كتب : حافظ مراد
تفوق أخلاقي وانتصار حضاري لأبطال غزة ولا يمتلك الاخلاق إلا المتصل بالخالق، فما وثقته الصور لحظة تسليم الرهائن من قبل عناصر المقاومة الفلسطينية ستترك أثرًًا في نفوس البشرية أجمع، قدم الغزاويون دروسا وهم محقون فيها مهما كان رأي العالم فيهم، فإنهم سيبقون أصحاب مُثل وقيم عظيمة،
لفت انتباهي إصرار مذيع إسرائيلي عند حواراته مع الرهائن المفرج عنهم من غزة محاولا إثبات اي انتهاك من رجال المقاومة بحق الرهائن لكن الرد كان صادما من كل رهينة إسرائيلية بشهاداتهم أن المقاومة عاملوهم بأفضل معاملة ولم يتعرضوا للاهانة ولم يواجهو اي عنف أو اذى.
تحدثو أنهم اثروهم على انفسهم بالطعام والشراب ووفروا لهم الدواء رغم الحصار وشحت الإمكانيات، يقول ابن أسيرة إسرائيلية أن والدته في الثمانينات من عمرها ومريضه ولم يناسبها اي دواء في إسرائيل ولكن حماس عندما كانت رهينة لديهم قيموا مرضها ووفروا لها الدواء المناسب وعادة بصحة افضل من ما كانت عليه في السابق، ويقول عدد من الرهائن لم نتوقع أن حماس سيعاملونا هكذا لذا نرفع لهم القبعات ويتمنو لجيشهم أن يتعلموا من احترام وانسانية وأخلاق المقاومة في غزة.
مجندات اسرائيليات يخرجن من صفقة التبادل من غزة وهن غارقات في طوفان العاطفة والحب للمقاومة وفلسطين يغضن اهاليهن بأغنية انا دمي فلسطيني في مشهد يشير إلى عظمة ما زرعة الآسر في قلب الأسير، والادهى من ذلك بعد خمسون يوماً من الأكاذيب والتشويه الإسرائيلي ضد حماس، تفرج المقاومة عن رهينة إسرائيلية ومعها كلبها بصحة جيدة، فمن حافظ على الرهينة وكلبها على قيد الحياة طيلة هذه الفترة هل سيقتل أطفال ونساء؟!
في صفقات التبادل بين حماس وإسرائيل تسائل غربيون من اين أتى الاحتلال العنصري بأطفال ونساء فلسطين الذين تم ويتم التبادل بهم مقابل الرهائن لدى حماس؟!
وهل الفلسطينين راهائن لدى الاحتلال ام سجناء ومعتقلون؟ وهل كانوا يقبعون في زنازين الإحتلال قبل سبعة أكتوبر؟ تساؤلات آثارت فضول الكثير من المشاهير المؤثرين في أمريكا ودول أروبا، وبعد بحثا عميقا لهم اكتشفوا ان إسرائيل تختطف الأطفال والنساء بشكل يومي وان حوالي خمسة الف سجين فلسطيني يقبعون في زنازين الإحتلال دون اي تهمة، ناهيك عن أكثر من أثناعشر الف معتقل فلسطيني تم محاكمتهم بمحاكم عسكرية إسرائيلية من بينهم 170 طفلا لا يتجاوز أعمارهم 12 عاما سجنوا لسنوات وسرقت منهم طفولتهم بدون أي ذنب يقترفوه، والادهى والأمر من ذلك احتجاز إسرائيل السجناء الفلسطينيين حتى يقضون مدة عقوبتهم كاملة حتى لو ماتوا، فحوالي 398 شهيد فلسطيني، منهم 142 من المعتقلين معظمهم شباب جثثهم في الثلاجات كعقاب جماعي وتعذيب نفسي لعائلاتهم، ومع ذلك فإن وسائل الإعلام الغربية لن تظهر لك هذا أبدًا أو تسلط الضوء على الهمجية الحقيقية للاحتلال النازي.
طريقة الغرب في الاهتمام بالشعوب أن تكون الحقوق تتوافق مع القوة والثروة، ولذلك لم يحظى الفلسطينين في العقود الماضية باي اهتمام دولي لانهم ليس لديهم الثروة ولا السلطة لذا ليس لديهم حقوق حتى وان حصلوا على بيانات الدعم، لكن لأحد سيفعل لهم شيء، خاصة عندما تهدد أمريكا اي شخص قد يحاول القيام بشي ما تجاههم.
الغرب شريك في جرائم إسرائيل بإغلاق افواههم على مدى عقود طالما أن الفلسطينين يموتوا خارج عدسات الكاميرات، لكن ما بعد سبعة أكتوبر وثورة السوشال ميديا، رأى العالم الوضع المرعب ومجازر الإبادة الجماعية في غزة وشاهدوا حجم الحقد والجرم الإسرائيلي النازي، فمئات العائلات تم حذفها من السجل المدني، والبنية التحتية دمرت بشكل كامل،،وتم القضا على كل وسائل الحياة، بسبب العنف الشرير الصهيوني الذي لم يقبله او يتسامح معه أي انسان في العالم، ظهر الفلسطينين في الوضع الاشد ضعفا أمام شاشات الجوال، ولا يمكن لهذا الشعب حتى أن يحزنوا بسلام، فتغيرت نظرة الشعوب الغربية تجاه القضية الفلسطينة وإلى الأبد، وخسرت إسرائيل علاقاتها والتعاطف معها، وأشعلت غزة نار الحرية، وهذه النار ستلف العالم كله ولن تحرر المقاومة في غزة فلسطين وحدها بل سيحررون العالم كله ايضا فلشعب فلسطين الحق في الحياة والحصول على دولتهم المستقلة.
اخيرا: لماذا سبعة أكتوبر.. لأن هؤلا الشباب ولدو في معسكر الاعتقال، ولدو في واحد من أكثر الإمكان كثافة سكانية على وجه الأرض اثنين مليون شخص محاصرون في بضع كيلوهات مقيدون في أكلهم وشربهم وكهربائهم ووقودهم ودوائهم وكل شؤون حياتهم، لن يتمكنوا ابدا من الذهاب إلى أي مكان وفعل اي شي منذ عقود طويلة، 70 % منهم لاجئون طردوا من أراضيهم عام 1948م و70 % من شباب غزة ليس لهم وظائف ولا مستقبل ولا شي، لم يعطو فرصة للحياة واصبحوا بلا امل وبلا جدوى لذا كان سبعة أكتوبر هو ايقونة التحرير والحرية، وحولوا المأساة المروعة إلى نداء ايقض شعوب العالم، وفرضوا على الغرب اذا ارادوا أن يفكروا بانفسهم واستقرار انظمتهم يجب عليهم بشكل جماعي تنفيذ أول خطوة حاسمة نحو السلام وهي تدمير نظام الفصل العنصري كما حدث في جنوب افريقيا في القرن الماضي.