كريتر نت – متابعات
أفاد فريق الدفاع عن زعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي بأن رئيس البرلمان المنحل في يوليو 2021 يواجه تسع قضايا بعض أحكامها قد يصل إلى عقوبة الإعدام.
وفي مؤتمر صحافي عقد الثلاثاء، قال سامي الطريقي عضو هيئة الدفاع عن الغنوشي إن رئيس حركة النهضة مسجون بسبب تصريح مفبرك تسبب في التنكيل به، وفق تعبيره.
وأوقفت السلطات التونسية في 17 أبريل الماضي الغنوشي (81 عاماً)، بعد مداهمة عناصر الأمن لمنزله في العاصمة، قبل أن تأمر المحكمة الابتدائية في العاصمة تونس بإيداعه السجن في قضية “التصريحات المنسوبة له بالتحريض على أمن الدولة”، على خلفية تصريح هدّد فيه بإشعال حرب أهلية وبإثارة الفوضى في تونس، في حال إبعاد حركة النهضة من السلطة.
وظهر الغنوشي في مقطع فيديو أثناء اجتماع لجبهة الخلاص الوطني المعارضة، انتشر بشكل واسع بين التونسيين، يلوّح بالحرب الأهلية وببث الفوضى، في حال استبعدت حركة النهضة والإسلام السياسي عن المشهد السياسي في البلاد.
وقضت محكمة تونسية الأسبوع الماضي بسجن الغنوشي مدة عام واحد مع غرامة مالية بتهمة التحريض على الأمنيين عبر استخدام عبارة “طاغوت”.
وذكرت هيئة الدفاع عن الغنوشي أنّ الحكم غيابي في قضية رفعها ضدّه أحد أعضاء نقابة أمنية على خلفيّة وصفه عناصر الأمن التونسي بالـ”طواغيت”، وذلك أثناء تأبين أحد المنتسبين في حزب النهضة.
وقال الطريقي في المؤتمر الصحافي إن الغنوشي موقوف من أجل ”تصريح سياسي دعا فيه للمصالحة والوحدة الوطنية ونبذ العنف” وتم إرفاقه بإيداع آخر على خلفية ”تصريحه أثناء تأبين أحد أصدقائه بتطاوين”.
وأضاف كل الإجراءات التي اتبعتها النيابة العامة في تونس كانت خارج القانون، وادعى أن النيابة العامة “استندت إلى تصريح سياسي مفبرك نسب للغنوشي ونشر على صفحة معادية لحركة النهضة، لتصبح التهمة “تبديل هيئة الدولة” وتم اعتماد فصول تصل العقوبات فيها إلى الإعدام”.
وأشار الطريقي إلى أن ”الغنوشي يتلقى العناية والمتابعة الطبية اللازمة في سجن ايقافه من قبل هيئة السجون والاصلاح”.
وأوضح أن الغنوشي قاطع التحقيق أمام الفرق الأمنية وتطور الموقف الى مقاطعة الهيئات القضائية بسبب ”اهتزاز ثقته في القضاء وعدم اطمئنانه له”، مشددا على أن هذه المقاطعة مستمرة.
وقرّرت الهيئة مقاطعة كلّ جلسات الاستماع والمحاكمة بسبب ما وصفته “بعدم سلامة الإجراءات القضائية”.
وقالت زينب البراهمي عضو هيئة الدفاع عن الغنوشي في المؤتمر الصحافي إن رئيس حركة النهضة “مستهدف سواء صمت أو تكلم”، وفق ما نقلت وسائل إعلام تونسية.
وأضافت البراهمي أن الغنوشي “يواجه تسع قضايا بعد أكثر من 120 ساعة سماع واستنطاق” ومعتبرة أنه “يسجن من أجل فكره وكلمة عبر عنها لكن تم فبركتها وتأويلها”.
واعتبرت أن هذه القضية فيها استهداف لرئيس الحركة ولحركة النهضة التي تدعو إلى الوحدة الوطنية.
وأفادت الهيئة بأنها تقدمت بشكوى إلى النيابة العامة بشأن ذلك الملف، منتظرة ردها النهائي.
وعادت حركة النهضة الإسلامية إلى تسويق خطاب المظلومية الذي دأبت عليه منذ ثمانينات القرن الماضي، في محاولة لاستدرار عطف التونسيين، حيث اختارت أن تضفي طابعا سياسيا على القضايا المتهم فيها الغنوشي وعدد من قيادات الحركة في محاولة تشويه صورة الإدارة التونسية التي تعتبرها النهضة خصمها الأول.
ويرى مراقبون أن ما تقوم به حركة النهضة من هجوم على الدولة لن يُجدي في إعادتها إلى المشهد السياسي، حيث يحملها أغلب الشعب مسؤولية تأزيم الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد على امتداد أكثر من عشر سنوات في السلطة.
وشدد الرئيس التونسي قيس سعيد مساء الثلاثاء خلال لقاءه بوزيرة العدل ليلى جفال على ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق الشعب ونهب مقدراته ومازال يعمل على بث الفتنة وتأجيج الأوضاع الاجتماعية، مؤكدا إيمانه العميق باستقلالية القضاء والقضاة.
وقال “كما نريد ألا يظلم أحد، لا نريد أيضا أن يبقى من ظلموا الشعب ونكلوا به ومازالوا في غيّهم في افتعال الأزمة تلو الأزمة خارج المساءلة في إطار محاكمات عادلة يعامل فيها الجميع على قدم المساواة”.
ويُذكر أنّ الغنوشي أصبح منذ عودته إلى تونس في 30 يناير 2011 حتى 25 يوليو 2021، هو وحركته، أحد أبرز المتحكمين في السياسات العامة للدولة والموجهين لقراراتها والماسكين بزمام أجهزتها، وهو ما جعل خبر اعتقاله الشاغل الأكبر للمشهد التونسي.
وفي 9 مايو الحالي صدرت مذكرة إيداع بالسجن بحق رئيس حركة النهضة في القضية المعروفة إعلامياً بشركة “أنستالينغو” المختصة في الإنتاج الإعلامي الرقمي، بتهم تتعلق بتبييض الأموال والاعتداء على أمن الدولة، وذلك رغم رفضه حضور جلسة المحاكمة.
وتتضمن القضية اتهامات بتبييض أموال والتجسس والتخطيط لضرب الدولة، وشملت التحقيقات 27 شخصاً، من بينهم الغنوشي وقيادات من النهضة، إلى جانب سياسيين وإعلاميين ورجال أعمال وقيادات أمنية عليا ومدونين.
ووجه القضاء للمشتبه بهم تهم “ارتكاب جرائم تتعلّق بغسيل الأموال، واستغلال التسهيلات التي خوّلتها خصائص التوظيف والنشاط المهني والاجتماعي، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مواجهة بعضهم بعضاً، وإثارة الهرج والقتل والسلب على الأراضي التونسية”.
وإلى جانب الغنوشي، تقبع قيادات بارزة في حركة النهضة الإسلامية في السجون لمواجهتهم شبهات متعددة، من بينها “التآمر على أمن الدولة” و”التورط في شبكات التسفير إلى بؤر التوتر”، من بينهم نائبا الرئيس الحركة نورالدين البحيري وعلي العريض.
والغنوشي، أحد أبرز قادة “جبهة الخلاص” المعارضة الرافضة لإجراءات استثنائية بدأ الرئيس قيس سعيد فرضها في 25 يوليو 2021 ومن أبرزها: حل مجلس القضاء والبرلمان (كان يرأسه الغنوشي)، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قاطعتها المعارضة.
ومنذ 11 فبراير الماضي، نفذت السلطات التونسية حملة توقيفات شملت قادة وناشطين في المعارضة التي تعتبر الإجراءات الاستثنائية “انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما يراها فريق آخر “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).
وعادة ما تنفي حركة النهضة وبقية قوى المعارضة صحة الاتهامات الموجهة إلى قادتها وتعتبرها ملاحقات سياسية، بينما اتهم سعيّد موقوفين بـ”التآمر على أمن الدولة”.