كريتر نت – العين الإخبارية
تتزايد الضغوط الشعبية والسخط في صنعاء ومدن واقعة تحت سيطرة الحوثي، إثر الأزمات الحياتية والاقتصادية، ما يدفع المليشيات للهرب للأمام.
مظاهر سخط شعبي جابت مناطق المليشيات الحوثية، وتمثلت في ارتفاع حدة المطالبة بالمرتبات، وإضراب المعلمين، وارتفاع أصوات المواطنين ضد ممارسات عناصر المليشيات، والاعتراض على استمرار فرض الجبايات، والدعوات لمكافحة الفساد في المؤسسات.
مطالبات شعبية دفعت زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي لإعلان تشكيل “حكومة كفاءات” تحت مسمى “التغييرات الجذرية” كحكومة انقلابية جديدة.
وبذلك تخلف حكومة عبدالعزيز بن حبتور الانقلابية، والتي كان هدفها تسهيل طريق المليشيات لفرض نظامها الطائفي باليمن.
هروب من الواقع
ويرى خبراء ومراقبون في اليمن أن مليشيات الحوثي سعت للهروب من واقعها إلى الأمام عبر مسارين، الأول هو الخضوع للمشاورات مع السعودية، والثاني هو إقالة حكومة “بن حبتور” الصورية.
يقول الخبير العسكري والمحلل السياسي في اليمن العميد محمد الكميم إن “مليشيات الحوثي تواجه ضغوطات كبيرة من قبل المواطنين في مناطق سيطرتها للتنديد باستمرار فسادها ونهبها أموال وموارد الدولة وفرض الجبايات المختلقة المنهكة بحق المواطنين”.
وأضاف في حديثه مع “العين الإخبارية” أن “المليشيات أصبحت مكشوفة في أوساط الشارع اليمني ومنبوذة من الشعب”.
ولفت الكميم إلى أن الحوثيين “يواجهون ضغوطات أيضا بسبب نهبهم الرواتب، وانعدام الخدمات، والنهب والجبايات المستمرة التي يمارسونها، وأساليب التنكيل والقمع الممنهجة بحق المدنيين في تلك المناطق”.
وعن اختيار هذا التوقيت لإعلان تشكيل “حكومات كفاءات انقلابية” تحت مسمى التغييرات الجذرية، أوضح أن الهدف من ذلك يتمثل في “الهروب من الواقع المتمثل بضغوطات اليمنيين في المطالبة بالرواتب التي يقوم الحوثي بنهبها على مدى تسع سنوات”.
ويؤكد الكميم أن “المليشيات تمارس أبشع الجرائم في مناطق سيطرتها خاصة العاصمة صنعاء، وتمارس معها تعتيما إعلاميا هائلا لإخفاء الجرائم الإرهابية بحق المدنيين”.
مناورات تكتيكية
وبحسب الخبير اليمني، فإن الحوثي “لن يسالم، ولا يبحث عن سلام، ولن يقبل بالسلام على الإطلاق”، مشيرا إلى أن ما يحدث من خضوعه للمشاورات مع الرياض “كان بمثابة مناورة تكتيكية يستخدمها الحوثي دائما، عند كل ضغوط داخلية يواجهها”.
وفي هذا الصدد، قال “دائما.. الحوثي يلجأ للهدنة عندما يكون في حال ضعف، ويُعتبر التفاوض أبرز أساليب المليشيات التكتيكية للتطويل والغرق في التفاصيل، ولكسب مزيد من الوقت أو للحصول على مكتسبات سياسية واقتصادية لم يستطع الحصول عليها في الحرب”.
ووفق الكميم “تسعى المليشيات من خلال التغييرات التي أعلنت عنها، لفض الشراكة مع قيادات المؤتمر الشعبي العام جناح صنعاء، ولو كانت شراكة وهمية، ثم السيطرة الفعلية على كل مفاصل الدولة تحت مسمى التغييرات الجذرية”.
الانفراد بالحكم
وتبحث مليشيات الحوثي عن ترسيخ موقع عبدالملك الحوثي، كونه لا يمتلك أية صفة رسمية أو قانونية في الدولة، وهو يريد أن يرسخ نفسه كقائد للانقلاب ومرجعية دينية، فضلا عن تحويل منصب رئيس الجمهورية مباشرة إلى رئيس وزراء ويبقى هو المرجعية الأولى.
ووفقا لرئيس مركز “جهود” للدراسات والبحوث في اليمن عبدالستار الشميري فإن المليشيات الحوثية “ستذهب إلى المرحلة الثانية من الاعتماد على عناصرها الأكثر ثقة وولاء للمشروع الطائفي، عبر التغييرات الجذرية التي أعلنت عنها، وهم من حوثيي السلالة، للتخلص من بعض الأجنحة التي ربما لم تعد في حاجة إليها مع سكون فترة الحرب”.
ويضيف الشميري، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن المليشيات وعبر حكومتها الانقلابية المزمع تشكيلها “ستقوم باختراع بعض الأدوات الجديدة، والأجندات التي تثبّت حكمها، وتجعل الولاية مطلقة لزعيم المليشيات عبدالملك الحوثي”.
وأشار الشميري إلى أن المليشيات “ستحاول إبعاد كوادر حزب المؤتمر جناح صنعاء، والتي لا تنتمي للسلالة الحوثية ولا يثقون بها، سواء على مستوى الحكومة الانقلابية أو الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لها، بالإضافة إلى تغيير السلك القضائي وبشكل جذري بشخصيات تابعة لها”.
ورأى الشميري أن “المليشيات في حال خوف من قيام أية انتفاضات أو تجمعات ضدها في مناطق صنعاء والمدن الواقعة تحت سيطرتها، لذلك لجأت للتغييرات الجذرية لتكون جاهزة بالقمع والتنكيل ضد أية محاولات للتحرك”.
وقبل أيام، أعلنت مليشيات الحوثي إقالة حكومتها غير المعترف بها في صنعاء برئاسة عبدالعزيز بن حبتور وتكليفها بتصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة انقلاب جديدة.
وكانت مليشيات الحوثي شكلت حكومة “بن حبتور” غير المعترف بها في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2016، واتخذتها كواجهة لتمرير مخططاتها في مؤسسات الدولة.
كما كانت مجرد حكومة شكلية تخضع كليا تحت تصرف وإدارة القيادي الحوثي أحمد حامد، ذراع زعيم المليشيات الطولى في صنعاء، حسب مصادر سياسية لـ”العين الإخبارية”.