كتب أ. عادل الزريقي .
إزدادت في الاونة الاخيرة المشاكل بين بعض افراد الجيش والشرطة وبين المواطنين ، تصل بعضها الى انتهاك حقوق المواطن الاعزل من السلاح ، وخدش كرامته ، والبعض الآخر الى القتل وازهاق الارواح ، هذه الظاهرة طفت على السطح في النقاط العسكرية ، وفي اقسام الشرطة ، او عندما يتم القبض على اي مواطن لسبب ما ، فأحيانا يتم مداهمة منازل المواطنين بالمخالفة للقانون ، وبدون التنسيق المسبق مع النيابة كجهة قضائية مخولة قانونا بإصدار الاوامر القهرية والاشراف على تنفيذها بالطرق المثلى ، فيتم انتهاك حرمة المنازل وترويع النساء والاطفال والعبث بالممتلكات ونهبها ، وغالبا ماتتم هذه العملية في غياب رب الاسرة عن المنزل او من يبحثون عنه تحت مبرر انه مطلوب امنيا .
مثل تلك السلوكيات المواطن يشاهدها مباشرة على الواقع او يقرأها وبكثافة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي ، وجراء ذلك اصبح المواطن حينما يوشك أن يقترب من إحدى النقاط العسكرية او يرى طقما عسكريا ترتعد اعصابه وترتعش اطرافه ويشعر بالخوف والرعب بدلا من ان يشعر بالامان ويحس بالطمأنينة.
هذه المشاهد المؤلمة لم نلاحظها في محافظة بعينها او في نقطة عسكرية بعينها او في قسم شرطة بعينه بل لاحظناها وسمعنا عن وقوعها في اغلب إن لم اقل كل المحافظات والنقاط واقسام الشرطة لان الافراد المرابطين في مختلف تلك الاماكن من الشباب حديثي العهد في المجال الامني والعسكري وتنقصهم الخبرات والتجارب الكافية في مجال عملهم ناهيكم الى نقص التأهيل التوعوي والثقافي .
مثل هذه الظاهرة بحاجة الى دراسة اسبابها وتحديد الحلول والمعالجات لها من قادة الوحدات العسكرية والامنية ، لان المسؤولية بدرجة اساسية تقع على عاتقهم في رفع كفاءة الافراد وتوعيتهم توعية قانونية ووطنية تجعلهم قادرين على إدراك كيفية التعامل مع المواطن بصورة راقية وحضارية وقانونية تجنب الجميع من مغبة الوقوع في الاخطاء التي تكون احيانا نتائجها وخيمة ومأساوية عن طريق تفعيل دور ادارات التوجيه المعنوي في وحداتهم العسكرية والامنية ، ووضع مسؤولي للنقاط الامنية والعسكرية واقسام الشرطة من العناصر المشهود لها بالاستقامة وبالثقافة العالية حتى يؤثرون إيجابا على الافراد الذين بجانبهم ، وبالتالي تتأسس قوات عسكرية وامنية نوعية ونموذجية مستوعبة بأنها وجدت لحماية المواطن والمحافظة على حقوقه وصون شرفه وكرامته وحتى تكون قدوة حسنة للمواطن يحتذي بها من حيث الانضباط والتقيد بالقوانين والتحلي بالاخلاق الحميدة علاوة على ذلك انها ستمثل مصدر فخره واعتزازه في حالة إجادتها لأساليب التعامل معه.
فإستتباب الامن وتحقيق الاستقرار لا يتحققان إلا بتكامل المواطن ورجل الامن وتعاونهما مع بعضهم البعض ، فالمواطن له دور كبير بذلك لا يستهان به ولا يمكن تجاهله في الابلاغ عن الجريمة والتسهيل لرجل الامن على القيام بمهمته على اكمل وجه والوصول الى الجاني الحقيقي بأقل الجهود والتضحيات ولن يتحقق ذلك التعاون ولا يتم ذلك التكامل والمواطن يكره رجل الامن والصورة المرسومة عنه في مخيلته سيئة وهو يكن له في قلبه الحقد والانتقام بفعل الاخطاء التي يرتكبها ضده وضد اهله واقاربه وجيرانه من حين لآخر سواء بقصد او بدون قصد .
الدستور اليمني والقوانين اليمنية حذرت من انتهاك حقوق وكرامة المواطن حتى ولو كان مجرما او متلبسا في جريمة واعطت الحق لرجل الضبط القضائي استخدام القدر المناسب من القوة الذي يتوافق مع مقاومة المواطن للسلطات العامة فيما لو افترضنا مقاومته لها بحيث يكون ذلك عند الضرورة القصوى ، بل ان القانون اليمني اوجب على الدولة في إحدى المواد بتوفير نفقات التقاضي واتعاب المحاماة للمواطن المعسر المتهم بإرتكاب الجريمة ، فهل سيرقى سلوك بعض الافراد العسكريين والامنيين الذين اساؤا الى المؤسسة العسكرية والامنية بتلك التصرفات الى مستوى رقي تلك القوانين التي جعلناها حبيسة الادراج وحولناها الى حبر على ورق لا فائدة ولاجدوى منها .
قديما وفي عهد حكم الامامة في شمال الوطن قال الشهيد المناضل محمد محمود الزبيري بيتا شعريا هو ( العسكري بليد للأذى فطن كأن إبليس على الطغيان رباه ) فلا نريد ان نصف اخواننا وابناءنا افراد القوات المسلحة والامن بهذه الصفة لان هذه البيت الشعرية قيلت في منتصف القرن الماضي والجهل والتخلف يعم حينها الجميع ونحن الان في القرن الحادي والعشرين وفي زمن توجد فيه عشرات الآلاف من المدارس ومئات الجامعات والمعاهد وآلاف المصادر التي تمكن الانسان من الاطلاع والتثقيف الذاتي ، فمن العيب ان يجهل البعض طريقة تنفيذ المهام التي تناط به في عصر التطور والتقنيات الحديثة .