إبراهيم غرايبة
كاتب أردني
يوصف التطرف والإرهاب أحياناً بأنّهما من الثمار العفنة للعولمة، فقد ارتبطا طرديّاً بصعود العولمة وتأثيراتها المتعددة، ويبدو واضحاً أيضاً أنّ المتطرفين يدركون ذلك جيداً، فهم يستخدمون أدوات العولمة بفعالية وكفاءة متقدمة تبدو أحياناً صادمة أو متناقضة مع السلفية المتشددة التي يدعون إليها ويقاتلون لأجلها.
يعرض أرجون أبادوراي في كتابه “الخشية من الأعداد الصغيرة” كيف أنّ العولمة تزيد في إثارة الارتياب حول الحدّ الفاصل بين “نحن” و”الآخر”، وتولد بواعث جديدة للعنف الجماعي، وتقوض حدود ونفوذ الدولة ـ الأمّة، فنحن نعيش اليوم في عالم يتسم بغزارة إنتاج العنف وظهور أنماط جديدة من التنظيمات السياسية التي لا تحتكم للقوانين التقليدية للسياسات والدول، عالم يصفه أبادوراي بأنّه يملؤه الارتياب والشعور بعدم الاكتمال، ويغلب عليه الخوف والغضب تجاه المجموعات الصغيرة التي تستمد منها أبلغ معانيها من أن تكون موضوع خشية أو غضب، وقد تطرح مسألة الغضب تجاه المجموعات الصغيرة العدد في أيّ حقبة من التاريخ، ولكنّ أبادوراي يطرحها في إطار العولمة الذي ارتبطت فيه الأحداث بخطاب الإرهاب، ونسجت خلاله علاقات جديدة تربط السياسات الوطنية والتحالفات الدولية والتوترات الإقليمية لترسم خرائط جديدة وتشكل تضاريس جغرافية الغضب.
ثمّة ظواهر عالمية جديدة مختلفة عمّا هو سائد ومعروف في الانطباع الأول لدى الحديث عن العولمة، مثل المنظمات الدولية، فهناك أيضاً العولمة الشعبية، والحركات والمنظمات غير الحكومية المشتغلة بحقوق الإنسان والفقر والتنمية والبيئة والأمراض والإيواء، وبعبارة أخرى ثمّة آمال وفرص في العولمة يمكن انتزاعها، مختلفة أيضاً عن إفرازات العولمة الكريهة مثل العنصرية والإبادة والإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.
شهدت العولمة مجموعة كبيرة من جرائم العنف المرتبطة بدوافع ثقافية، وفي رصده للأحداث بين عامي 1998 ـ 2004 لاحظ أبادوراي مجموعة من هذه الجرائم في الهند وأوروبا الشرقية وأفريقيا، وهناك بالطبع العمليات الإرهابية والحرب على الإرهاب التي شغلت العالم، والسؤال الذي يفرض نفسه بطبيعة الحال هو ما الذي يجعل فترة ما يمكن تسميتها “العولمة القصوى” هي نفسها فترة العنف المنتشر على قطاع واسع في عدد من المجتمعات والنظم السياسية المختلفة؟
يقول أبادوراي: إنّ العالم اجتاحته مع ذروة العولمة مجموعة من النظريات والآمال المفرطة بالوعود والتفاؤل حول انفتاح الأسواق وتحرير التجارة وانتشار المؤسسات الديمقراطية والدساتير الليبرالية والإمكانيات الهائلة للإنترنت والتكنولوجيا الافتراضية المتعلقة بها، ولكن ما الذي جعل عقداً غلب عليه فتح الأسواق والتدفق الحر لرؤوس الأموال والتمويل والأفكار الليبرالية والحكم الدستوري والحكم الرشيد والتوسع النشط لحقوق الإنسان يفرز أيضاً التطهير العرقي والعنف السياسي ضد المدنيين؟
يفسر أبادوراي ذلك بملاحظة أنّ الانقلاب إلى النزعة القومية العرقية، وحتى إلى الإبادة العرقية في السياسات الديمقراطية، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بخاصية التبادلية الداخلية الغريبة لفئتي الأغلبية والأقلية، في الفكر الاجتماعي الليبرالي، وهو ما ينتج “قلق عدم الاكتمال”، فيمكن أن يتحول العديد من الأغلبيات إلى نزعة مفترسة تنتهج الإبادة العرقية تجاه القلة، وتحديداً عندما تقوم هذه الأقليات وعددها القليل بتذكير هذه الأغلبيات بالفجوة الصغيرة بين وضعها كأغلبية وافق الكل الوطني المكتمل والعرق الوطني النقي الذي لا شائبة فيه، إنّ هذا الشعور بعدم الاكتمال يمكن أن يدفع الأغلبيات إلى نوبات من العنف ضد الأقليات.
تزيد العولمة باعتبارها أسلوباً خاصاً صارت تنظم من خلاله الدول والأسواق والأفكار التي تدور حول التجارة في إثارة العنف الواسع النطاق، فهي تفرز مساراً تصادمياً محتملاً بين منطق الارتياب ومنطق عدم الاكتمال، كلّ بشكله وقوة دفعه الخاصين به، وكما يبينه واقع الأمر في التسعينات أفرزت قوى العولمة كظروف ملائمة لتزايد الارتياب الاجتماعي.
وفي نظرة على أكثر شكل للعنف العلني المسوق عبر وسائل الإعلام وملاحظة العنف المنظم باسم الدين والحرية والهوية والجنسية، مثل تسجيل خطف الضحايا على الفيديو، وفي بعض الأحيان تسجيل قطع رؤوسهم، وبعض هؤلاء الضحايا ليسوا أغنياء ولا مشاهير، فمنهم على سبيل المثال مجموعة من العمال الفقراء البائسين المهاجرين إلى العراق، وربما تكون الحالة تعبيراً عن إيديولوجيا أنتجها اليأس، وربما تكون أيضاً رغم فظاعتها ردّاً على ما يتعرض له أناس آخرون ينتمي إليهم “الإرهابيون” من تعذيب وتصفية وإهانة.
تشكلت أيضاً ظاهرة جديدة مرافقة للعولمة، وهي إفلات الحرب من مجال تدخل الدولة ـ الأمّة وتجاوزها حدود الواقع المعقول، وطمس الخط الفاصل بين حرب الأمّة والحرب داخل الأمّة، فقد فاق عدد الحروب الأهلية عدد الحروب الخارجية، إنّها حروب لا تعريف لها، سوى العدو، وكانت أحداث 11 أيلول (سبتمبر) نوعاً من الحروب غير المعلن لها، أو هي عقد للحرب لم يتم إبرامه، كما أنّ هذه الحرب لم تكن حرباً تديرها قوة لا اسم لها، إنّها حرب يديرها نوع جديد من الإدارات لا يسعى لإقامة دولة ولا إلى معارضة دولة بعينها، ولا يهتم بالعلاقات بين الدول، كانت حرباً ضد أمريكا، ولكنّها كانت أيضاً حرباً ضد فكرة مفادها أنّ الدول هي اللاعب الوحيد في الميدان، إننا كما يقول أبادوراي نعيش عصر حضارة الصدامات العالمية، وليس صدام الحضارات.
كانت الحرب على الإرهاب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) حرباً تشخيصية، تسعى لتحديد “من هو العدو؟” وتحديد من هم أنصار الولايات المتحدة، كان ذلك استفتاء دعت إليه آلة الحرب الأمريكية ذات النفوذ، وأيدها في ذلك عدد كبير من الحكومات في جميع أنحاء العالم، إدراكاً منها أنّها تدافع عن نفسها، عن كيانها كدول تواجه خطر انحسار السيادة، وربما تجنب النهاية والتهديدات المصيرية والوجودية التي تواجه الدول اليوم.
تمثل العولمة موضوع جدل في كل مكان تقريباً، إنّها تسمية لثورة صناعية جديدة بدأت حديثاً مدفوعة بالتكنولوجيات المتطورة للمعلومات والاتصال، وبما أنّها حديثة العهد (يقول أبادوراي)، فهي ترهق مواردنا اللغوية لفهم كنهها ومواردنا السياسية للتحكم فيها، وسواء كنا في الشمال أو الجنوب، فالعولمة تتحدى أقوى الأدوات التي نستخدمها للتحكم في الحداثة، وهي اللجوء إلى التاريخ، فالعولمة مصدر قلق وتهديد للفقراء والأغنياء معاً، للمهاجرين والمهمشين والنخب والأغنياء، ونحن نبذل قصارى جهدنا لنرى العولمة مرحلة جديدة ووجهاً جديداً للرأسمالية أو الإمبريالية أو الاستعمار الحديث أو التحديث أو التطور، ولكنّها حركة – يقول المؤلف ـ محكوم عليها بالفشل! لأنّها (العولمة) تطرح تحديات جديدة لا يمكن مجابهتها بسلوى عزاء التاريخ، بما فيها سلوى تاريخ الأشرار وغزاة العالم، ويشكل هذا الحدس المبهم جوهر التحالفات المرتابة والمحاورات القلقة التي تحفّ بالعولمة، حتى في شوارع سياتل وبراغ وواشنطن وأماكن أخرى، حيث الوضع أقلّ درامية.
تحيط بالعنف والغضب حول الأقليات أحجية أساسية، لماذا تتعرض الأقليات إلى الغضب والعنف والتعذيب برغم أنّها مجموعات صغيرة، يفترض ألّا تشكل خطراً على الأغلبية؟ لإدراك سبب خشية الضعيف تتم برأي أبادوراي بالرجوع إلى مسألة “نحن” و”الآخر”، كما تطرحها النظرية السوسيولوجية الأساسية، حيث تعتبر هذه النظرية أنّ عملية تشكيل الآخرين الجمعيين أو ما ينتسب إليهم شرط ضروري لرسم حدود وديناميات “نحن” من خلال ديناميات التنميط ومقارنة الهويات، ويتولد هذا البُعد المرتبط بنظرية كبش الفداء والصورة النمطية والآخر عن شعار التفاعلية الرمزية الذي يتوضح في أعمال كولي وميد، ويتوسط جوهر الفهم الفرويدي للنواميس التي تحكم المجموعة، بما في ذلك دراسته التقليدية عن نرجسية الفروق الصغيرة.
ولكنّ أبادوراي يرى تفسير الظاهرة فيما يسميه “الهويات المفترسة” المتولدة عن تواجد هويتين أو أكثر لها تاريخ طويل من الاحتكاك والاندماج وحدّاً معيناً من التنميط المتبادل، وتتحول إحدى هذه الهويات إلى هوية مفترسة بتعبئة تعريف نفسها على أنّها أغلبية مهددة، وهذا النوع من التعبئة هو الخطوة الأولى في تحول هوية اجتماعية أليفة إلى هوية مفترسة، هويات تدّعي أنّ بقاءها يتطلب انقراض مجموعة أخرى، وكثيراً ما تكون الهويات المفترسة هويات أغلبية، أي أنّها تركز على مطالب في صالح أغلبية مهددة، وهي في معظم الحالات أغلبية ثقافية أو لغوية أو عرقية تنشد ارتباطاً حصرياً أو شاملاً بهوية الأمّة، وغالباً ما يتمحور خطاب هذه الأغلبيات المعبأة حول إمكانية تحولها هي ذاتها إلى أقلية، إذا ما لم تنقرض أقلية أخرى.
قد يبدو مثال النازية حالة متطرفة للهويات المفترسة تختلف عن النزعات الأغلبية الليبرالية الحديثة، مثل تلك التي ظهرت في الهند وباكستان وبريطانيا، وكلها أكثر تقبلاً للاختلافات الاجتماعية، ولكنّها جميعها برأي أبادوراي تحمل في طياتها بذور الإبادة الجماعية نظراً لارتباطها الدائم بأفكار حول تفرد العرق الوطني واكتماله.
يبدو أنّ المقومات التاريخية لهذا التحول تشمل الاستيلاء على الدولة من قبل أحزاب أو جماعات وضعت رهاناتها السياسية على نوع من الإيديولوجية القومية العنصرية، توافر أدوات وتقنيات التعداد ممّا قد يشجع المجتمعات التي يتم إحصاؤها بأن تصبح نموذجاً لفكرة المجتمع ذاته، وعدم التطابق المحسوس بين الحدود السياسية وهجرة الجماعات وعدد الجماعات البشرية، والذي يسفر عن تحفز تجاه المجموعات العرقية الأخرى المتروكة سياسياً أو الغرباء الذين يدّعون كونهم من نسب قريب، وحملات الترهيب الناجحة التي تستهدف الأغلبية العددية وتقنعها بأنّ وجودها مهدد بالفناء من قبل الأقليات التي تعرف كيف تستخدم القانون وكامل أجهزة السياسات الديمقراطية الليبرالية لتحقيق غاياتها الخاصة، وإلى كل هذه العوامل تضيف العولمة طاقاتها الخاصة.
لعلّ مايكل إجناتيف كان أفصح المحللين في إثارة مقالة فرويد الشهيرة عن “نرجسية الفروق البسيطة” لتعميق إدراكنا للمعارك العرقية في التسعينات، وخاصة في أوروبا الشرقية، فبحكم معرفته العميقة بتلك المنطقة يستخدم إجناتيف تبصر فرويد للديناميكية النفسية للنرجسية ليلقي الضوء على ما يجعل جماعات مثل الصرب والكروات يستنزفون حياتهم في الكراهية الشديدة المتبادلة، ما دام تاريخهم ولغاتهم وهوياتهم ظلت متداخلة تداخلاً كبيراً على مدى قرون عديدة، وتلك ملاحظة مهمة يمكن توسيعها وتعميقها بالإشارة إلى بعض الأفكار المقدمة في هذا السياق.
إنّ الفجوة الصغيرة بين وضعية الأغلبية كأغلبية والنقاء العرقي والقومي المكتمل أو الكلي قد تكون مصدراً للغضب المستشيط ضد المجموعات العرقية الأخرى المستهدفة، وهذا الطرح الذي يسميه أبادوراي “عدم الاكتمال”، يمكننا برأيه من توسيع تبصر فرويد ليشمل أشكال عنف معقدة وعامة وواسعة النطاق، إذ أنّه يتيح لنا أن نرى كيف أنّه في الإيديولوجيات العامة حول هوية المجموعة، يمكن للجروح النرجسية أن تصعد، وتصبح دافعاً لتشكيل ما يسمّيه “الهويات المفترسة”، والمحرك الأساسي هنا هو خاصية التبادلية الداخلية بين فئتي الأغلبية والأقلية، فالأغلبية كمقولة تجريدية تنتجها تقنيات الإحصاء والتعداد والإجراءات الليبرالية يمكن تعبئتها دائماً لتعتقد أنّها مهددة بأن تصبح أقلية (ثقافيّاً أو عدديّاً) ولتخاف من أن تصبح الأقليات أغلبية بين عشية وضحاها، وهذه المخاوف المترابطة هي نتاج حديث للتبادلية الداخلية لهاتين الفئتين، وهي بدورها تشكل الظروف اللازمة لتحريك خشية تبادل المواقع بينهما.
وهنا يأتي دور العولمة، فالعولمة تزيد في إمكانية حدوث تبادل المواقع السريع بعدة طرق، فتجعل الحياة الطبيعية المفترضة للهويات مهددة على الدوام بسبب العلاقة التجريدية التبادلية بين فئتي الأغلبية والأقلية، إذ تزعزع حركات الهجرة العالمية عبر الحدود الوطنية وداخلها ارتباط الأشخاص بإيديولوجيات الأرض والوطن، وينشئ التدفق العالمي لصورة الأنا والآخر، التي تسوقها وسائل الإعلام وتحولها في بعض الأحيان إلى سلعة، زخماً متراكماً من التهجين الذي يقوض الحدود الفاصلة بين الهويات واسعة النطاق، وتعمد الدول الحديثة إلى التلاعب والتغيير في طبيعة الفئات التي تحصيها والوسائل الإحصائية التي تعتمدها.
ويمثل كتاب سعود الشرفات “العولمة والإرهاب” محاولة علمية عربية لظاهرتي العولمة والإرهاب.
يعرض الشرفات التأثير المتبادل بين العولمة والإرهاب، ويلاحظ أنّ متغير التكنولوجيا اتسعت معه آليات العولمة، ولكنّها أيضاً تنطوي على اتساع الآليات المنظمة لآليات عمل المنظمات الإرهابية، ويكشف عن جدلية الظواهر في حراك المجتمع الدولي، فالقوى التي تسعى لتطوير آليات العولمة هي ذاتها الأكثر تضرراً من الإرهاب، ومن هنا تبدو الأزمة، فالعولمة تزود المنظمات الإرهابية بغضّ النظر عن التوصيف الأخلاقي والقانوني والسياسي لهذه المنظمات، بأدوات التكنولوجيا التي تعزز قدرتها على الحركة، وبالمقابل فإنّ النكوص عن العولمة لا يقلّ في تكلفته وخطورته عن آثار الإرهاب.
ويلاحظ الشرفات، بعد استعراضه لمنهجيات دراسة ظاهرة الإرهاب واتجاهاته المعاصرة والمستقبلية، أنّ هناك عدداً من السلبيات والنواقص في تلك المنهجيات، فهي تعتمد على المصادر المفتوحة، أي التي تعتمد على وسائل الإعلام المختلفة، ولذلك فإنّ قواعد البيانات المستمدة منها ستكون متحيزة، ويؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى خلل في مصداقية المؤشرات المتعلقة بالظاهرة.
وتحوي تلك المنهجيات على قواعد بيانات للظاهرة، تتضمن معلومات كافية عن خصائص الحوادث الإرهابية بعد وقوعها، ويبقى هناك نقص كبير في المعلومات عن الجماعات الإرهابية، لأنّها جماعات سرية، وتفتقر تلك المؤشرات إلى المعرفة حول الخصائص السيكولوجية للإرهابيين، ولماذا يرتكبون العمليات الإرهابية، والتجنيد ووسائل التجنيد، والبيئات المشجعة على ذلك، وهذا يصيب الدراسات المستقبلية حول الظاهرة بعجز كبير.
وتفتقر تلك المؤشرات أيضاً إلى المعرفة بالجهود والحملات الحكومية التي لا تطرح في وسائل الإعلام، كما أنّها مؤشرات تعتمد على المعلومات المتعلقة بالجماعات الإرهابية أكثر من محاولتها دراسة الإرهاب الذي تمارسه الدول.
وركزت الدراسات على المؤشرات الجغرافية والزمانية للعمليات الإرهابية، ولكنّ المؤلف يشير هنا إلى ظاهرة الأطراف الفاعلة من غير الدول، وعلاقة الظواهر ببعضها البعض، والنظر إلى الإرهاب باعتباره عملية متصلة بالعولمة، وملاحظة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي ترتبط باتجاهات الظاهرة في الحاضر والمستقبل.
وهناك تباين في منهجيات مؤشرات الإرهاب واختلافات هيكلية، وبالطبع فإنّ ذلك يعود إلى تعريف الإرهاب ومدى الموضوعية والانحياز في دراسة الظاهرة وتحليلها، وهناك بعض المتغيرات في قواعد البيانات لا يمكن الحصول عليها بسهولة.
لقد حللت المؤسسات الغربية الإرهاب واتجاهاته وكأنّه من أفعال الحرب، وتجاهلت الإشارة إلى المتغيرات التي تتحدث عن الخوف، ونشر الخوف وردود الفعل التي تحدثها الحالة الدائمة من الخوف والرعب من المجهول، أو الحديث عن المؤشرات التي ترصد حالات تغيير سلوك الدول أو بنيتها، وخاصة على المستويين الاجتماعي أو الثقافي.
ويقترح سعود الشرفات مؤشرات بديلة للإرهاب، يشير إليها بالحرف معتمداً على النتيجة التي توصل إليها، ومفادها أنّ قواعد بيانات الإرهاب لا تتحدث عن أسس قياس لمؤشرات الإرهاب، وأنّ جميع الدراسات التي تناولت قواعد البيانات لم تشر أو تذكر المفهوم صراحة، ويرى أنّه من المهم وجود مؤشرات كميّة للإرهاب في ظل الميل المتزايد لمعظم الباحثين والدارسين لعولمة الإرهاب أنّ هذه الظاهرة يمكن أن تكون الخطر طويل المدى للأمن العالمي في القرن الـ (21).
نقلاً عن حفريات