كريتر نت – متابعات
تشكل الأزمة اليمنية الاختبار الحقيقي لإرادة إيران في المضي قدما نحو مصالحة حقيقية مع السعودية، وبناء على ذلك فإن سلوك الحوثيين من المفاوضات الجارية على أكثر من مسار سيكون المحدد لمآلات العلاقة بين الخصمين الإقليميين.
وأكدت إيران الأحد أن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع السعودية سيسرع في تحقيق وقف لإطلاق النار في اليمن، في إقرار ضمني بأنها المعرقل الرئيسي لحل النزاع المستمر منذ العام 2014 في هذا البلد.
ولطالما اتهمت السلطة الشرعية في اليمن إيران بالوقوف خلف الموقف المتصلب للحوثيين حيال جهود السلام، عبر تحكمها في مفاصل القرار داخل الجماعة الموالية لها، واستمرار ضخ المزيد من الأسلحة لها.
وأعلنت البعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة أن استئناف العلاقات السياسية مع السعودية سيسرع في تحقيق وقف إطلاق النار في اليمن.
ونقلت وكالة أنباء مهر المحلية الأحد عن البعثة أن العلاقات الإيرانية – السعودية مهمة على ثلاثة مستويات: ثنائية وإقليمية ودولية. وأضافت أن استئناف العلاقات السياسية بين البلدين على جميع المستويات الثلاثة، بما في ذلك المنطقة والعالم الإسلامي، سيكون إيجابيًا.
وأعربت عن اعتقادها بأن تسرّع هذه الخطوة في تحقيق وقف إطلاق النار في اليمن وبدء حوار الشعب اليمني وتشكيل حكومة وطنية شاملة.
وأعلنت السعودية وإيران الجمعة استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، وذلك عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، بحسب بيان مشترك للبلدان الثلاثة.
ووفق البيان، جاء الاتفاق السعودي – الإيراني عقب استضافة بكين في “الفترة من 6 إلى 10 مارس الجاري مباحثات سعودية – إيرانية، “استجابة لمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، وبالاتفاق مع قيادتي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية ورغبة منهما في حل الخلافات”.
ويأتي الاتفاق السعودي في خضم مفاوضات تجري بوساطة عمانية بين الحوثيين والسعودية، للتوصل إلى وقف مطول لإطلاق النار في اليمن. وتريد المملكة بالواضح تحقيق قدر من الاستقرار في البلد المجاور وتفادي جولات قتال جديدة، ستكون لها تأثيرات سلبية على خططها ومشاريعها ضمن رؤية 2030.
ويعتقد مراقبون أن المحادثات التي احتضنتها بكين بين السعودية وإيران والتي تم بموجبها التوصل إلى توافق لتطبيع دبلوماسي تطرقت بالتأكيد إلى القضية اليمنية، التي تشكل تحديا كبيرا بالنسبة إلى المملكة.
ويرى المراقبون أن تحديد فترة الشهرين، لعودة العلاقات تبدو مهلة سعودية لإيران لإظهار نوايا جدية حيال المصالحة، ولاسيما في علاقة بالضغط على الحوثيين من أجل تقديم تنازلات.
وتتخذ إيران من الصراع اليمني ورقة ضغط لابتزاز السعودية والضغط عليها، ويرى محللون سعوديون أن الملف اليمني سيكون محددا رئيسيا حول مدى إرادة طهران في المضي قدما نحو تطبيع حقيقي مع الرياض.
وقال الكاتب السعودي حمود أبوطالب في صحيفة “عكاظ” اليومية “فترة الشهرين المحددة لفتح السفارات وعودة العلاقات هي المحك الأول لمصداقية إيران وإثبات حسن نواياها”.
وأضاف أبوطالب “لا بد أن نلمس بداية تغير حقيقي في المشهد الذي صنعته حولنا، وتصحيح فعلي لتعاملها مع المملكة، وحتى إذا نجحت إيران في اختبارها خلال هذه الفترة فلا بد أن تثبت جدية استمرارها والتزامها التام بما تم الاتفاق عليه”.
وكشف مسؤول يمني الأحد عن تبادل حكومة البلاد مع جماعة الحوثي كشوفات لـ200 أسير لدى الجانبين، خلال المشاورات المنعقدة في سويسرا برعاية أممية.
وقال المسؤول الحكومي، مفضلاً عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالتصريح للإعلام، إن “مشاورات سويسرا شهدت حتى الآن تبادل كشوفات 100 أسير يتبعون الحكومة، و100 آخرين يتبعون جماعة الحوثي”. وأضاف أنه “تتم حاليا مراجعة الأسماء من الجانبين”، دون المزيد من التفاصيل.
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أعلن بدء مشاورات جديدة بين الحكومة والحوثيين في سويسرا لتبادل الأسرى من الطرفين
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أعلن السبت بدء مشاورات جديدة بين الحكومة والحوثيين في سويسرا لتبادل الأسرى من الطرفين، وتأتي هذه المشاورات امتدادا للمفاوضات التي ترعاها مسقط بين الحوثيين والرياض.
ومن المقرّر أن تستمر هذه المشاورات نحو أسبوعين، وسط آمال بحسم هذا الملف الإنساني الحيوي.
وأواخر مارس 2022 وقعت الحكومة اليمنية اتفاقًا مع الحوثيين برعاية أممية لتبادل أكثر من 2200 أسير من الطرفين، لكن عملية إطلاقهم تعثرت وسط اتهامات متبادلة بعرقلتها.
وخلال مشاورات في السويد عام 2018 قدّم الطرفان قوائم بأكثر من 15 ألف أسير ومعتقل ومختطف، لكن لا يتوفر إحصاء رسمي دقيق للأعداد بعد هذا التاريخ.
ويعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، بإسناد من قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قتل في 2017 بمواجهات مع مسلّحي الجماعة إثر انتهاء التحالف بينهما.
وازداد النزاع منذ مارس 2015، بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.