كريتر نت – العين الإخبارية
ارتسمت محافظة إب في ذاكرة اليمنيين كمدينة للحب والجمال والسلام، غير أنها تحولت مؤخرا لقبضة أمنية وساحة لجرائم حوثية.
جرائم يتصدر ارتكابها القيادي البارز في مليشيات الحوثي أبو علي الكحلاني واسمه الفعلي هادي عبدالخالق الكحلاني.
ينتحل رتبة “عميد” ويعد المطلوب الـ39 في قائمة الـ 40 مطلوبا للتحالف العربي لدعم الشرعية باليمن، مقابل مكافأة تصل لـ5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إليه.
والكحلاني هو مسؤول الحراسة الشخصية سابقا لزعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، وكبير المسؤولين الأمنيين حاليا في محافظة إب (وسط) التي تعيش حصارا خانقا، وجرائم وحشية للانقلابيين على خلفية انتفاضة “حمدي المكحل” الذي طالبت برحيل الحوثيين.
كما يملك سجلا وحشيا من الجرائم منذ عمله مديرا لأمن محافظة الحديدة (غرب) لسنوات، حيث مارس فيها صنوفا مختلفة من الانتهاكات جعلت سكان المحافظة يصفونه بـ”السفاح” لاسيما بعد تحويله قلاعا أثرية في تهامة لسجون وزنازين للمدنيين.
والعام الماضي، عينت مليشيات الحوثي “السفاح” مديرا لأمن محافظة إب التي ارتكب فيها أكثر من 6 آلاف انتهاك كان آخرها إعدام الشاب حمدي المكحل في أحد السجون ورميه من الطابق الثاني، في جريمة هزت الرأي العام لتتحول جنازة الضحية لانتفاضة ضد “الجلاد”.
ملثمون واعتقالات
مصادر محلية وأمنية يمنية قالت لـ”العين الإخبارية”، إن أبو علي الكحلاني “استقدم منذ مطلع شهر رمضان تعزيزات ضخمة من صعدة وعمران وذمار وحجة إلى إب، لتأديب سكانها، كما أنه توعد أبناء المحافظة”.
ووفقا للمصادر نفسها، فإن الحوثيين استقدموا عناصر من الأمن الوقائي (المخابرات الداخلية للانقلابيين) وما يعرف بـ”مليشيات التدخل السريع”، وهي قوة للمهام الخاصة وتولت في محافظة إب اقتحام المنازل واعتقال عشرات الناشطين والشباب والأطفال.
وأوضحت المصادر أن مليشيات الحوثي نشرت “عناصر التدخل السريع” في مداخل وشوارع مدينة إب وهم ملثمون يرتدون الأقنعة على وجوههم ومدججون بالأسلحة بزعم أنهم “ضبط مروري”، وقد أقدموا قبل يومين على قتل امرأة عقب اشتباكات بالأسلحة النارية مع مواطنين في مفرق “جبلة”.
وأشارت المصادر إلى أن مليشيات الحوثي وعبر ذراعها الأمني هادي الكحلاني اعتقلت أكثر من 60 شابا وناشطا على خلفية مشاركتهم في جنازة “حمدي المكحل” أول رمضان والتي تحولت إلى انتفاضة هتفت ضد الجماعة الإرهابية، ومزقت شعارتها.
كما لجأ الحوثيون إلى إعلان حالة طوارئ غير معلنة في المحافظة، وأقدموا على تغيير عدد من مدراء أقسام الشرطة الخاضعة لسيطرتهم، بينها شرطة “الشعاب” و”مدينة القاعدة” وذلك إثر “انتفاضة المكحل” التي أثبتت أن المليشيات بلا حاضنة شعبية.
وتقع إب وهي العاصمة السياحية لليمن على بعد 180 كيلومتراً، جنوب صنعاء وتعرف بـ”اللواء الأخضر”، وتتميز بمواقع طبيعية خلابة، كما يتميز سكانها بأنهم مسالمون ومتعلمون لكنهم لم يسلموا من إرهاب الكحلاني.
سجل قاتم
منذ قدوم أبو علي الكحلاني إلى إب، باتت المحافظة ساحة لجرائم غير مرئية وأخرى وثقتها منظمات حقوقية منها رصد 6296 جريمة وانتهاكا وقعت في مختلف المديريات، وتنوعت بين القتل والإصابة والاختطاف والنهب والاقتحام والسطو على الممتلكات العامة والخاصة.
من بين إجمالي الانتهاكات، وفقا لمنظمة رصد للحقوق والحريات، ارتكاب مليشيات الحوثي 241 حالة قتل و310 جريمة شروع في القتل، وتعرض 85 مبنى عام وخاص للاقتحامات والمداهمات.
كما وثقت المنظمة اختطاف مليشيات الحوثي أكثر من 1216 شخصا، فضلا عن قمع وسجن 11 حالة لناشطين وصحفيين، خلال عام 2022.
رئيس منظمة رصد للحقوق والحريات عرفات حمران أرجع القبضة الأمنية في محافظة إب إلى أكتوبر/تشرين الأول 2014 بعد أن استقدمت مليشيات الحوثي قواتها من صعدة وعمران وذمار لاجتياح المحافظة المسالمة.
وقال حمران في حديثه لـ”العين الإخبارية”، إن “الوضع في إب من حيث القبضة الأمنية المشددة مخيف، والجرائم تتنوع ما بين الاختطافات والاعتقالات والقتل تحت التعذيب”.
وأضاف “بعد مقتل الشاب المكحل، وهو شاب بسيط كان يعول أسرته من على دراجة نارية وليس له أية خلفيات سياسية ، اعتقلته المليشيات شهرا ثم أطلقت سراحه، لكن سرعان ما عاد لنشر مقاطع فيديو تعري فساد الجماعة قبل أن يتم اعتقاله مجددا”.
وعن الوضع الأمني في إب، أوضح الحقوقي أنه أصبح بعد “جنازة المكحل ليس كما قبله، خصوصا بعد تمزيق شعارات الحوثيين وهتافات “لا حوثي بعد اليوم” حيث استقدمت المليشيات عبر ذراعها الكحلاني بالفعل تعزيزات حوثية من صعدة وعمران وذمار، بل إن الرجل هدد بأنه سيقوم بتأديب سكان المحافظة”.
وأشار الحقوقي اليمني إلى أن أبو علي الكحلاني “لم يعد يثق بأي من القيادات الأمنية في محافظة إب أو الجنود عقب انتفاضة المكحل، حيث عمد على تطويق المدينة القديمة حتى الآن حيث لا يمكن الدخول والخروج إلا بإثبات الهوية (بطاقة) واعتقل أطفالا تحت عمر 14 سنة كانوا يضعون الكحل في يوم جنازة المكحل”.
ونوّه حمران بأن “مليشيات الحوثي تتخوف بشدة من انتفاضة حقيقية في محافظة إب كونها كانت الشرارة الأولى للانتفاضة السلمية، وحركة رفض بعد دخول مليشيات الحوثي صنعاء”.
وفي بداية رمضان، تحولت جنازة الناشط اليمني حمدي المكحل الذي قضى في أحد سجون مليشيات الحوثي إلى انتفاضة شعبية حطّم خلالها شبان حاجز الصمت الذي ضرب “إب الخضراء” لسنوات، وامتدت إلى تمزيق شعارات الحوثي وهتافات تطالب برحيل المليشيات من المحافظة.
وأدانت الحكومة اليمنية جريمة مقتل حمدي المكحل، فيما دعت العديد من المنظمات الحقوقية إلى تحقيق دولي شفاف لكشف ظروف مقتله، مطالبة مليشيات الحوثي بالتوقف فورا عن مسلسل الاعتقالات في المحافظة المسالمة.