كريتر نت – متابعات
تعتزم الحكومة السعودية إحياء بيع إضافي لحصة من عملاق النفط أرامكو، في صفقة قيمتها مليارات الدولارات، ومن المرجح أن تصنف من بين أكبر مبيعات الأسهم في السنوات الأخيرة.
وتستعد السعودية لطرح ثاني من شركة أرامكو للنفط، بعد تردد استمر لسنوات في أعقاب الاكتتاب الأول في البورصة المحلية “تداول”، والذي اعتبر الأكبر على الإطلاق في تاريخ بيع الأسهم عالميا.
وكشفت مصادر مطلعة لوكالة بلومبرغ، أن الحكومة تدرس تعيين بنوك، من ضمنها سيتي غروب وغولدمان ساكس وأتش.أس.بي.سي هولدينغز، لإدارة طرح ثانوي لأسهم شركة أرامكو.
ومن شأن الصفقة المحتملة جمع حوالي 20 مليار دولار، لتمثل إحدى أكبر عمليات بيع الأسهم في السنوات الأخيرة.
وأكدت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لخصوصية المعلومات، أن أكبر شركة مصدّرة للنفط في العالم تجري أيضا محادثات مع بنوك أخرى، في سعيها لجمع نخبة من المستشارين لعملية الاكتتاب التي قد تحدث في الأسابيع القليلة المقبلة.
لكن المصادر أفادت بأن قائمة المستشارين قد تتغير، مؤكدين عدم التوصل لقرار نهائي بشأن توقيت العملية أو عدد الأسهم، التي ستطرحها الحكومة، كما أن الطرح بأكمله يمكن أن يُؤجَل مرة أخرى.
ولا توجد معطيات بشأن ما إذا كان الإدراج سيكون في البورصة المحلية أو في إحدى البورصات العالمية، خاصة في غياب تعليقات رسمية من الحكومة أو شركة أرامكو حول الأمر.
وتأتي خطط البيع الجديد بعد أربع سنوات من جمع السعودية نحو 30 مليار دولار في الطرح العام الأولي لشركة أرامكو في البورصة المحلية “تداول”، والذي كان أكبر طرح للأسهم في العالم على الإطلاق.
الحكومة تدرس تعيين بنوك من ضمنها سيتي غروب وغولدمان ساكس وأتش.أس.بي.سي لإدارة طرح ثانوي
وزاد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من طموحاته في الإنفاق منذ أن ضخ مبالغ ضخمة في مشروع نيوم البالغ قيمته نصف تريليون دولار، ومشاريع أخرى في قطاعات لم تكن قبل 2016 تدور في فلك اهتمامات الحكومة.
وتعتمد الدولة الخليجية على إيرادات أرامكو لتمويل مشاريع رؤية 2030، التي أطلقها ولي العهد والرامية إلى تحويل السعودية، التي كانت منغلقة سابقا، إلى مركز للأعمال والسياحة والرياضة.
وفي يناير 2021، كشف الأمير محمد بن سلمان أن الحكومة تدرس بيع المزيد من أسهم أرامكو، على أن يتم تحويل العائدات إلى صندوق الثروة السيادية. ونشرت بلومبرغ في مايو الماضي أن هذه الخطة اكتسبت زخما العام الماضي.
وعمل عدد من بنوك وول ستريت على الطرح العام الأولي لشركة أرامكو في 2019. ورغم أنهم حصلوا حينها على رسوم ضئيلة قياسا بالمعدلات العالمية المتعارف عليها لصفقات مماثلة، فإنهم يعودون الآن للعمل على صفقة الطرح الثانوي.
وتأمل البنوك المشاركة في الاكتتاب الثاني في الحصول على صفقات إضافية في السعودية، حيث تمضي قُدُما في خطة طموحة لتنويع الاقتصاد حتى نهاية العقد الحالي.
وقد يمثل جذب مستثمرين جدد تحديا للطرح المزمع لأسهم أرامكو. وكانت عدّة شركات دولية أبدت تحفظات خلال الاكتتاب العام الأولي عام 2019، حيال تقديرات الحكومة بشأن تقييم الشركة.
كما أبدت هذه الشركات تحفظات تجاه عائد شركة النفط السعودية المنخفض نسبيا مقارنةً بنظيراتها في القطاع، خلال فترة الطرح، ما جعل الصفقة حينها تعتمد بشكلٍ أساسي على مستثمرين أفراد محليين والمكاتب العائلية الثرية.
2 تريليون دولار قيمة أرامكو مع سهم يتداول في بورصة تداول حاليا عند 8.2 دولار
ورغم أن الشركة، البالغة قيمتها تريليوني دولار، مع سهم يبلغ قيمته حاليا 30.7 ريال (8.2 دولار) اعتمدت آلية جديدة لزيادة توزيعات الأرباح في محاولةٍ لجذب المزيد من المستثمرين وتعزيز السيولة، إلا أنها مازالت غير مماثلة لنظيراتها.
وتجاوزت ربحية سهم أرامكو بشكل متكرر، خلال العامين الماضيين، أمثاله لدى شركات شل وبي بي وإكسون موبيل، وفق بيانات جمعتها بلومبرغ.
ومع ذلك، استثمر العديد من كبار مديري الأصول بالعالم في أرامكو، ويرجع خبراء ومتابعون ذلك إلى وزنها في مؤشر الأسهم السعودية.
وفي الطرح السابق دفعت أرامكو رسوما تزيد قليلا عن 100 مليون دولار. وبالمقارنة، تقاسمت بنوك مثل جي.بي مورغان وغولدمان ساكس حوالي 60 مليون دولار كرسوم من شركة بيلوتون إنتراكتيف لمساعدتها على جمع 1.2 مليار دولار في 2019.
كما دفعت مجموعة الإنترنت الصينية العملاقة علي بابا غروب، والتي جمعت 25 مليار دولار في الاكتتاب العام الأولي في 2014، حوالي 300 مليون دولار لأمناء الاكتتاب بما في ذلك رسوم الأداء.
ويُرجَح أن يحصل المستشارون الذين يعملون على البيع المزمع لأسهم أرامكو على رسوم منخفضة مثلما هو شائع في المنطقة.
وفاجأت أرامكو، التي تمتلك الحكومة السعودية حصة تبلغ 90 في المئة فيها، الأسواق الشهر الماضي، بتخليها عن خطط لزيادة طاقتها الإنتاجية من النفط الهام بواقع مليون برميل يوميا ليبقى المستوى عند 12 مليون برميل يوميا.
وأثارت الخطوة تساؤلات حيال توقعات الطلب على النفط، لكن هذا القرار أفرج في المقابل عن مليارات الدولارات التي كان سيتم إنفاقها على زيادة الطاقة الإنتاجية، حيث يُمكن توظيفها في استثمارات أخرى من قِبل الشركة.
وفي أكتوبر 2021، حدّدت الشركة هدفًا للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ولكن فقط للانبعاثات من عمليّاتها الخاصة، بدون احتساب الانبعاثات الناجمة عن استهلاك منتجاتها.
وفي سياق تركيزها على قطاعي التكرير والبتروكيماويات، دخلت أرامكو في شراكة لتطوير منشآت تضم مصفاة رئيسية ومجمعا متكاملا للبتروكيماويات في الصين، يُتوقع أن يبدأ تشغيله هذا العام.
كما كشفت الشركة مؤخرا، أنها تتطلع إلى المزيد من عمليات الاستحواذ في الصين والهند، لاسيما في ظل توقعات بأن يستمر الطلب على النفط والمنتجات المرتبطة به في التوسع بالمنطقة.
وكان سوق الاكتتابات الأولية السعودية ضعيفا نسبيا خلال معظم العام الماضي، على الرغم من أن الانتعاش في النصف الثاني من عام 2023 أثار الآمال في أن الحكومة ستمضي قدماً في صفقة أرامكو. وشهدت بورصة تداول بداية قوية في 2024، حيث أدرجت مجموعة أم.بي.سي الإعلامية، أكبر شبكة تلفزيونية خليجية، مطلع الشهر الماضي وتضاعفت أسهمها منذ ذلك الحين.