كريتر نت – متابعات
يرى محللون اقتصاديون أنه من شبه المؤكد أن أوبك+ ستمدد التخفيضات الحالية في اجتماعها في 26 نوفمبر، لكن النمو في الإنتاج خارجها يسير على مسار تعزيز الإنتاج العالمي ليفوق الطلب حتى 2024.
وشكّلت عبارات “أعلى لفترة أطول “لعدة أشهر شعار السوق بشأن أسعار الفائدة وهو يردد صدى البنوك المركزية بشكل عام وبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشكل خاص. ولم يغير تراجع التضخم الأخير الشعار. لكن يبدو أن الشعار ربما يجب أن يكون “أقل لفترة أطول”، خاصة بعد 16 نوفمبر الذي شهد انخفاض خام برنت القياسي إلى مستوى 80 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ يوليو.
ورغم بعض الانتعاش في اليوم التالي، الذي أعاد خام برنت إلى ما فوق 80 دولارا للبرميل، ستدرس أوبك+ المزيد من التخفيضات في الإنتاج عندما تجتمع في 26 نوفمبر إذا لم نشهد ارتفاعا أكثر حدة هذا الأسبوع.
يُذكر أن سعر خام برنت كان قبل أقل من شهرين يقدّربـ96.55 دولار للبرميل وكان العديد من المحللين يتوقعون أن يتجاوز 100 دولار. ومن شبه المؤكد أن بعض البيوعات قد ارتبطت بمآل الاستثمارات الطويلة. وربما تأخر ذلك بسبب استمرار المخاوف من احتمال اتساع رقعة الحرب، وهو ما يبدو أن الأسواق قد تجاوزته.
◙ المنتجون من خارج أوبك+ سيستمرون خلال 2024 في قيادة النمو العالمي المتوقع أن يبلغ 1.6 مليون برميل في اليوم ويصل مستوى غير مسبوق يقدّربـ103.4 مليون برميل
ويتطلع المستثمرون الآن إلى 2024 بتشجيع أكبر من “تقرير سوق النفط” الصادر عن وكالة الطاقة الدولية لشهر نوفمبر. وسارع كاتبو العناوين الرئيسية إلى ترديد ما ورد في التقرير القائل إن “السوق يمكن أن تشهد فائضا في مطلع 2024 مع تباطؤ نمو الطلب” (وقرروا في الكثير من الأحيان تحويل “يمكن” إلى “ينبغي” أو حتى “سوف”).
وبالمثل، كان المعلقون يميلون إلى تجاهل الجزء في التقرير الذي قال إن أرصدة السوق ستبقى عُرضة للمخاطر الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة، والمزيد من التقلبات في المستقبل مع استمرار تجاوز الطلب للإمدادات المتاحة خلال اقتراب فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي.
وعلى الرغم من حذر وكالة الطاقة الدولية، إلا أن توقعاتها بتحقيق فائض محتمل في العام المقبل لا تزال مهمة. ويعني ذلك أن أوبك+ تجد نفسها أمام خيار واحد هو النظر في المزيد من التخفيضات بالإضافة إلى تمديد إنتاج المملكة العربية السعودية الطوعي الإضافي بمقدار مليون برميل يوميا، الذي خفض إنتاجها بنسبة إجمالية قدرها 25 في المئة إلى 9 ملايين برميل يوميا.
ومن المرجح أن تقول الرياض إنها ملتزمة أكثر من غيرها، حيث حددت شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي أن خفض روسيا الطوعي لإنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يوميا لم يمنعها من شحن 354 ألف برميل يوميا أكثر من السقف المسموح به في أكتوبر.
ويجب ذكر ثلاث نقاط:
(أ) انخفض إجمالي شحنات النفط الروسي قليلا في أكتوبر إلى حوالي 7.5 مليون برميل يوميا.
(ب) من المتوقع أن تنخفض شحنات النفط الخام خلال الشهر الحالي بفضل انتعاش نشاط مصافي التكرير في روسيا.
(ج) سُجّل تداول خام الأورال عند 66.19 دولارا فقط للبرميل الأسبوع الماضي لمعيار بلومبيرغ، على الرغم من أن هذا يُشكل خرقا لسقف أسعار مجموعة السبع.
ورغم حركة الأسعار، قد يبدو خفض الإنتاج أمرا غريبا في الوقت الذي تُفرض فيه التخفيضات بالفعل. وقالت وكالة الطاقة الدولية “يبدو أنهم مستعدون لإبقاء سوق النفط في حالة عجز كبير حتى نهاية العام، حيث يضخ تحالف أوبك+ 900 ألف برميل في اليوم أقل من الطلب على خامه”.
ويفوق نمو الإنتاج العالمي التوقعات “مع ارتفاع الإنتاج في أكتوبر بمقدار 320 ألف برميل في اليوم (على أساس شهري). ويدعم الإنتاج القياسي من أميركا والبرازيل وغيانا الزيادة التي بلغت 1.7 مليون برميل في اليوم هذا العام في إمدادات النفط العالمية، لتصل إلى مستوى قياسي يبلغ 101.8 مليون برميل في اليوم.
وسيستمر المنتجون من خارج أوبك+ خلال 2024 في قيادة النمو العالمي، المتوقع أن يبلغ 1.6 مليون برميل في اليوم، ويصل مستوى غير مسبوق يقدّربـ103.4 مليون برميل.
إلا أن هذا لن يكون له تأثير بالدرجة التي شهدناها ما بين سنتي 2014 و2016 حين كان النفط الأميركي يتوسع على حساب حصة أوبك في السوق. لكن تخفيضات الإنتاج التي تقررها أوبك+ تستطيع تعزيز حصة السوق خارجها مع تحويل توازن العرض والطلب بعيدا عن الكارتل.
◙ فائض العرض على مدار العام يبدو احتمالا واضحا رغم توقع وكالة الطاقة الدولية أن يصل الطلب في 2024 إلى مستوى قياسي يبلغ 102.9 مليون برميل في اليوم
وقالت الخبيرة أليستر نيوتن في تحليل على موقع “عرب دايجست” إنه نتيجة لذلك، يبدو أن السعودية لن تجد خيارا سوى تمديد خفضها الطوعي بمقدار مليون برميل يوميا، بعد أن كان من المقرر أن ينتهي الشهر المقبل. وقد تمدده حتى النصف الأول من 2024 على الأقل، مع روسيا.
وقال بيارن شيلدروب، كبير محللي السلع في شركة إس إي بي للأبحاث، في مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” في 16 نوفمبر إن “المملكة العربية السعودية ستطالب الكويت والعراق والإمارات بتخفيضات إضافية، وستكون هذه مناقشة مؤلمة”.
وأما بالنسبة إلى تهديد الرياض المحتمل بتقويض السوق من خلال زيادة إنتاجها، فهو مشكوك في نجاحه. وقد يؤدي تحركها إلى تفكك منظمة أوبك بدلا من جر الشركاء إلى صفها.
لكن الموازن الواضح لهذا (كما أشار شيبارد) هو احتمال أن تشعر دول الخليج المدفوعة بقلقها من الاضطرابات الداخلية المحتملة إلى أنها ملزمة بالموافقة على خفض الإنتاج كبادرة تضامن مع الفلسطينيين، لكن ذلك قد يخلق تأثيرا كبيرا مقارنة بالاعتبارات الاقتصادية التي تشمل احتمال خسارة طويلة المدى في حصة السوق لصالح المنتجين من خارج أوبك.
والأمر الأكثر قوة هو حقيقة أن فائض العرض على مدار العام يبدو احتمالا واضحا رغم توقع وكالة الطاقة الدولية أن يصل الطلب في 2024 إلى مستوى قياسي يبلغ 102.9 مليون برميل في اليوم. وسيتعزز هذا الاحتمال إذا تباطأ النمو الاقتصادي العالمي كما يتوقع صندوق النقد الدولي.
وتتوقع نيوتن أن أي خفض إضافي للإنتاج لن يكون أكثر من الحد الأدنى في الوقت الحالي على الأقل (بغض النظر عن تمديد التخفيضات الحالية، سواء كانت طوعية أو إجبارية).