كريتر نت – متابعات
مع وصول فلاديمير بوتين الأربعاء إلى الشرق الأوسط لزيارة الإمارات العربية المتحدة والسعودية، يبدو الرئيس الروسي في موقع أفضل بكثير مما كان عليه قبل ستة أشهر، في ظل صمود قواته على الجبهة الأوكرانية والخلافات بين الدول الغربية.
فالهجوم المضاد الذي شنته كييف سعيا لاستعادة أراض سيطرت عليها القوات الروسية تعثّر، فيما انتعشت عائدات روسيا النفطية مع إيجادها وسائل للالتفاف على العقوبات الغربية. وأما تمرّد مجموعة فاغنر الذي هدد في لحظة ما قبضته على السلطة، فبات طي النسيان.
وقال نايجل غولد ديفيز المتخصص بشأن روسيا وأوراسيا لدى المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية إن “بوتين، وبكل تأكيد، يتحدث بشكل واثق الآن أكثر من أي وقت مضى منذ اندلاع الحرب”.
وتصدت القوات الروسية على خط الجبهة إلى حد كبير للهجوم الأوكراني المضاد الذي أُطلق بفضل أسلحة غربية بمليارات الدولارات. وأما في كييف، فيدور خلاف بين الرئيس فولوديمير زيلينسكي وكبار قادته العسكريين حول ما إذا كانت الحرب بلغت طريقا مسدودا.
موضوع تحمّل العبء المالي لدعم أوكرانيا دفاعيا لعام ثالث بات محور سجالات سياسية حادة في الغرب
وفي الغرب، بات موضوع تحمّل العبء المالي لدعم أوكرانيا دفاعيا لعام ثالث محور سجالات سياسية حادة.
وفي المقابل، تعافت عائدات الطاقة الروسية وتم إسكات المعارضين للكرملين بينما يستعد بوتين حاليا لإطلاق حملته رسميا للانتخابات الرئاسية في مارس المقبل والتي سيفوز فيها بلا شك.
وغذّت هذه العوامل مجتمعة، وفق محللين، شعورا بالثقة لدى الرئيس الروسي. وقال مدير برنامج روسيا وأوراسيا لدى “تشاتام هاوس” جيمس نيكسي “واجهت روسيا حربا سيئة بشكل استثنائي، لكنها تراهن بالكامل على فتور الغرب وتراجع الدعم لأوكرانيا”، مضيفا “لعلهم على حق”.
ولطالما صوّر بوتين غزوه لأوكرانيا على أنه مجرّد جبهة في سياق صراع على النفوذ أوسع بكثير مع الغرب، يُعتقد بشكل متزايد أن موسكو لديها ما يكفي من القوة والموارد للانتصار فيه.
وقال خبير العلاقات الدولية لدى جامعة وسط أوروبا ألكسندر إتكند “يعتقدون في الكرملين أن الحرب العالمية الثالثة تدور بالفعل وأنهم أفضل استعدادا من سواهم (…) يمنحهم ذلك شعورا كبيرا بالحماسة، إذ بات للحياة معنى من جديد”.
من المتوقع أن تصوّر موسكو زيارة بوتين إلى أبوظبي والرياض كمؤشر آخر على أن روسيا تحدت المساعي الغربية لعزلها على الساحة الدولية
ويتوقع أن تصوّر موسكو زيارة بوتين إلى أبوظبي والرياض، وهي الثالثة التي يقوم بها خارج دول الاتحاد السوفياتي سابقا منذ غزو أوكرانيا، كمؤشر آخر على أن روسيا تحدت المساعي الغربية لعزلها على الساحة الدولية.
وفي هذه الأثناء، يكثّف بوتين أنشطته العامة في الداخل أيضا. وبعدما ألغى العام الماضي المؤتمر الصحفي السنوي الذي ينظمه في نهاية كل عام مع تلقي اتصالات المواطنين في ظل الاستياء الشعبي حيال التعبئة، ينظم مجددا هذا الحدث الهام الأسبوع المقبل.
وقد يستغل المناسبة للإعلان عن نيته الترشّح رسميا لولاية جديدة تبقيه في السلطة حتى العام 2030. لكن الخبراء حذروا من أن الأقدار قد تتغيّر مجددا بالنسبة إلى بوتين خصوصا في ساحة الحرب.
وقال نيكسي “عرف الطرفان تقدّما وانتكاسات في هذه الحرب إذ سيطرا على أراض واتبعا تكتيكات مباغتة نجحت. مازال التوازن دقيقا. مازالت النتيجة غير محسومة”.
ولفتت مديرة معهد روسيا لدى “كينغز كوليدج” في لندن غولناز شرفتدينوفا إلى أن الشعور بالإنهاك من الحرب ليس حكرا على الغرب.
وقالت “رغم الصمود الاقتصادي والاجتماعي الظاهر في الأمد القصير، إلا أن الاتجاهات طويلة الأمد المرتبطة بعسكرة الاقتصاد بعيدة كل البعد عن السيناريوهات الوردية”.
ويسجل التضخم الذي لطالما شكل مصدر قلق للروس تزايدا سريعا، فيما تتبنى موسكو ما وصفها محللون بـ”الكنزية العسكرية” القائمة على إنفاق المليارات لدعم الجهد الحربي.
وأوضحت شرفتدينوفا أن الكرملين يجب أن يبقى “في حالة تأهب” من ردود فعل محلية غاضبة محتملة حيال التضحيات المقدّمة داخليا لدعم الحرب.
وتسري شائعات بأن الكرملين يستعد للإعلان عن موجة تعبئة جديدة لا تحظى بشعبية بعد الانتخابات.
وخلال الأسابيع الأخيرة، هزّت الكرملين مشاعر الاستياء السائدة في أوساط زوجات الرجال الذين تم تجنيدهم والغضب حيال قرارات العفو عن قتلة ومرتكبي عمليات اغتصاب وافقوا على القتال في أوكرانيا. لكن ذلك لم يكن كافيا لدفع بوتين إلى التراجع.
وقال إتكند تعليقا على إستراتيجية الكرملين في أوكرانيا “لن يتوقفوا من تلقاء أنفسهم (…) الحل الوحيد هو إيقافهم”.