كريتر نت – العين الإخبارية
بعد أن قضّت عمليتا سهام الشرق وسهام الجنوب مضاجع تنظيم القاعدة في اليمن، دخل الأخير مرحلة جديدة من إرهابه، ارتكز فيها على حرب العبوات الناسفة والكمائن والهجمات المسلحة.
ورفع تنظيم القاعدة من وتيرة هجماته الإرهابية التي طالت شبوة وأبين، والتي خلفت أكثر من 123 قتيلا وجريحا بينهم ضباط، خلال الستة أشهر الماضية.
ومع تصاعد عمليات “القاعدة” مؤخرًا، أثيرت مخاوف محلية واسعة من أن يكون التنظيم الإرهابي قد استجمع قواه، رغم تحجيم نفوذه من قبل عمليتي “سهام الشرق” و”سهام الجنوب” اللتين أطلقهما الجيش اليمني في شهر أغسطس/آب الماضي في المحافظتين الواقعتين جنوبي اليمن.
تقفى آثار هجمات الدم
ووفقا لإحصائية أعدتها “العين الإخبارية”، فإن تنظيم القاعدة في اليمن نفذ 29 عملية إرهابية خلال أقل من نصف عام (الثلث الأخير من عام 2022 والثلث الأول من عام 2023) في شبوة وأبين، استهدفت جميعها القوات الجنوبية والمشتركة.
ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شن تنظيم القاعدة 5 عمليات إرهابية أسفرت عن مقتل وإصابة 20 جنديا، وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أسفرت 4 هجمات عن سقوط 17 قتيلا وجريحا فيما نجا ضابطان آخران.
إلا أن شهر ديسمبر/كانون الأول كان له نصيب الأسد من تلك الهجمات، بمعدل 8 عمليات إرهابية، سقط على إثرها 31 قتيلا ومصابا، فيما شهد شهر يناير/ كانون الثاني ما يقدر بـ4 هجمات إرهابية خلفت قرابة 24 جنديًا بين قتيل وجريح.
وفيما شهد شهر فبراير/شباط الماضي نحو 3 عمليات، أدت إلى مقتل وإصابة 14 جنديا، نفذ تنظيم القاعدة في شهر مارس/ آذار الجاري 4 عمليات إرهابية أسفرت عن مقتل وإصابة 17 جنديا.
وتركزت جميع هجمات تنظيم القاعدة في مديرية المحفد وفي وادي عومران شرق مديرية مودية في محافظة أبين، وفي محافظة شبوة طالت بلدة المصينعة في مديرية الصعيد وبلدة الصفراء في مديرية عسيلان، شمالي غرب المحافظة.
حرب العبوات الناسفة
وكانت جميع هجمات تنظيم القاعدة بالعبوات الناسفة باستثناء هجومين، وقع الأول في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقب إحباط القوات الجنوبية “محاولة تسلل” لأطراف مديرية المحفد، وكان الثاني في 14 مارس/آذار الجاري في شبوة، مما خلف 4 قتلى بصفوف الجنود وكبد التنظيم 6 عناصر قتلى.
وعن مواقع انتشار تنظيم القاعدة، قالت مصادر عسكرية وأمنية لـ”العين الإخبارية”، إنه يتخذ من سلاسل جبلية بين أبين وشبوة والبيضاء مخابئ ومناطق تدريب للمُجندين، لصعوبة استهدافها من قبل “الدرونز” الأمريكي، مشيرة إلى أنه يتخذ البيضاء نقطة انطلاق لإدارة عملياته في محافظة أبين تحديدا.
وبحسب المصادر، فإن تنظيم القاعدة ينشط -كذلك- في مناطق نائية وبعيدة في أجزاء من مديرية مرخة العليا في شبوة، معتمدا على مليشيات الحوثي في حماية خلفيته وإمداده من البيضاء، إلى جانب نشاطه في مديرية وادي عبيدة بمأرب التي كانت محور 3 هجمات للطائرات بدون طيار الأمريكية على مدى 3 أشهر مضت.
نشاط إرهابي
ويعزو خبراء يمنيون ارتفاع نشاط وهجمات تنظيم القاعدة في محافظتي شبوة وأبين خلال الآونة الأخيرة إلى إطلاق مليشيات الحوثي، عناصر التنظيم الإرهابي من السجون ضمن توافق المصالح بين التنظيمات الإرهابية.
وقال المتحدث باسم القوات المشتركة في الساحل الغربي لليمن العقيد وضاح الدبيش إن “علاقة الحوثي والقاعدة وداعش على مستوى المنطقة متناغمة، تلعب خلالها الأدوار وتتفق في المصالح والأهداف”.
وأوضح متحدث القوات المشتركة، في تصريح لـ”العين الإخبارية”، أن “عودة تنظيم القاعدة مؤخرا للنشاط جاءت بعد إطلاق مليشيات الحوثي سراح عناصرها كان آخرها الصفقة التي أبرمت في فبراير/شباط الماضي”.
وأضاف أن إطلاق الحوثيين سراح العناصر الإرهابية يعد أحد العوامل التي ساهمت في تغذية نشاط تنظيم القاعدة في المناطق المحررة، مشيرًا إلى أن الصفقات التي تتم بين القاعدة والحوثي ترتكز على أساس قيام الأولى بهجمات خطيرة في المناطق المحررة مقابل إطلاق مليشيات الحوثي عناصرها.
تحالف الدم
وبحسب الدبيش، فإن أحد أوجه تعاون مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة، يتمثل في تدريب الأولى لعناصر الثاني في الجوف ومأرب والبيضاء، على استخدام العبوات الناسفة التوجيهية عن بعد، ليتم إطلاقهم بعدها نحو المناطق المحررة.
يأتي ذلك، فيما تقوم مليشيات الحوثي بصرف رواتب ومكافآت لبعض عناصر القاعدة في مناطق سيطرتها، وسط ترجيحات بأن خبراء إيرانيين منخرطون في تدريب هذه العناصر المتشددة، بحسب الدبيش، الذي قال إن المليشيات تحاول بشتى الوسائل زعزعة الأمن في المناطق المحررة وإرباك الوضع وتأجيجه.
واتهم المتحدث العسكري النظام الإيراني بالوقوف كهمزة وصل “بين القاعدة والحوثيين”، مشيرا إلى أن طهران تقوم بتنسيق العمليات بين الطرفين بشكل سري وخفي، وترعى صفقات تبادل الأسرى بين التنظيمين الإرهابيين.
وأضاف أن “الصفقة الأخيرة والمعلنة الشهر الماضي بين القاعدة والحوثيين كانت بإيعاز إيراني من أجل توجيه رسالة للقوى الإقليمية والدولية أن إيران لها أوراق عدة لتحريكها في الساحة لقلب الموازين وتحقيق وحماية مصالحها”.
يأتي ذلك في وقت يواجه فيه تنظيم القاعدة الإرهابي ضغطا عسكريا كبيرا إثر عملية سهام الشرق والجنوب التي أفقدته معاقله في محافظتي شبوة وأبين، مما دفعه للجوء إلى التفجيرات الإرهابية كتكتيك للرد والانتقام، وفقا للمتحدث العسكري.