كريتر نت – متابعات
لم تحسم السعودية موقفها بشأن عضوية مجموعة بريكس، وأعلنت عن الموقف ونقيضه خلال الفترة الأخيرة، ما يثير التساؤل عن تحمّسها الأول للحاق بهذا التحالف الاقتصادي؟ وعما إذا كان الأمر مناورة للضغط على الولايات المتحدة من أجل تمتين علاقتها بالرياض أم أن السعودية لا تريد أن تلزم نفسها بأي حلف جديد؟
ويبدو أن قبول السعودية باللحاق ببريكس كان الهدف منه توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة يفيد مضمونها بأن الرياض لديها بدائل متعددة يمكن أن تجعلها في غنى عن الولايات المتحدة، خاصة بعد أن أظهرت إدارة الرئيس جو بايدن عدم اهتمام بأمن السعودية وضغطت لوقف حرب اليمن واتخذت موقفا ملتبسا من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بسبب قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
قبول الرياض باللحاق ببريكس كان بمثابة رسالة إلى واشنطن يفيد مضمونها بأن الرياض لديها بدائل متعددة يمكن أن تجعلها في غنى عن الولايات المتحدة
لكن متابعين للشأن السعودي يعتقدون أن التلويح بعضوية بريكس كان أقرب إلى المناورة من كونه قرارا مبدئيّا، مشيرين إلى أن المملكة تعرف أن مثل هذه الخطوة قد تسهم في احتداد التوتر بينها وبين واشنطن، خاصة أن من نتائجها المباشرة فتح السوق السعودية أمام الشركات والاستثمارات الصينية وإلحاق خسائر فادحة بالشركات الأميركية، وهو قرار لن يعتبره الأميركيون خطوة سعودية نحو تنويع الشراكات، وإنما سيعدونه قرارا سياسيا يؤسس للقطيعة بين الحليفين الإستراتيجيين.
ويميل المتابعون إلى اعتبار التلويح بعضوية بريكس ورقة ضغط سعودية كي تعود العلاقة بين الحليفين إلى سابق عهدها بعد أكثر من أزمة، مُقرّين بأنه ليس من مصلحة السعودية أن تثير حملات دبلوماسية وإعلامية وخلافات بينها وبين شريك تاريخي مازال لاعبا رئيسيا في الخليج بصفة خاصة والشرق الأوسط بصفة عامة.
ويبدو الآن أن التوتر بين السعودية والولايات المتحدة قد تراجع بشكل لافت. واكتشفت واشنطن أن الضغوط، بمناسبة ومن دون مناسبة، لا تغير موقف السعوديين، بل على العكس تدفعهم إلى الابتعاد عن واشنطن وتهديد مصالحها. وتصالحت إدارة بايدن مع وجود الأمير محمد بن سلمان في ولاية العهد وكونه الشخصية المؤثرة حاضرا ومستقبلا. كما أن المشاريع الكبرى التي تطرحها الرياض لم تكن تسمح بأي توتر يمكن أن يحرم الشركات الأميركية من الحصول على نصيبها.
وقال مصدران مطلعان على الأمر لرويترز الخميس إن السعودية مازالت تدرس الدعوة للانضمام إلى مجموعة بريكس، بعد انقضاء الفرصة الأولى للانضمام في وقت سابق من هذا الشهر.
وأوضح المصدران أن الأول من يناير لم يكن موعدا نهائيا لاتخاذ القرار. وذكر أحدهما أن الانضمام إلى المجموعة من شأنه أن يعود على المملكة بمنافع مجزية نظرا إلى أن الصين والهند هما أكبر شريكين تجاريين لها. تأتي دراسة السعودية للدعوة في ظل توترات جيوسياسية متزايدة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، وفي وقت أثارت فيه علاقات المملكة الوطيدة ببكين قلق واشنطن.
وقال وزير التجارة السعودي ماجد القصبي في حلقة نقاشية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا “تلقت السعودية دعوة للانضمام إلى بريكس، لكننا لم ننضم رسميا بعد إلى بريكس”، وذلك في أول تعليق من مسؤولين سعوديين بعد انقضاء موعد الانضمام المقترح في الأول من يناير.
واختار القصبي مناسبة دافوس لطمأنة الشركاء الغربيين، وليس فقط الولايات المتحدة، بأن بلاده لم تتخل عن علاقاتها الاقتصادية مع الدول والمؤسسات والشركات الغربية، وأن عضوية بريكس لم تحسم بعد، وهذا الموقف يمهد لخروج مسؤول سعودي آخر ليقول إن المملكة تخلت عن فكرة اللحاق ببريكس وإنها ستستمر في علاقاتها الاقتصادية والتجارية الثنائية مع دول هذا التحالف الاقتصادي، وأساسا مع الصين وروسيا، وهو أمر لن يثير ضجة طالما أنه لم يستهدف مصالحهما مع الرياض وخاصة المصالح الصينية.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف عقب تصريحات الوزير إن انضمام السعودية إلى التكتل عمل مهم للغاية بُذلت جهود بشأنه الأربعاء. وفي الثاني من يناير الجاري قال التلفزيون السعودي إن المملكة انضمت رسميا إلى مجموعة بريكس ثم عاد وسحب الإشارة إلى الانضمام.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قال في أغسطس الماضي إن المملكة ستدرس التفاصيل قبل الموعد المقترح للانضمام في الأول من يناير، وستتخذ القرار الملائم. وأضاف الوزير أن بريكس قناة مهمة ونافعة لتعزيز التعاون الاقتصادي.