كريتر نت – متابعات
يسعى الحوثيون للتمدد بمناطق إستراتيجية في عدد من المحافظات اليمنية، مقللين من شأن الاتفاق السعودي –الإيراني على الوضع في البلاد. ويرى محللون أن هذا النهج ليس بجديد، وأن الجماعة تسعى من خلال خطواتها التصعيدية إلى تحسين موقفها التفاوضي قبل أيّ اتفاق مرتقب.
ويواصل الحوثيون تصعيدهم العسكري والسياسي وطرح المزيد من الاشتراطات والتلويح بالعودة إلى خيار العنف، في ظل إدانات دولية وترقب حكومي يكشف عن عدم حسم الشرعية اليمنية خياراتها في مواجهة الاستفزازات الحوثية.
وتمحورت تصريحات قيادات حوثية بارزة حول التقليل من نتائج الاتفاق بين الرياض وطهران على الملف اليمني ورهن أيّ تقدم إيجابي في هذا الملف بتنفيذ اشتراطات الجماعة.
وعقد مجلس القيادة الرئاسي الأحد اجتماعا للوقوف “أمام تطورات الأوضاع المحلية، والتصعيد الحربي للميليشيات الحوثية الارهابية، خصوصا في مديريتي حريب ومرخة بمحافظتي مأرب وشبوة، واعتداءاتها الممنهجة على الأعيان في المدنية، والطرق العامة، بما في ذلك هجومها الفاشل الذي استهدف موكب محافظ تعز وعددا من قيادات الدولة والسلطة المحلية في المحافظة”.
وفي محاولة للإيحاء باستعداد الشرعية اليمنية لخيار المواجهات العسكرية مع الحوثيين ترأس رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك، في العاصمة المؤقتة عدن، اجتماعاً مشتركا لقيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة وقيادة الدعم والإسناد “لمناقشة التطورات على الصعيد الميداني والعسكري في ضوء المستجدات الأخيرة”.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية ‘ن الاجتماع استعرض “خطة وزارة الدفاع لتنسيق أعمال المحاور والجبهات في غرفة عمليات مشتركة موحدة على امتداد المناطق المحررة، إضافة إلى الاحتياجات اللوجستية للحفاظ على الجاهزية العسكرية، تنفيذا لتوجيهات مجلس القيادة الرئاسي”.
وحول الخيارات المتاحة أمام الشرعية اليمنية في مواجهة التصعيد الحوثي، وصف الباحث السياسي اليمني عبدالوهاب بحيبح ما يجري من تحركات وهجوم حوثي على بعض الجبهات خصوصا في مديريتي حريب في محافظة مأرب ومرخة بمحافظة شبوة بأنها تحركات حثيثة لما قبل الاتفاق المرتقب.
وأضاف بحيبح في تصريح لـ”العرب” أنه “إذا كانت النوايا الإيرانية جادة في تطبيع العلاقات مع السعودية فإنها ستوعز لوكلائها في اليمن بقبول تسوية ما في الملف اليمني، والحوثيون يحاولون التمدد حاليا في مناطق تعتبر إستراتيجية نظرا لقربها من حقول النفط والغاز، ليعززوا نفوذهم وسيطرتهم وموقفهم التفاوضي وحضورهم على الأرض قبل أي تسوية تكلفهم إيران بقبولها”.
وحول انعكاس الاتفاق السعودي – الإيراني على الملف اليمني تابع بحيبح “مع إدراكنا بأن أيّ اتفاق مع إيران ووكلائها هو اتفاق مرحلي، لذلك لن يلتزم الحوثي بالهدنة أو الاتفاق وإنما يتخذها تكتيكات مرحلية لخطوات تصعيدية قادمة، حيث أن الميليشيا الحوثية حركة ثيوقراطية عقائدية ولدت من رحم الحرب، شعارها الموت لذلك لن تتخلى عن نهجها الدموي ولن تلتزم بأيّ اتفاق سلام، فعقيدتها ونهجها وسلوكها تؤكد هذا القول، كما أن سر بقائها يكمن في العنف والإرهاب”.
ولفت المحلل اليمني إلى أن الخيارات القائمة أمام المجلس القيادي الرئاسي هي “توحيد الجهود والصفوف والعمل على تدعيم الجيش وتطوير قدراته والمبادرة لاستعادة الأرض، وليس معارك الدفاع وانتظار ما يقوم به الحوثي، وأن يفرض الجيش اليمني ميدان العمليات العسكرية وليس الحوثي الذي يتفرّد بالجبهات واحدة تلو الأخرى، فحروب الدفاع والاستنزاف لن تؤثر على الميليشيا الحوثية حيث لديها مخزون بشري كبير في مناطق سيطرتها تزج بهم إلى المعارك”.
وشدد على أن “ما يقصم ظهر الميليشيا ويعرقل إستراتيجيها هو السيطرة على الأرض في عمليات عسكرية سريعة وخاطفة. أما على المستوى السياسي فلدى مجلس القيادة الرئاسي الكثير من الخطوات أهمها الانسحاب من اتفاق ستوكهولم وتفعيل دور الدبلوماسية اليمنية المنتشرة في دول العالم بشكل نشط من خلال توثيق جرائم الحركة الحوثية وملاحقة قيادتها وداعميها محليا وإقليميا ودوليا”.
ويواصل الحوثيون إرسال الرسائل المتناقضة حول موقفهم من خيار السلام، وتقديم المزيد من الاشتراطات، إلى جانب التأكيد على عدم التزامهم بأيّ اتفاقات بين السعودية وإيران تتعلق بالملف اليمني.
وقال المتحدث باسم جماعة الحوثي، محمد عبدالسلام إن الاتفاق السعودي – الإيراني لن يؤثر بشكل إيجابي في اليمن ما لم يتم تنفيذ متطلبات الجماعة. وأشار عبدالسلام، في حوار مع مجلة “نيوزويك” الأميركية، إلى أن انعكاس الاتفاق السعودي – الإيراني على الملف اليمني مرهون بتنفيذ المتطلبات بـ”إنهاء الحصار وصرف الرواتب وفتح الموانئ” حسب تعبيره.
وفي مؤشر على تناغم المواقف الحوثية للضغط على الإقليم والمجتمع الدولي لانتزاع المزيد من المكاسب، طرح القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي خمسة شروط قائلا إن السلام لن يتحقق بدون تنفيذها، وهي “توقف العدوان ورفع الحصار وخروج الاحتلال والتعويضات وإنهاء موضوع الأسرى”. وقلل الحوثي من انعكاسات التقارب السعودي – الإيراني على الملف اليمني معتبرا أن هذا الاتفاق أمر يخص الطرفين، مشيرًا بأن جماعته تمتلك قرارا مستقلاً وهي المعنية بالحديث عن شؤونها.
وفي تعليقه على خلفيات التصعيد الحوثي في هذه المرحلة، قال الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في تصريح لـ”العرب”، “يعي الحوثيون حالة الرفض الشعبي لهم وإن إنهاء الحرب وتحقيق السلام يعني النهاية لمشروعهم الطائفي والعنصري ويرون في حالة الحرب والفوضى المناخ الملائم لتحقيق مكاسبهم وتثبيت سلطتهم”.
وأشار الجبري إلى أن الميليشيا الحوثية ترغب في استمرار شماعة ما تسميه “عدوان17 دولة” لإسكات وقمع أيّ أصوات معارضه واستمرار نهبها لإيرادات الدولة لصالح قياداتها بمسمّى المجهود الحربي وغيره ولذلك تعمل على خلط الأوراق والعبث بالجهود الدولية.
واعتبر المحلل اليمني أن التصعيد الحوثي يؤكد أن لا نية للحوثيين تجاه السلام في اليمن والرهان اليوم على جدية إيران في وقف الحرب في اليمن، وأضاف “تستطيع إيران إيقاف الحرب وبيدها القرار كون مجلس الحرب في اليمن بيد قيادات في الحرس الثوري الايراني، وحديث إيران عن أن قرار الحوثي بيده استغفال للجميع وتأكيد على أن إيران غير جادة في تسوية علاقاتها في المنطقة”.
وتابع “لاتزال الساحة السياسية اليمنية غير مهيأة لتحقيق سلام ومجلس القيادة الرئاسي في حاجة إلى أن يخوض معركة عسكرية يغير فيها قواعد المعركة ويحقق فيها انتصارا أكبر تجاه الحديدة حتى تشعر الحوثية بالخطر على مصالحها وتقترب تجاه السلام”.