كريتر نت – متابعات
تحولت أنظار المحللين إلى ما ستكون إحدى المعارك النقدية الصعبة للبنك المركزي البريطاني منذ عقود بالنظر إلى القفزة المفاجئة في التضخم والذي بات أحد العوامل المزعجة للحكومة التي عولت على ميزانية أطلقتها هذا الشهر لتعديل بوصلة الاقتصاد.
وتدفع أسعار الاستهلاك في السوق البريطانية صانعي السياسة النقدية إلى الاستعداد لفتح جبهة جديدة في المعركة المستمرة لتشديد القيود بهدف كبح التضخم وإنعاش الاقتصاد الذي تضرر جراء الحرب في أوكرانيا وجعل الشركات والمستهلكين في وضع أشد قسوة.
وارتفع التضخم بشكل غير متوقع إلى 10.4 في المئة في فبراير الماضي مدفوعا بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات في الحانات والمطاعم وفقا لبيانات رسمية من المرجح أن تدفع بنك إنجلترا المركزي إلى رفع أسعار الفائدة يوم الخميس.
وكان اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم توقعوا أن ينخفض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلك إلى 9.9 في المئة الشهر الماضي من 10.1 في المئة خلال يناير ويبتعد أكثر عن أعلى مستوى في 41 عاما المسجل في أكتوبر عند 11.1 في المئة.
ومن المرجح أن تعزز الأرقام بما في ذلك الزيادات في إجراءات التضخم الأساسية التي يراقبها بنك إنجلترا عن كثب مخاوف صانعي السياسة في بنك إنجلترا الذين يخشون أن يكون التضخم بطيئا في الانخفاض، حتى بعد 10 زيادات متتالية في الفائدة.
وانقسم المستثمرون حول ما إذا كان البنك المركزي سيتوقف مؤقتا عن ذلك بعد الاضطرابات الأخيرة في القطاع المصرفي العالمي. لكن الأسواق المالية توقعت الأربعاء زيادة ربع نقطة مئوية لتبلغ الفائدة 4.25 في المئة.
ونسبت وكالة رويترز إلى ليز مارتينز كبيرة الاقتصاديين في بنك أتش.أس.بي.سي قولها إنه “بينما بدا القرار في بعض الأحيان خلال الأسبوع الماضي على حافة الهاوية، يبدو أن نتيجة التضخم هذه تتأرجح لصالح زيادة بمقدار 25 نقطة أساس”.
وارتفع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار واليورو بعد نشر البيانات وقفز عوائد السندات الحكومية البريطانية لمدة عامين، والتي تتأثر بالمضاربة بشأن أسعار الفائدة.
وتتناقض الزيادة في التضخم مع انخفاض معدل مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة إلى ستة في المئة في 12 شهرا حتى فبراير. كما تراجع التضخم في منطقة اليورو الشهر الماضي إلى 8.5 في المئة، لكن نمو الأسعار الأساسي استمر في التسارع.
وقال مكتب الإحصاء البريطاني إن إنهاء عروض المشروبات في نهاية يناير في الحانات والمطاعم كان العامل الأكبر وراء ارتفاع الشهر الماضي، لكن النقص في عناصر السلطة لعب أيضا دورا.
وارتفع معدل التضخم الإجمالي للأغذية والمشروبات غير الكحولية إلى 18 في المئة، وهو أعلى معدل منذ عام 1977، مما يعكس الطقس البارد في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا، فضلا عن انخفاض الإنتاج من الصوبات الزراعية في شمال أوروبا التي تواجه فواتير طاقة عالية.
10.4 في المئة معدل التضخم بنهاية فبراير الماضي وهو الأعلى منذ أكثر من 41 عاما
وأضافت أسعار المشروبات الكحولية المرتفعة 0.17 نقطة مئوية إلى معدل التضخم في فبراير بينما أضافت زيادة تكلفة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية 0.15 نقطة مئوية. وساعد انخفاض أسعار البنزين في تعويض بعض هذه الزيادات.
وثمة نفخ كامن أيضا، فقد ارتفع التضخم السنوي في قطاع الخدمات، والذي يعتبره معظم صانعي السياسة مقياسا جيدا لضغوط الأسعار الأساسية في الاقتصاد، إلى 6.6 في المئة من ستة في المئة في يناير.
وارتفعت الأجور الأساسية المحرك الرئيسي لأسعار الخدمات بنسبة 6.5 في المئة سنويًا في الأشهر الثلاثة حتى يناير. وأظهر مسح لأصحاب العمل الأربعاء أنهم يتوقعون زيادة الأجور بمعدل خمسة في المئة هذا العام، حوالي ضعف معدلات ما قبل الوباء.
وتظهر البيانات زيادة مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي الذي يستثني الطاقة والغذاء والكحول والتبغ ويراقبه بنك إنجلترا أيضا إلى 6.2 في المئة من 5.8 في المئة في يناير، مقابل انخفاض متوقع إلى 5.7 في المئة.
وقال بول ديلز كبير اقتصاديي المملكة المتحدة في كابيتال إيكونوميكس إن “أرقام التضخم هذه تشبه إلى حد ما التجربة الأميركية الأخيرة”.
وأوضح لرويترز أن التضخم الأساسي كان قد بدأ يتراجع بسرعة قبل بضعة أشهر فقط حتى يتسارع مرة أخرى حيث أثبت النشاط الاقتصادي مرونته.
ومع ذلك، قال محللون آخرون إن الزيادة في التضخم ناتجة على ما يبدو عن عوامل لمرة واحدة.
وفي الشهر الماضي، انخفض معدل التضخم الرئيسي في توقعات بنك إنجلترا إلى أقل من 4 في المئة بحلول نهاية هذا العام، ويكون أقل من هدفه البالغ اثنين في المئة اعتبارًا من منتصف عام 2024 فصاعدا، مع عدم ارتفاع أسعار الطاقة بشكل حاد.
وبينما توقع مكتب مسؤولية الميزانية الحكومي الأسبوع الماضي أن ينخفض التضخم إلى أقل من ثلاثة في المئة بنهاية عام 2023، أكد بعض صانعي السياسة في بنك إنجلترا أنهم شددوا بما فيه الكفاية وأن التأثير الكامل لارتفاعات أسعار الفائدة السابقة لم يظهر بعد.
وقال وزير المالية جيريمي هانت أمام مجلس العموم الثلاثاء الماضي إن “البيانات تظهر أن التراجع المتوقع في التضخم لا يمكن أن يؤخذ على أنه أمر مسلم به”.
وأضاف “انخفاض التضخم ليس حتميا، لذلك نحن بحاجة إلى التمسك بخطتنا لخفضه إلى النصف هذا العام”. وشدد على أن التضخم فوق 10 في المئة “مرتفع بشكل خطير”.
وارتفعت الأسعار التي دفعتها المصانع بنسبة 12.7 في المئة على مدى 12 شهرًا حتى فبراير، وهو ما لا يزال يمثل ارتفاعًا كبيرًا وفقًا للمعايير التاريخية ولكن أضعف زيادة لها منذ سبتمبر 2021.
وتظهر الإحصائيات الرسمية أن الأسعار التي يتقاضاها المصنعون زادت بأضعف وتيرة لها في عام، عند مستوى قدره 12.1 في المئة.