كريتر نت – متابعات
تسعى قوى دولية لتحقيق اختراق سياسي يمهد لآخر عسكري في غزة من خلال صفقة محتملة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، إلا أن محللين يستبعدون أن يكون للصفقة المرتقبة تأثير على فرملة الحرب.
وأكد وصول وفد أمني إسرائيلي إلى القاهرة لمناقشة ملف الأسرى، وفتح معبر رفح لخروج عشرات الأجانب من قطاع غزة، الأحد، وجود استعدادات لتحقيق اختراق سياسي بطيء قد يفتح بابا ضيقا لتهدئة إنسانية لبضعة أيام تحدثت عنها واشنطن أخيرا، لكنها وجدت صدا من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. ويتعزز الاتجاه مع الإعلان عن وصول بريت ماكغورك كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل، الثلاثاء، والقيام بجولة في عدد من دول المنطقة.
وفي أجندة ماكغورك ضرورة تحريك ملف الأسرى كوسيلة يمكن أن تؤدي إلى حلحلة ملفات أخرى، حيث يناقش المسؤول الأميركي حزمة قضايا على أمل تحقيق اختراق سياسي ربما يمهد الطريق إلى تهدئة إنسانية، ويحد من تصاعد التطورات العسكرية.
ونقل موقع “أكسيوس”، الأحد، عن أربعة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أن ماكغورك سيبحث جهود إطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة، ومن بين الأفكار قيد المناقشة إطلاق سراح حوالي 80 امرأة وطفلا لدى حماس مقابل إطلاق إسرائيل سراح نساء ومراهقين فلسطينيين محتجزين في سجونها.
ويمعن الجيش الإسرائيلي في ممارساته العسكرية في مناطق عدة في غزة، ووصلت آلياته إلى مشارف مستشفيات، وقصفت صواريخه أماكن تابعة لمنظمات أممية، وحرض عشرات الآلاف على التوجه إلى جنوب القطاع الذي تكدس به المواطنون، ساعيا إلى إحكام سيطرته على جيوب حماس العسكرية فوق معادلة الأرض وتحتها.
ويشير ميل إسرائيل للتجاوب مع تحركات قوى عديدة في ملف المحتجزين الذين أسرتهم حماس إلى أن العمليات العسكرية والاستخباراتية التي تقوم بها في غزة لن تفلح في تحرير الأسرى سريعا، كما أعلن نتنياهو، بينما أهاليهم يواصلون ضغوطهم عليه.
وينطوي تجاوب إسرائيل الظاهر في التعامل مع الملف على قاعدة التوصل إلى صفقة، على تراجع واضح في تصوراتها التي برر بها نتنياهو شن الحرب، حيث وضع تحرير الأسرى والقضاء على قوة حماس المسلحة في مقدمة أولوياته.
وتؤكد الجهود التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل إلى صيغة مقبولة للإفراج عن مدنيين أن هناك رغبة في الإيحاء بعملية سياسية تجري ويمكن أن تتبلور تدريجيا وتخرج من رحم صفقة مأمولة زاد الحديث عنها الأيام الماضية. وأخذت الصفقة شكلا أكثر وضوحا مع توالي اجتماعات مسؤولين أمنيين في كل من القاهرة والدوحة لمحاولة تقديمها كانتصار رمزي لترضية أسر المحتجزين.
وتواجه الصفقة عقبات على مستوى عدد المطلوب مقايضتهم بين إسرائيل وحماس ونوعياتهم والمقابل الذي ستقدمه الأولى بشأن استمرار دخول المساعدات الإنسانية بلا مطبات عسكرية، وعدم النكوص عن إلحاقها بكميات من الوقود في ظل العجز الذي تواجهه مستشفيات القطاع وفقدانها القدرة على توليد الكهرباء.
ويفتح الحديث عن صفقة الأسرى طاقة ضوء لعدم الاستسلام السياسي الحاصل بسبب ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات واسعة في غزة، لا تراعي ضوابط القانون الدولي أو نداءات منظمات حقوق الإنسان، وأخذت مشاهد الضحايا من الأطفال تثير تجاذبات على أصعدة دولية، وتمثل حرجا لقوى منخرطة في الصراع أو معنية به.
ولفتت وسائل إعلام عبرية إلى مفاوضات متقدمة لإنجاز صفقة بأعداد كبيرة دون الجنود، بموجبها تفرج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين، وتوافق على إدخال الوقود. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن تقديرات أمنية ترجح أن يكون معظم المحتجزين لدى حماس والفصائل الفلسطينية في غزة موجودون في مناطق جنوب القطاع.
ويقول مراقبون إن الصفقة قد لا تكون بداية المطاف أو نهايته، مع الارتباك الحاصل في التوجهات الإسرائيلية بشأن الأهداف المرجو تحقيقها في غزة، وما إذا كانت قوات الجيش ستتمركز في القطاع لفترة طويلة أم ستسلمه إلى إدارة فلسطينية، فقد أثار حديث نتنياهو عن البقاء في غزة هواجس داخل إدارة بايدن التي ترفض إعادة احتلالها.
ويضيف هؤلاء المراقبون أن إنجاز صفقة الأسرى، بقطع النظر عن عدد من سيتم مبادلتهم، يوفر فرصة لتحركات سياسية أخرى، ويؤكد أن الثوابت التي حددتها إسرائيل يمكن أن تتغير، خاصة أن التداعيات الإنسانية للحرب بدأت تثير غضبا في بعض الأوساط الدولية وتضع عبئا كبيرا على الإدارة الأميركية قد يهدد مصالحها.
◙ تجاوب إسرائيل مع صفقة رهائن ينطوي على تراجع في التصورات التي برر بها بنيامين نتنياهو شن الحرب
وقال الخبير المصري في الشؤون الإقليمية سامح راشد إن استعادة إسرائيليين مدنيين وأجانب لدى حماس هدف حيوي يصعب التنازل عنه، لا من جانب إسرائيل أو من قبل الدول التي ينتمي إليها الرهائن والمحتجزون، خاصة الولايات المتحدة، ولذلك فالصعوبات تكمن في التفاصيل والشروط وكيفية إخراج الصفقة، وليست في المبدأ.
وأضاف لـ”العرب” أن عملية التبادل تكمن في إمكانية تليين موقف إسرائيل بشأن استمرار الحرب لمدى زمني طويل، وربما يحاول نتنياهو تسويق الصفقة لتبرير تخفيض السرعة التي تمضي بها العمليات العسكرية، أو تخفيفها بدرجة كبيرة.
وأوضح راشد أن الحديث عن التوصل إلى حل سياسي يفرمل اتساع نطاق الحرب في غزة بعيد الآن، ولن تكون لصفقة تبادل الأسرى تأثيرات ملموسة في هذا الإطار، ولن تغير من قناعات إسرائيل أو حماس وإستراتيجيتهما في إدارة الصراع، وعلى العكس سوف تعتبر كلتاهما التبادل انتصاراً عسكريا يصب في صالح رؤيتيهما.
وتحتجز حماس 240 أسيرا بين إسرائيليين وأجانب منذ السابع من أكتوبر الماضي، عندما شنت الحركة هجوماً مباغتاً أطلقت عليه عملية “طوفان الأقصى” على قواعد عسكرية ومستوطنات تقع في جنوب إسرائيل.
وكشفت مصادر أمنية مصرية أن مجموعة من الأجانب والمصابين الفلسطينيين الذين جرى إجلاؤهم من غزة وصلوا إلى مصر، الأحد، بعد إعادة فتح معبر رفح البري. ووصل حوالي 500 من حاملي جوازات السفر الأجنبية من 15 دولة إلى الأراضي المصرية عبر معبر رفح، حتى ظهر الأحد.