تتحول مدارس “كيه 12” في الإمارات العربية المتحدة بشكل تدريجي إلى نماذج عظيمة للمدارس التي تطور مهارات قابلة للنقل وتعمل على بناء الشخصية بين الطلاب. تحظى هذه المؤسسات بدعم من الحكومة الإماراتية، التي خصصت مبلغ 5 مليار درهم للاستثمار في بنية تحتية ذات طراز حديث متطور جدًا لهذه المدارس، على مدار السنوات الست المقبلة. علاوة على ذلك، استعرض مجلس الوزراء برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس الوزراء، حاكم دبي، “نموذج المدرسة الإماراتية”، في اهتمام حكومي واسع النطاق بقطاع التعليم.
في الحقيقة، يجري تنفيذ هذا النموذج في 800 مدرسة حكومية وخاصة في جميع أرجاء الدولة، وذلك بغرض “إعداد أجيال قادرة على قيادة مستقبل البلاد”. كما يهدف “النموذج” إلى تلبية احتياجات سوق العمل من خلال مناهج حديثة توفر مجالات تعليمية مختلفة، وتركز على أنشطة ترفيهية تمنح كل مجال من مجالات تنمية الطلاب اهتمامًا عادلًا وكافيًا. ومن خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة وأساليب التدريس المبتكرة، تعمل المدارس الإماراتية على تعزيز بيئة تعليمية تشجع الطلاب على التفكير خارج الصندوق، وهي أسمى المهارات التعليمية على الإطلاق.
ومن الملاحظ كذلك أن الحكومة الإماراتية تقوم بخطوات واسعة من أجل تطوير دورات ومساقات مهنية حديثة جديدة، تعمل على جذب المزيد من الطلاب الإماراتيين، في إطار إستراتيجية “توطين”، وهو ما أصطلح عليه باللغة الإنجليزية (Emiratisation). وما يلفت الانتباه هو أن الحكومة الإماراتية تركز بشكل خاص على تطوير المزيد من معاهد التدريب المهني من أجل تلبية الطلب على العمالة الماهرة في قطاع الصناعات، وهذا جزء واحد من خطط حكومية أخرى في إطار “رؤية 2021″، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد في البلاد.
في الواقع، يتطور المشهد التعليمي في دولة الإمارات بسرعة فائقة في ظل التركيز المتزايد على تجاوز التعليم القائم على المناهج، والانتقال إلى التطوير المهني للطلاب. من الواضح أن المدارس الإماراتية أدركت أن عالم اليوم يتميز بالتنافسية والحاجة إلى مزيد من الموظفين الديناميكيين القادرين على التكيف، لذا نراها تعتمد على أساليب تعليم موجهة نحو المستقبل يمكنها إعداد الطلاب لمكان العمل بشكل أفضل.
تقول جاسمين أناند، مديرة عمليات مدارس “سبرينغ ديلز” في دبي: “نحن الآن مهتمون أكثر بتطوير التعليم العميق الذي يطور الأفكار الإبداعية لدى الطلاب، بدلًا من تكديس الحقائق من أجل اختبارات مدرسية… لقد انتقلت العملية التعليمية من التركيز على المعلم إلى التركيز على الطالب؛ من الطباشير والكلام إلى آلية تعليم ممزوجة، في وقت أصبحت فيه تكنولوجيا المعلومات والإنترنت أكثر تكاملية في تجربة الطلاب التعليمية”.
وبالفعل، تمكنت المدارس الإماراتية -بفضل التقدم التكنولوجي- من تبنّي أدوات إبداعية مبتكرة تفاعلية، تعمل على تشجيع الطلاب الصغار على التقاط المهارات الرقمية التي ستكون مفيدة لهم في المستقبل. على سبيل المثال، استخدمت مدارس “رافلز” الدولية الذكاء الاصطناعي كمنصة تكميلية لعمليتي التعلم والتعليم.
وقال ريتشاردون، مدير مدارس رافلز: “من خلال منصات الذكاء الاصطناعي الخاصة بنا في الإمارات، نقوم بتطوير ملامح عن الطلاب من أجل تحديد أساليب التعلم الأكثر فاعلية، التي تناسب كل طالب، وكذلك من أجل معالجة أي فجوات في عملية التعلم”.
وإلى جانب تنبي التكنولوجيا، وفرت مدارس رافلز دورات لأحد أكثر المؤهلات الدولية المهنية مكانة وقبولًا (BTEC)، من أجل تزويد الطلاب ببرنامج دراسي يربط الأكاديميين بشكل وثيق بتطبيق التعليم في سياق عالم حقيقي.
بالإضافة إلى ذلك، توفر المدرسة السويسرية العلمية في دبي لجميع الطلاب –من الصف الرابع وصاعدًا- إمكانية الوصول إلى أدوات إنتاجية مرتبطة بـ”مايكروسوفت كلاود”، بما يشمل استخدام البريد الإلكتروني وبرامج “وورد” و”إيكسل” و”باور بوينت”. تقول رئيسة قسم الإبداع التكنولوجي في المدرسة، أمير يازدانباناه: “بالاشتراك مع المعلمين، يقوم قسم الابتكار التكنولوجي بتصميم وتطوير وتنفيذ محتويات تعليمية ومساقات ومشاريع تؤدي إلى تكامل تام مع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات”.
يستطيع المعلمون كذلك فهم احتياجات الطلاب بشكل أفضل، وتحديد المجالات الإشكالية في استخدام التكنولوجيا، وهو ما يفيد الطلاب بشكل كبير في معالجة المجالات الهشة في أوقات مبكرة. ويقول مدير أكاديمية دبي الدولية، ديفيد هيكس: “إن استخدام التحليل العميق لأداء الطلاب عبر أدوات تحليلية مثل جداول البيانات وقواعد البيانات يساعدنا في تحديد مجالات القوة والضعف، ثم البناء عليها”.
وفي المدرسة البريطانية في دبي، يؤكد السيّد نيل أوتس أن برنامج “بي واي أوه دي” يوفر تجربة تعليمية مبتكرة ضرورية من أجل إعداد جيل المستقبل، وقال: “نحن نمنح كل طالب إمكانية الوصول إلى اشتراك “أوفيس 365″، ما يوفر لهم استخدام أدوات ترتقي إلى المستوى الصناعي، من أجل العمل بها خلال المرحلتين الابتدائية والثانوية”.
وكانت المؤسسة البريطانية قد أجرت تحليلًا آخر على المدارس في دولة الإمارات في وقت سابق من هذا العام، قالت فيه إن “المدارس الإماراتية شهدت نموًا سريعًا في إدماج تقنيات الواقع الافتراضي في بيئاتها التعليمية، وهو ما جلب تغييرات جديدة كليًا في قطاع التعليم”. ونقلت المؤسسة عن رئيسة قسم الإبداع في مدارس “جيمس” الدولية، لينا بيل، قولها إن “تقنيات الواقع الافتراضي ستحدث المزيد من التأثير في الفصول الدراسية هذا العام”.
المصدر