كريتر نت – العين الإخبارية
عودة هجمات تنظيم القاعدة إلى جانب إرادة المجلس الانتقالي لتجفيف منابع الإرهاب، جعلت من محافظة أبين مسرحا رئيسيا لعمليات مكافحة الإرهاب للقوات الجنوبية.
عمليات تواصلت على مدار الشهر المنصرم، حققت خلالها القوات الجنوبية نجاحات واختراقات عبر 4 مراحل من الانتشار، سيطرت خلالها على مناطق ومعسكرات رئيسية في 6 مديريات هي: خنفر، أحور، لودر، الوضيع، مودية والمحفد.
واستطاعت القوات الجنوبية الوصول إلى معاقل “مهمة” لتنظيم القاعدة كانت تتحصن فيها منذ 3 عقود، لم تصل إليها أية عمليات عسكرية للحكومات اليمنية المتعاقبة كمعسكرات: وادي عومران ورفض وجنن والجبال المحيطة بها.
اختراقات أضيفت إلى نجاح القوات الجنوبية -كذلك- في القضاء على الكثير من قوى تنظيم القاعدة البشرية والتشغيلية، وعزله عن معاقله الرئيسية ما دفع التنظيم إلى اعتماد أسلوب التخفي وحرب العبوات الناسفة التي تنفجر عن بعد، إلى جانب الهجمات الانتحارية على حواجز التفتيش.
وفي محاولة من تنظيم القاعدة، لتقليل خسائره، استعاد من ذاكرته أسلوبه القائم على التراجع المحسوب والدوري وإعادة استجماع القوى قبل معاودة الظهور من جديد في المعاقل الرئيسية.
إلا أن النهج الثابت للقوات الجنوبية في الحرب على القاعدة مكنها من تحقيق اختراقات واضحة على التنظيم، أبرزها ما حدث في اليومين الماضيين، من تأمين سلاسل جبلية خلف “وادي رفض” وبلدة “الحاجلة” شرقي مودية شرقي أبين، ضمن حملة “سيوف حوس” العسكرية التي انطلقت الشهر الماضي.
فهل آتت الاستراتيجية أكلها؟
وحول استراتيجية القوات الجنوبية في محاربة القاعدة، قال المتحدث باسم القوات الجنوبية المقدم محمد النقيب إن المسرح العملياتي في محافظة أبين بات يخضع بالكامل لسيطرة القوات الجنوبية والتي تعتمد “العمليات النوعية” المكثفة في مطاردة فلول التنظيم التي تظهر هنا وهناك.
وقال المتحدث العسكري، لـ”العين الإخبارية”، إن القوات الجنوبية تلاحق عدوًا متخفيا وليس جيشًا نظاميًا، مشيرًا إلى أن تلك الحملات الأمنية تأتي في إطار عمليتي “سهام الشرق” و”سهام الجنوب”.
وأكد المسؤول العسكري أن “هناك أطرافا معروفة تريد الدفع بتنظيم القاعدة نحو أبين وكذلك نحو محافظة شبوة، على رأسها المليشيات الحوثية”، مضيفًا: شاهدتم كيف جرى تسليحها بما فيه الطائرات المسيرة”.
وبحسب متحدث القوات الجنوبية فإن الاستراتيجية “متطورة ويجب تحديثها وفقا لطبيعة العدو وتحركاته ومحاولات مناوراته”، مؤكدا أن “هذه الاستراتيجية شاملة سواء في المهمات القتالية والأمنية أو الجانب الاستخباراتي وجمع المعلومات”.
وأشار إلى “التعاون والتلاحم مع المجتمع المحلي بما فيه إعلان قبائل أبين مساندتها عمليات سهام الشرق، ووقوفها إلى جانب القوات الجنوبية، وأنها لن تقبل تحرك عناصر تنظيم القاعدة في إطار البلدات والمناطق في المحافظة”.
ويقول المتحدث باسم القوات الجنوبية إن “عناصر تنظيم القاعدة تتحرك هنا أو هناك في الأودية كوادي الرفض وغيرها، بالإضافة إلى بقايا فلول متنقلة تأتي من هذه المنطقة إلى أخرى، لكن يتم ملاحقتها بناء على المعلومات الاستخباراتية”.
وأوضح أن “قوات سهام الشرق ستصل لهذه العناصر الإرهابية أينما كانت”، مشيرًا إلى أن “القوات الجنوبية لها فوهات بنادق وسلاح ولها أعين في كل مكان لملاحقة هذه العناصر ورصدها لمنعها من محاولة زعزعة الأمن والاستقرار، وخلط الأوراق بدعم من مليشيات الحوثي الإرهابية”.
تنميط أبين
في السياق نفسه، يرى خبراء يمنيون أن القوات الجنوبية أحرزت انتصارات كبيرة في أبين، منها كسر تنميط المحافظة كملاذ ومعقل ومنتج للإرهاب كما كانت عليه منذ عقود بدعم حوثي وإخواني.
وقال الباحث والمحلل السياسي صالح الدويل إن “التقدم الذي تحرزه القوات الجنوبية في أبين كبير جدا”، مشيرًا إلى أنها “استطاعت أن تجتث الإرهاب من أماكن كانت حكرا على التنظيمات الإرهابية طيلة عقود”.
وأوضح الدويل، في تصريح لـ”العين الإخبارية”، أن “مليشيات الحوثي أرادت تنميط محافظة أبين كملاذ ومعقل ومنتج للإرهاب، لكن القوات الجنوبية اتبعت استراتيجية قتال لتصفية المناطق من الإرهاب، والمحافظة على الحواضن الشعبية من الأخطاء العسكرية”.
وبحسب المحلل السياسي صالح الدويل فإن “القوات الجنوبية نجحت في منع الجماعات الإرهابية من الاستفادة من تلك الحواضن وجعلها متارس مجتمعية لها”، مشيرًا إلى أنها “حافظت في ذات الوقت على الحواضن الشعبية من أي أخطاء عسكرية، لتطيح بما كان يراهن عليها الإرهاب من تحول الحواضن المجتمعية إلى ملاذات لإخفاء الإرهابيين”.
إلا أن الدويل، قال إن “الإرهاب ينتشر في أماكن كثيرة كأفراد ويتخفى كفكر في خطابات دينية، أبرزها الخطاب الإخواني الذي شق طريقًا له في بعض مناطق محافظتي أبين وشبوة جنوب اليمن، إضافة إلى مناطق أخرى، في تعاون مفضوح مع مليشيات الحوثي”.
وتتلخص استراتيجية القاعدة بالاعتماد الكلي على التفجيرات والاغتيالات والمفخخات أو الهجمات الخاطفة على حواجز أمنية بعيدة عن الإمدادات السريعة، وفقا للمحلل السياسي.