كريتر نت – متابعات
كثّفت واشنطن من تحركاتها المرتبطة بوقف الحرب في اليمن بهدف خفض مستوى التوتر في المنطقة وفي ظل قلقها من استمرار ضفتي البحر الأحمر في حالة حرب وانعدام الأمن، بالتوازي مع مساع لتعزيز نفوذها في اليمن في المرحلة القادمة على الصعيدين الاقتصادي والأمني.
وبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء في اتصال هاتفي مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، جهود تحقيق السلام في اليمن.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية إن بلينكن ناقش مع نظيره السعودي “الدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في المحادثات مع الحوثيين والجهود القائمة لتحقيق السلام في اليمن”، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الأميركي أكد “على دعم الولايات المتحدة للجهود التي تمهد الطريق إلى عملية سلام يمنية – يمنية بوساطة الأمم المتحدة، تهدف إلى التوصل إلى تسوية شاملة للنزاع”.
وتسعى الإدارة الأميركية لاستثمار أجواء السلام التي تلوح في اليمن، والتي أتت نتيجة تقارب سعودي – إيراني قادته الصين، ومحاولة إظهاره كجزء من إنجازات إدارة الرئيس جو بايدن على الصعيد الخارجي.
◙ الاهتمام الأميركي المتزايد بالملف اليمني يأتي كمحاولة لتعزيز نفوذ واشنطن الاقتصادي والأمني في مرحلة ما بعد الحرب واستكشاف فرص التأثير خلال الفترة المقبلة
ورحبت واشنطن بشكل لافت بالزيارة التي قام بها وفد سعودي إلى صنعاء، برفقة وفد عماني، عبر سلسلة من التصريحات على لسان مسؤولين في الخارجية الأميركية بالتوازي مع جولة قام بها المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ في المنطقة، قابلها الحوثيون بالانتقادات والتقليل من الدور الأميركي ومحاولة إبرازه كدور مقوض لجهود السلام في الملف اليمني.
وشهد الموقف الأميركي اهتماما متزايدا بالملف اليمني، في تناغم مع الجهود السياسية التي تبذلها السعودية لوقف الحرب في اليمن والتوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار والشروع في عملية سياسية تقود إلى مرحلة انتقالية في اليمن.
ويعزو مهتمون بالشأن اليمني دعم واشنطن للتسوية في اليمن إلى رغبتها في تجاوز التوترات الأمنية على ضفتي البحر الأحمر خاصة في ظل تهديدات حوثية مستمرة باستهداف السفن، وما يعنيه ذلك من متاعب للسفن التي تحمل شحنات النفط.
وكانت البحرية الأميركية قرّرت في العام الماضي تشكيل فرقة عمل جديدة مع دول حليفة للقيام بدوريات في البحر الأحمر بعد سلسلة هجمات شنّتها ميليشيا الحوثيين في الممر المائي الحيوي للتجارة العالمية.
كما برز اهتمام واشنطن بالملف اليمني عبر زيارات متكررة قام بها السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن وفريقه إلى المحافظات المحررة الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، مثل عدن وحضرموت.
ووصف فاغن خلال أحدث زيارة له إلى مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، الثلاثاء، المحافظة بأنها “من أكثر المناطق استقرارًا في اليمن”.
وأكد في تصريح للمكتب الإعلامي لمحافظ حضرموت عقب لقائه المحافظ وقيادة السلطة المحلية أن “الولايات المتحدة تدعم جهود المملكة العربية السعودية لإنهاء النزاع في اليمن ونجاح العملية السلمية اليمنية التي تشكل الحل الأوحد لإنهاء الصراع الدائر في اليمن”.
ويأتي الاهتمام الأميركي المتزايد بالملف اليمني، كمحاولة لتعزيز نفوذ واشنطن الاقتصادي والأمني في مرحلة ما بعد الحرب، واستكشاف فرص التأثير خلال الفترة المقبلة، مع بروز مؤشرات على تنافس اقتصادي يلوح في الأفق بين واشنطن وبكين التي قام سفيرها بزيارات مماثلة إلى عدن وحضرموت تركّزت حول الجانب الاقتصادي والدور الصيني المحتمل في مرحلة ما بعد الحرب، بالنظر إلى التطلعات الصينية لضم موانئ اليمن إلى مشروع “الحزام والطريق”.
وحول قراءته لخلفيات الاهتمام الأميركي اللافت بالملف اليمني خلال الآونة الأخيرة، أكد يعقوب السفياني، مدير مركز ساوث 24 للدراسات في عدن، أن ملف اليمن بالنسبة إلى الولايات المتحدة يحظى بأهمية على المستويين الأمني والاقتصادي بدرجة أساسية، مشيرا إلى أن واشنطن لا تفوّت أيّ فرصة للتأكيد على أهمية اليمن بالنسبة إليها على الدوام.
وأضاف “تحرص الولايات المتحدة على بقائها قريبة من مآلات الأزمة ومساراتها وعلى صياغة أو المشاركة في صياغة أيّ تفاهمات أو اتفاقات في اليمن تضمن المصالح الأميركية وتحافظ على التوازنات”.
وحول بعض مؤشرات الاهتمام الأميركي باليمن قال السفياني في تصريح لـ”العرب”، “ليس أدل على الاهتمام الأميركي باليمن من الزيارات التي أجراها السفير الأميركي ستيفن فاغن إلى حضرموت الغنية بالنفط وذات الموقع الإستراتيجي المترامي المطل على بحر العرب، حيث قام فاغن بإجراء ثلاث زيارات خلال أقل من عام آخرها كانت الثلاثاء التقى خلالها محافظ حضرموت”.
وأضاف “من الواضح أن المصالح الدولية الكبرى في اليمن تبدأ من حضرموت التي تحظى بأهمية في خطط المستقبل للأقطاب العالمية فهي من النقاط الرئيسية لمشروع الحزام والطريق الصيني الجديد وأيضاً ذات أهمية للولايات المتحدة أمنيا واقتصاديا”.