كريتر نت – متابعات
كشف “معهد ويلكوم سانجر” بجامعة تورنتو عن الجينات التي تعذي مقاومة المضادات الحيوية في تفشي وباء الكوليرا في اليمن الذي يشهد حربا أهلية منذ تسع سنوات.
وقال المعهد في دراسة له : إن مقاومة المضادات الحيوية على نطاق واسع بين البكتيريا المسببة للكوليرا والتي تسببت في تفشي المرض في اليمن منذ عام 2018 تم تفسيرها من خلال خلط الجينات.
وأفاد بأن العلماء حددوا مصدر مقاومة المضادات الحيوية التي ظهرت داخل البكتيريا التي تسبب وباء الكوليرا المستمر في اليمن.
وتؤكد النتائج، التي نُشرت اليوم (28 سبتمبر) في مجلة Nature Microbiology، على أهمية المراقبة الجينومية المستمرة لمسببات الأمراض لرصد ظهور سلالات مقاومة للأدوية المتعددة.
وذكرت الدراسة أن تفشي الكوليرا في اليمن يعد هو الأكبر في التاريخ الحديث، وهو مسؤول عن أكثر من 2.5 مليون حالة إصابة وما لا يقل عن 4000 حالة وفاة منذ عام 2016. والكوليرا مرض معدٍ تسببه سلالات معينة – أنواع وراثية – من البكتيريا المعروفة باسم ضمة الكوليرا (V. cholerae). ) مع احتمال وبائي2.
وقالت إن المضادات الحيوية تساعد على تقصير مدة المرض، مما يعني أن المريض أقل عرضة للإصابة بنتائج خطيرة ويظل قابلاً للانتقال لفترة أقل، مما يقلل من احتمالية انتشاره إلى الآخرين. وكانت الماكروليدات، وهي فئة من المضادات الحيوية، تستخدم على نطاق واسع في اليمن حتى أوائل عام 2019 لعلاج حالات الكوليرا المتوسطة إلى الشديدة لدى النساء الحوامل والأطفال، الذين مثلوا عددًا كبيرًا من الحالات.
وأشارت إلى أنه بدءًا من عام 2018، لاحظ متخصصو الرعاية الصحية اتجاهًا مثيرًا للقلق: لم يعد المرضى يستجيبون للعلاجات بالمضادات الحيوية في الخطوط الأمامية.
في هذه الدراسة الجديدة، شرع باحثون من معهد ويلكوم سانجر بجامعة تورنتو ومعهد باستور بجامعة صنعاء والمتعاونون معهم في الكشف عن الأسباب الكامنة وراء هذه المقاومة المتزايدة للأدوية، وذلك من خلال تحليل 260 عينة من الحمض النووي لوباء الكوليرا التي تم جمعها في اليمن بين 2016 و 2019.
ووجد الفريق أن نوعًا من ضمة الكوليرا يحتوي على عناصر وراثية مقاومة للأدوية المتعددة، تولى دور العامل الممرض الرئيسي خلال فترة تفشي المرض في اليمن، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الاستخدام الواسع النطاق للمضادات الحيوية في ذلك الوقت.
وقد حددوا وجود بلازميد جديد – وهو جزيء DNA دائري صغير – في جميع عينات وباء الكوليرا التي تم اختبارها منذ نوفمبر 2018. وقد أدخل هذا البلازميد جينات تشفر المقاومة للعديد من المضادات الحيوية المستخدمة سريريًا، بما في ذلك الماكروليدات.
ووجد الباحثون أيضًا البلازميد المقاوم للأدوية المتعددة في سلالات ضمة الكوليرا المحلية المستوطنة، غير المرتبطة بمرض الكوليرا نفسه، مما يشير إلى أن هذه السلالات المختلفة كانت قادرة على تبادل البلازميدات بقدرات مقاومة المضادات الحيوية. ويضيفون أن الضغط الانتقائي القوي الناتج عن الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية في ذلك الوقت هو الذي دفع هذه العملية.
وأكدت أن استقرار البلازميد في ضمة الكوليرا يتحدى الآليات المعتادة التي كانت ستقضي عليه. هذه المرونة تجعل الضغط عاملاً مثيرًا للقلق في سياق تفشي الكوليرا في المستقبل.
وقالت “لقد كان هذا النوع من مسببات الكوليرا ناجحًا للغاية قبل عام 2019، مما تسبب في أكبر تفشي للكوليرا في التاريخ المسجل. لقد كشفت الآن عن مدى قدرتها على التكيف في مواجهة اختيار الأدوية. إن ما أظهرناه هو الظهور المستقر بشكل غير متوقع لنوع جديد من مسببات أمراض الكوليرا التي تجمع بين الأدوات المسببة للمرض لدى إحدى السلالات الوبائية وأدوات البقاء في السلالات الأخرى. ويتطلب هذا الوضع إجراء المزيد من الأبحاث حول تطور الجينومات البكتيرية. ومن خلال فهم أفضل لكيفية تطور ضمة الكوليرا وقدرتها على تحفيز تفشي المرض، يمكننا تحسين استراتيجيات مكافحتها.”
وأكدت أن سلالة الكوليرا هذه، والتي تم العثور عليها أيضًا في منطقة جنوب شرق إفريقيا، لديها القدرة على التقاط البلازميدات التي تحمل مقاومة للأدوية المتعددة. ويشكل هذا السلوك غير المتوقع تهديداً جديداً لمكافحة الكوليرا، ويجب فهمه بالكامل قبل أن نتمكن من تطوير استراتيجيات تخفيف فعالة.
وأوضحت إن الانتشار العالمي المستمر لسلالة الكوليرا القادرة على الصمود أمر مثير للقلق العميق. وقالت “كان إجراء هذه الدراسة أمرًا صعبًا بشكل خاص بسبب الصراع المستمر في اليمن. ومع ذلك، كان هذا جهدًا تعاونيًا شاركت فيه مؤسسات متعددة في مختلف البلدان، بهدف الكشف عن الأسباب الكامنة وراء وباء الكوليرا.
ولفتت إلى أن المقياس النهائي لنجاح دراستنا، بما يتجاوز الملاحظات النقدية التي قدمناها بشكل جماعي، يكمن في جعل خبراتنا وعملياتنا ومعارفنا الجماعية في متناول أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها. وقد تجلى ذلك في ندوتنا الأخيرة، والتي وحدت المشاركين من جميع أنحاء العالم لتسريع استجابتنا للأمراض المعدية. ويظل هذا هدفنا المشترك، وهو هدف يتطلب بذل المزيد من الجهود المتضافرة لتحقيقه. ومن الواضح من النتائج التي توصلنا إليها أنه بدون بيانات أكثر دقة، فمن غير المرجح أن يتم القضاء على هذا العامل الممرض في أي وقت قريب. ومع ذلك، مع توفر بيانات أفضل، يمكننا إحداث تغييرات جوهرية من شأنها تحسين الصحة العامة بشكل كبير على أرض الواقع.