كريتر نت – متابعات
نشر مشروع “بورغن” البريطاني للدراسات الاقتصادية تقريراً عن الأزمة اليمنية المدمرة ومعاناة الشعب واللاجئين اليمنيين الذين تقطعت بهم السبل في الخارج.
يقول التقرير البريطاني إنه على الرغم من أن اليمن يمتلك الموارد الطبيعية الوفيرة مثل النفط والغاز والمعادن، فقد كافحت البلاد من أجل النمو وتحقيق استقرار اقتصادي بسبب الحرب المستمرة، ولذا يعد الفقر في البلاد مصدر قلق دائم يستوجب معالجة الأزمة الإنسانية المستمرة في اليمن بشكل عاجل.
وتحدث مشروع “بورغن” مع أحمد، وهو لاجئ يمني يعيش في المملكة المتحدة، عن سبب مغادرته وأهله مناطق سيطرة الحوثيين قائلا: “ولدت وترعرعت في العاصمة صنعاء، وكان السبب الرئيس وراء مغادرتنا هو الفقر وتدني الوضع المعيشي والصحي وعدم دفع الرواتب وعدم توفر أدنى مقومات الحياة كالكهرباء والمياه والطرق غير الآمنة بين المحافظات (..) وتمكنت عائلتي من العثور على فرصة أفضل في الخارج لكنني لم أستطع المغادرة معهم لأنني لم أحصل على تصريح إقامة بسبب اللوائح الصارمة ضد المواطنين اليمنيين”.
يشرح أحمد قائلاً: “غادرت أخيرا عندما كان عمري 18 عاما، قبل بضعة أشهر فقط من بدء الحرب، كنت أنا وعائلتي سعداء ومتحمسين للانتقال إلى بلد جديد فيه حياة أفضل وهذا ما حلمنا به، لكني أفتقد اليمن ولا سيما صنعاء وعدن، وهما المدن التي قضيت فيها معظم حياتي كما أفتقد أفراد عائلتي وأصدقائي الذين ما زالوا يعيشون هناك”.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة من عام 2022، ادت الحرب إلى إفقار أكثر من 80٪ من السكان.
أحمد كان يدرك منذ صغره أن أكثر من نصف الشعب اليمني يعانون من الفقر، ومع ذلك: “الناس كرماء للغاية ومتعاونون، لا أتذكر رؤية أحد ينام في الشارع، لكنني شاهدت الكثير من حالات التسول من النساء والأطفال والشيوخ والرجال الذين لا يعملون اليوم”.
في اليمن، يعيش العديد من الأشخاص الذين ليس لديهم سكن لائق في ملاجئ مؤقتة من الصفيح أو الخشب. يذكر أحمد ثلاث فئات من الفقراء في اليمن. فهناك أشخاص يتجولون ويتسولون، وثمة أشخاص يبيعون أشياء مثل علب المناديل وأشرطة التسجيل والحلويات والفاكهة في الشوارع وعند إشارات المرور. وأخيرا، هناك باعة جائلون بعربات تبيع المواد سريعة التلف والأشياء الصغيرة والمواد الغذائية.
ويرى التقرير أن عدم المساواة في الثروة واضح للغاية في اليمن. فبينما يعيش الأثرياء في فيلات كبيرة، يعيش الشخص العادي في شقة متواضعة ويلجأ الفقراء إلى المخيمات. كما يميل فقراء اليمن إلى زيارة المستشفيات العامة، وهي ليست مجانية ولكنها ميسورة التكلفة، وعلى الرغم من أن المستشفيات العامة في الغالب ما تكون مزدحمة، يكافح الموظفون من أجل الاهتمام بالاحتياجات الهائلة للمرضى.
ومن ناحية أخرى، يذهب الأثرياء والطبقة الوسطى إلى مستشفيات الرعاية المتخصصة باهظة الثمن ولكنها ليست مشغولة، مما يسمح لموظفي الرعاية الصحية بالعناية بالمرضى بسرعة وتقديم رعاية عالية الجودة.
يقول احمد: “أفضل جزء من نشأتك في اليمن هو التعرض للصعوبات منذ سن مبكرة وبالتالي أن تصبح شخصا قاسيا ومرنا (..) لقد تعلمت العديد من الدروس من وقتي في اليمن واكتسبت العديد من العادات التي ما زلت أفعلها اليوم مثل، إنفاق أموالي بحكمة، والحفاظ على المياه، وعدم إهدار الطعام، وشراء ما أحتاجه فقط، ومع ذلك فإن هذه المشقة التي أشرت إليها كانت أيضا أسوأ جزء عشته في حياتي”.
ومنذ وصوله إلى المملكة المتحدة، تلقى أحمد معاملة طيبة وسخية من ضباط الهجرة والشرطة وموظفي الفنادق والمنظمات الخيرية. وبالنظر إلى أنه لا يمكنه العمل بشكل قانوني في المملكة المتحدة، فإنه يقضي جزءا كبيرا من وقته في التطوع في مؤسسة خيرية قريبة. لا يتعلم أحمد المزيد عن طريقة الحياة في بلد جديد فحسب، بل يحصل أيضا على فرصة للتفاعل مع المجتمع.
تأتي المساعدة لمعالجة الأزمة الإنسانية المستمرة في اليمن من داخل البلد وعلى الصعيد الدولي. تعمل وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة على تزويد الناس في اليمن بالموارد الحيوية المنقذة للحياة مثل الغذاء والأدوية ومستلزمات المأوى ومستلزمات النظافة. كما تدعم المنظمة المرافق الصحية التي تساعد اليمنيين وتقدم المشورة القانونية لطالبي اللجوء اليمنيين، من بين جهود أخرى.
في عام 2023، تعهدت الولايات المتحدة بحوالي 444 مليون دولار كمساعدات لليمن، في المقام الأول من خلال برنامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والذي بلغ إجماليه أكثر من 5.4 مليار دولار منذ بداية الصراع في عام 2014.
وخلص التقرير إلى أن استمرار الدعم الدولي سيكون من الممكن معالجة الأزمة الإنسانية المستمرة في اليمن بشكل شامل مع الحد بشكل كبير من الفقر في اليمن وضمان سلامة الشعب اليمني. ومع اقتراب الحرب من ذكراها العاشرة، يجب أن يبقى الأمل في بقاء واستدامة الشعب اليمني.