كريتر نت / اليوم الثامن
لم تنتظر الولايات المتحدة كثيرا بعد زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو إلى لبنان، لتشديد موقفها الرامي إلى محاصرة نشاط حزب الله، بنشر وثائق أميركية تكشف شبكات تهريب مخدرات وتبييض أموال تابعة للحزب.
واعتبرت مصادر إعلامية أميركية أن واشنطن تقصدت تسريب الوثائق التي نشرتها صحيفة غلوبال نيوز الكندية عن شبكات حزب الله في العالم، لتأكيدها عزما أميركيا على تفكيك شبكات الحزب وحرمانه من أي موارد مالية مستقلة عن وارداته من إيران، بعد أيام من تصريحات بومبيو في بيروت.
واعتبرت مصادر سياسية لبنانية مراقبة أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله قد تسرّع في الحكم على زيارة بومبيو إلى لبنان واعتبارها فاشلة بسبب الموقف الرسمي اللبناني. ورأت المصادر أن الوزير الأميركي جاء ليؤكد من بيروت أن واشنطن عازمة على تصعيد الضغوط على الحزب لرفع قبضته عن الدولة اللبنانية.
وسيعزز الكشف عن شبكات حزب الله الإجرامية من قبل أجهزة الأمن في العالم الميل للإجماع على اعتباره تنظيما إرهابيا، بجناحيه السياسي والعسكري، على منوال ما قررته الولايات المتحدة وبريطانيا.
وكشفت الصحيفة الكندية عن تعاون أمني بين كندا والولايات المتحدة حول ملف حزب الله، قد بدأ بشكل مركز عام 2014، بين إدارة مكافحة المخدرات في الولايات المتحدة وشرطة الخيالة الكندية الملكية.
وذكرت أن معلومات إدارة مكافحة المخدرات الأميركية تقاطعت مع معلومات مصدرها كولومبيا مرتبطة بمراقبة عصابة “لا أوفيسينا” الكولومبية، كشفت عن عمليات تهريب أموال بالمليارات من الدولارات، تجري لتمويل أنشطة حزب الله العسكرية.
وتكشف الوثائق عن أن الأموال كانت تستخدم لشراء الأسلحة، كما تستخدم أيضا لتمويل أنشطة هدفها توسيع ظاهرة الإدمان على المخدرات لدى خصوم الحزب داخل البلدان التي يعتبرها عدوة له ولإيران. وتحدثت الوثائق عن اجتماع عقد في أكتوبر 2014 في مقر إدارة مكافحة المخدرات الأميركية بفرجينيا، بحضور ممثلين عن أجهزة الأمن في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.
وكان هدف الاجتماع تنسيق أعمال المراقبة على أحد أفراد حزب الله ويُدعى حسن منصور. وكانت تلك الأجهزة تشتبه بأنه من أكبر الناشطين في عمليات تبييض الأموال وانتهاك القوانين الكندية. وذكرت غلوبال نيوز أن منصور كان يتولى نقل المخدرات إلى أستراليا، وإرسال أموال إلى الحزب نقدا.
وأن وثائق إدارة مكافحة المخدرات المقدمة عام 2016 إلى محكمة جنوب الولايات المتحدة، أكدت أن حزب الله كان قد سيطر على شبكة لنقل الكوكايين إلى أستراليا وتعاون مع ألطاف خناني، المسجون حاليا في ولاية فلوريدا، لتحصيل أموال المخدرات نقدا بسبب قدرته على إدارة شبكة مالية دولية.
وكانت محكمة محلية في فلوريدا قد حكمت على ألطاف خناني عام 2017 بالسجن لمدة 6 سنوات بتهمة التآمر لارتكاب غسيل الأموال، ولا تتعلق هذه التهم بالشبكة المرتبطة بحزب الله. وتكشف الوثائق الأميركية عن صلات تجمع حزب الله بكارتلات كولومبيا والمكسيك منذ عقد من الزمن، ولم تكشف هذه العلاقة إلا بعد أن تم الكشف عن منصور وشخص آخر يدعى محمد عمار بسبب صلات لهما مع شخصيات مشتبه بها في كندا. وذكرت الوثائق الأميركية أن تعاونا قد جرى مع شرطة الخيالة الكندية الملكية للإيقاع بتاجر مخدرات لبناني يُدعى شكري حرب، كان يدير عمليات تهريب المخدرات خارج كولومبيا لحساب عصابة “لا أوفيسينا”.
وبعد فضيحة البنك اللبناني الكندي في عام 2011، والتي أدت إلى تصفية البنك في لبنان، وجهت السلطات الأميركية تهمة إلى مواطن لبناني-كولومبي، يُدعى أيمن جمعة، بأنه يدير شبكة تهريب للمخدرات ومسؤول عن إرسال العديد من التحويلات البنكية لأموال المخدرات إلى كندا.
وأشارت إلى أن محمد عمار أدار شبكة من العملاء في كندا لجمع أموال المخدرات التي تم تحويلها في ما بعد إلى أحد مصارف بيروت.
وأكدت المعلومات الأميركية أن عمار كان يمرر الأموال من خلال عدد من المدن في العالم قبل وصولها إلى بيروت. وتكشف الوثائق، وفق مسؤول أميركي تحدثت معه صحيفة غلوبال نيوز، أن عمار أبلغ الأميركيين بأن الشبكة تمتلك أموالا للمخدرات لتُنقل إلى أستراليا، وأنه قد تم تسجيل تواصل بين عمار ومنصور مع خناني، ما كشف علاقة الأخير بحزب الله وكشف قيام الشبكة بتحويل الأموال إلى ميامي. ويحاكم عمار ومنصور حاليا بتهم مرتبطة بتبييض أموال في فلوريدا قد تصل أحكامها إلى السجن المؤبد.
وتكشف الصحيفة الكندية أن منصور قد أوقف في فرنسا قبل أن يتم تسليمه إلى السلطات الأميركية، بما يفصح عن تعاون وثيق جرى بين أجهزة الأمن في العالم لإسقاط شبكات حزب الله المشبوهة. وترى مصادر دبلوماسية أوروبية أن الكشف عن هذه الشبكة يعني أن بقية شبكات حزب الله تحت المراقبة وأن هامش المناورة لديه بات محدودا.
وتؤكد أن نقاشا يجري داخل أروقة القرار في العواصم الأوروبية بالتعاون مع أجهزة الأمن لديها للخروج بخلاصة سياسية حول مستقبل تعامل الاتحاد الأوروبي مع ظاهرة حزب الله في لبنان، على أن يتم التعامل مع هذا الملف بمعزل عن مستقبل العلاقة الأوروبية مع إيران.