كريتر نت – الشرق الأوسط
كافأت الجماعة الحوثية في اليمن عائلات قتلاها المتحدرين من محافظة صعدة، حيث معقلها الرئيسي، بمنحهم أراضيَ استولت عليها في المرتفعات الغربية للعاصمة صنعاء، مع تجاهلها عائلات القتلى من المحافظات الأخرى.
ويرى مراقبون في صنعاء أن الهدف الأساسي من هذا التمييز مواصلة خطوات التغيير الديموغرافي في العاصمة اليمنية المحتلة لمصلحة المنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة والموالين له من محافظة صعدة.
وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية فرضت منذ أيام كامل سيطرتها على المرتفع الجبلي المطل على شارع الخمسين، ونشرت مسلحيها على متن عربات عسكرية في المنطقة.
وعلى صعيد قيام الجماعة بالإغداق على أتباعها بتوزيع الأموال ومختلف المساعدات الغذائية والطبية دون غيرهم من الفقراء والمحتاجين في مناطق سيطرتها، خصصت لهم أخيراً أكثر من 3 ملايين دولار.
وأعلنت الجماعة عبر ما تُسمى «هيئة رعاية أسر القتلى» بدء صرف ما تسميه «الكفالة النقدية» الشهرية لعدد 55809 من ذوي قتلاها والمفقودين في جميع المحافظات تحت سيطرتها.
وتقول مصادر مطلعة في صنعاء إن معظم عائلات قتلى الجماعة المستفيدة من كل الامتيازات هي مِن المنتمين إلى السلالة الحوثية، ومن العقائديين المتحدرين من محافظة صعدة.
وتشير المصادر إلى وجود سخط في أوساط الموالين للجماعة على خلفية تفضيل المحسوبين على صعدة والمنتمين إلى السلالة الحوثية وإهمال ذوي القتلى من أبناء القبائل، ممن ضحّوا بحياتهم في سبيل الدفاع عن مشروع الجماعة.
المصادر أكدت وجود شكاوى متصاعدة في أوساط أسر وأبناء قتلى الجماعة في الآونة الأخيرة، خصوصاً في صنعاء العاصمة وريفها، في ظل تهميشهم وتجاهل أوضاعهم المعيشية المزرية، واستئثار فئة محدودة من عناصر الجماعة بأموال الجبايات والإتاوات المفروضة على اليمنيين بطرق غير قانونية.
ويقول سمير، وهو اسم مستعار لموظف في الشؤون الاجتماعية بصنعاء، إنه، وبالتوازي مع معاناة ملايين السكان، بمن فيهم الموظفون الحكوميون، بمناطق سيطرة الجماعة، تعاني أيضاً المئات من أسر قتلى الجماعة أوضاعاً بائسة جراء إهمالهم.
وسبق أن قدرت الجماعة أعداد قتلاها بنحو 90 ألف قتيل، وذلك خلال إعلانها عن أنشطة مؤسساتها لتقديم العون والمساعدات المالية والغذائية لعائلات القتلى.
وكانت ما تسمى «هيئة الزكاة» الحوثية دشنت، في منتصف مارس (آذار) الماضي، برنامجاً خاصاً تضمن إنفاق نحو 16 ملياراً و724 مليون ريال يمني (الدولار نحو 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة) لصالح عائلات قتلى الجماعة.
مهددون بالمجاعة
استمرار استئثار عناصر الجماعة الحوثية بالأموال والموارد جاء مع تحذير شبكة دولية متخصصة في تتبع المجاعة في العالم من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن، وتأكيدها أن نصف السكان مهددون بالمجاعة خلال مطلع العام المقبل.
وتوقعت شبكة الإنذار المبكر، في تقرير لها، أن تكون نسبة السكان في اليمن الذين سيحتاجون لمساعدات غذائية عاجلة ما بين 50 و55 في المائة في شهر فبراير (شباط) 2024، أي أكثر من 17 مليوناً، وهي أعلى نسبة من بين 22 دولة تخضع للمراقبة في نظام الشبكة.
ولفتت الشبكة إلى أن أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن تجعله يتصدر قائمة 22 بلداً حول العالم تعاني من الأزمات الغذائية.
وذكرت الشبكة أن اليمن سيشهد مطلع العام المقبل انتشاراً واسعاً لانعدام الأمن الغذائي «وفق المرحلة الثالثة من التصنيف المتكامل»، وهي مرحلة «الأزمة»، التي تعاني فيها الأسر من فجوات في استهلاك الغذاء وزيادة في سوء التغذية الحاد عن المعتاد. وأرجعت الأسباب إلى محدودية خيارات سبل العيش وأسعار المواد الغذائية الأساسية فوق المتوسطة.