عبدالرحمن جعفر الكناني
جو بايدن اسمٌ غير مرغوب به في الشرق الأوسط، صهيوني متطرف، لا تطمئن القلوب لذكر اسمه، فهو الملقب بـ”عراب التقسيم”، والمالك لرؤيا مرتبكة حيال الواقع العربي الذي هزت “ثورات الربيع” أركانه، بدعم ضمنته إدارة البيت الأبيض عندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما، أثبتت التطورات في الشرق الأوسط فشلها وعبثية “الفوضى الخلاقة” التي بشَّر بها.
مجيء الرئيس الأميركي بايدن إلى إسرائيل ينطوي على كارثة منتظرة ستحل بالشرق الأوسط، تنفيذا لمخطط بدأت تظهر ملامحه، لا يقف عند حدود غزة، وخارطة المنطقة ستتغير رأسا على عقب، هذا ما أكده بنيامين نتنياهو.
“أنا صهيوني” قالها بايدن في خطاب ترشُّحه الحزبي “المفترض” للانتخابات الرئاسية عام 2007: “أنا صهيونيٌّ وليس على المرء أن يكون يهوديا ليكون صهيونيا”، وعطف على مقر اللوبي الإسرائيلي منظمة “إيباك” في مؤتمرها السنوي في مارس 2020 مع بدء حملته الانتخابية مذكرا بـ”الدعم الأميركي الأعمى لإسرائيل”، وكان قد قال من قبل “لو لم تكن إسرائيل موجودة، لقمنا بابتكارها”.
كان بايدن السياسي الفاشل في إدارة ملف الشرق الأوسط، لا تأخذ السلطات المركزية الحاكمة برأيه، فرؤيته تقف عند حدود إيجاد حل مؤقت لإشكاليات تعترض خططا استراتيجية، وتلتقي مع انتمائه الصهيوني المتطرف، حتى ركنته إدارة الرئيس باراك أوباما بعيدا عن ملف السياسة الخارجية، الذي أدارته فيما بعد هيلاري كلينتون.
كان الحزب الديمقراطي ينظر إليه كـ”سياسي غير مؤهَّل” لإدارة الولايات المتحدة، ولم يقبل بترشحه لانتخابات رئاسية خلفا للرئيس أوباما، فوقع الاختيار على هيلاري كلينتون في 2016.
عانى بايدن من مرارة فشل متكرر في تحقيق طموحاته السياسية، واعترف بمرارة هذا الفشل في خطاب النصر على دونالد ترامب، فشل في الأخذ بخططه في شأن ملفات سياسية خارجية أو داخلية، قال عنه وزير الدفاع الأميركي الأسبق بوب غيتس: “نائب الرئيس كان مخطئا في كل قرارات السياسة الخارجية المهمة التي اتخذها في عقود حكمه”.
كان ينتشي بفرح النجاح في مرَّاتٍ عابرة، لكن سرعان ما يتحول هذا النجاح إلى نكسة سياسية يتحمل شخصيا أعباءها، فعندما صوَّت مجلس الشيوخ لصالح مقترحاته لحل إشكاليات الملف العراقي عام 2007 وفك العقدة التي حوصر بها جيش الاحتلال الأميركي، بتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم، سنية وشيعية وكردية، كشفت تطورات الأحداث فشل مقترحاته، عندما دخلت مرحلة التنفيذ في عهد أوباما إذ كلف بايدن بضرورة التوصل إلى اتفاقٍ مع العراق لإبقاء القوات الأميركية على أراضيه، من خلال مفاوضات باءت بالفشل.
وعندما انسحبت القوات الأميركية وفق الاتفاقية الأمنية في نهاية عام 2011 مع الإبقاء على القواعد العسكرية، ترك بايدن العراق مساحة واسعة للنفوذ الإيراني وميليشياته الطائفية المنفلتة وهي تفرض شروطها على الإدارة الأميركية، ولا تقوى على الحد من هجماتها الصاروخية المتكررة على سفارتها في بغداد.
أدار بايدن الملف العراقي، وذهب تفاؤله بنجاح سياسته في بناء عراق مستقرّ في مهب الريح، بعدما تفاخر بتسجيل أعظم إنجاز لإدارته التي تركت الشرقَ الأوسط متخبطا في أزمات أمنية، ودولا فقدت سيادتها أمام خطط تبناها في إعادة تأهيل الدور الإيراني على حساب الأمن القومي العربي.
صفحات الرئيس المنتخب بايدن تعددت في خطاب الكراهية للعرب، ورفض الاعتراف بعدالة القضية الفلسطينية، منذ بدء عمله السياسي، فهو الخطيب القدير في تجمُّعات اليمين الصهيوني، مكانه المناسب لتمجيد “إسرائيل” ونبذ الحكومات العربية باعتبارها المعرقل الأكبر لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
سياسات حمائية لضمان الاستقرار النسبي في العالم العربي، أضحت الضرورة القصوى في أولويات الأنظمة العربية فيما تبقى من عهد جو بايدن، والتحصن من أي خروق إقليمية جديدة عبر إحياء مخطط الفوضى الخلاقة “دون أن ننسى آخر ما قاله: “لي الشرف أن أكون جزءا من صنع التاريخ هنا”.
نقلاً عن “ميدل إيست أونلاين”