أكثر حيوية من حيث الأعمال والأنشطة الاقتصادية.
وفي غضون ذلك، تشعر الولايات المتحدة بالقلق بشأن تدفق الأموال الروسية إلى سوق العقارات في المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان في الإمارات، كونها قد تذهب إلى منافذ لا يمكن تعقبها.
وقالت جودي فيتوري الباحثة غير المقيمة في مؤسسة كارنيغي، التي كتبت بإسهاب عن كون دبي ملاذا لغسيل الأموال “يبدو أن الواقع يشير إلى خلاف ذلك”.
ومن الصعب المبالغة في تقدير مدى تغير الإمارات على مدى نصف القرن الماضي. وتظهر الإحصائيات الرسمية أن 3.5 مليون شخص يعيشون في دبي وحدها، بالإضافة إلى 1.1 مليون يعيشون مؤقتا في المدينة أو يتنقلون هناك للعمل كل يوم.
وكان النفط، الذي يأتي جزء كبير منه من الاحتياطيات الهائلة في أبوظبي، هو الذي غذى التحديث الأولي لدولة الإمارات. وبعد أن بدأت دبي في السماح للأجانب بملكية العقارات في 2002، أصبحت الطفرة في الإنشاءات والعقارات هي السائدة.
وتمثل العقارات الآن حوالي 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدبي. وبعد الركود بسبب قيود كوفيد، شهدت دبي 849.86 ألف صفقة بيع العام الماضي، متجاوزة الرقم القياسي السابق البالغ 831.8 ألف صفقة تم تسجيلها في عام 2009.
وملأ المشترون والمستأجرون أحياء خاصة مثل نخلة جميرا، ويبلغ متوسط الإيجار المطلوب للشقة أكثر من 67 ألف دولار سنويا، مع استئجار فيلا بمبلغ 276 ألف دولار سنويا، وفقا لشركة الاستشارات العقارية سي.بي.آر.إي.
ويعزو المحللون النمو في سوق السلع الفاخرة إلى الأثرياء الفارين من القيود الوبائية في أماكن أخرى من العالم.
ونما هذا الضغط حتى خارج عالم الأثرياء. فقد ارتفعت الإيجارات في المتوسط في دبي بنسبة 26.9 في المئة على أساس سنوي، حتى مع الحماية من التلاعب في الأسعار. ويمكن للعائلات التي تعيش في الفلل أن تتوقع دفع إيجارات بمتوسط 76 ألف دولار سنويا.
ودفعت الزيادة المفاجئة في الإيجار جافين هيل بائع السيارات البريطاني إلى الانتقال مع شريكه من فيلا في حي دبي هيلز بالقرب من وسط المدينة إلى شقة أصغر على بعد حوالي 20 كيلومترا جنوبا.
وقال هيل الذي غير سكنه أربع مرات في السنوات الست التي قضاها في دبي إنه “في ما يتعلق بالبحث عن مكان جديد، كان الأمر في السابق سهلا بشكل معقول ولكن هذه المرة إنها حقل ألغام”.
ويرى بعض المحللين أن الأموال الروسية التي دخلت سوق دبي على مدار الأشهر الاثني عشر الماضية ساهمت في تأجيج هذا الوضع.
ورصدت باترهومس التي تعمل في دبي منذ 1986 قيادة الروس لجميع الجنسيات الأخرى في مشتريات غير المقيمين للمرة الأولى في العام الماضي. واعترف سماسرة عقارات آخرون أيضا بالتأثير الذي كان للروس.
وقال وايند “منذ اندلاع الأزمة في شرق أوروبا رأينا الكثير من الروس، والكثير من الأوكرانيين أيضا، يتطلعون إلى نقل عائلاتهم وأموالهم إلى دبي”.
ولدى الإمارة تاريخ في السعي للحصول على ميزة تجارية في أزمات مثل “الربيع العربي” وكوفيد والآن حرب روسيا على أوكرانيا.
وخلال الحرب العراقية – الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، قام ميناء جبل علي بإصلاح السفن التي تضررت من جراء الانفجارات وإطلاق النار في الخليج العربي.
وشهدت الحروب التي قادتها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وصول المهاجرين الأثرياء إلى دبي ودولة الإمارات عموما.
849.86 ألف صفقة تمت العام الماضي متجاوزة الرقم القياسي السابق البالغ 831.8 ألف صفقة في 2009
ولا يزال من غير الواضح عدد الروس الذين اشتروا عقارات في دبي. وعلى عكس الولايات المتحدة، حيث تكون سجلات الملكية عامة، لا تقدم سلطات الإمارة قاعدة بيانات للمعاملات يسهل الوصول إليها.
ويتخوف محللون من تكرار الممارسات التي ساعدت في تأجيج أزمة دبي في العام 2009، وهي قيام المضاربين بشراء عقارات لم يتم بناؤها بعد.
وقالت شركة بروبيرتي مونيتور إن التقليب “على الخارطة” ينمو مرة أخرى، حيث “يستفيد المشترون الأوائل من انتعاش السوق الحالي ويسحبون علاوة في متناول اليد”.
وتحذر الشركة وغيرها الكيانات الأخرى، التي تعمل وترصد نشاط القطاع العقاري بالإمارة، من أن الشراء القائم على المضاربة قد يؤدي إلى فقاعة أخرى.
وقال سكوت ليفرمور كبير الاقتصاديين في أكسفورد إيكونوميكس ميدل إيست “يشير هذا بالفعل إلى ارتفاع في نشاط المضاربة، وهو سمة لأي سوق تشهد ارتفاعا في الأسعار”.
وتشمل المشاريع التي تم التخلي عنها سابقا، والتي تظهر حياة جديدة، لؤلؤة دبي، وهو مشروع فاخر مخطط بقيمة 4 مليارات دولار كان من المفترض أن يستضيف العديد من الفنادق والشقق في أربعة أبراج من 73 طابقا.
وانهارت تلك الخطط خلال الأزمة المالية لعام 2009 والتي أجبرت حكومة أبوظبي على تقديم خطة إنقاذ تبلغ 20 مليار دولار لحكومة دبي.