كريتر نت – متابعات
بعد 150 يوما من الحرب آن لكل إسرائيلي أن يسأل نفسه بأمانة، هل نحن أفضل حالا الآن مما كنا عليه في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2023؟ هل نحن أقوى أو أكثر أمانا؟ هل لدينا ردع أكبر؟ هل نحن أكثر شعبية؟ هل نحن فخورون بأنفسنا؟ هل نحن أكثر اتحادا؟ هل نحن أفضل بأي شكل من الأشكال؟
بهذه الأسئلة استهل الكاتب جدعون ليفي مقالا له حاول فيه تقييم ما جنته إسرائيل من الحرب الحالية حتى الآن، ليستطرد قائلا إن الأمر الذي لا يصدق هو أن الإجابة على كل هذه الأسئلة هي “لا” بشكل لا لبس فيه.
لقد كانت الأيام الـ150 قاسية وصعبة -كما يقول ليفي- ولم ينتج عنها شيء لصالح إسرائيل ولن تفيدها في شيء، لا على المدى القصير ولا على المدى الطويل، بل على العكس من ذلك، خرجت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أقوى، وأصبحت بطل العالم العربي بلا منازع مهما أثخن فيها.
ومما يدفع ليفي للاستغراب هو أن معظم الإسرائيليين، رغم ما حدث، يريدون 150 يوما إضافية من الوضع نفسه، فلا معارضة للحرب، بعد 5 أشهر من الموت والدمار على نطاق غير مسبوق، وبعد أن أصبحت إسرائيل منبوذة ومكروهة في جميع أنحاء العالم، وملطخة بالدماء ومتضررة اقتصاديا.
لا توجد منطقة واحدة أصبحت فيها البلاد أفضل حالا بعد هذه الأشهر المظلمة، أصبحت إسرائيل الآن أقل أمانا بكثير مما كانت عليه قبل الحرب، وهي تواجه خطر التصعيد الإقليمي والعقوبات العالمية وفقدان الدعم الأميركي، بل هي أيضا أقل ديمقراطية وسوف تظل الأضرار المتراكمة قائمة بعد انسحاب قواتها من غزة، كما يرى الكاتب.
دولة منبوذة
أما بالنسبة لمكانة إسرائيل الدولية -وفق الكاتب- فلم تك قط تل أبيب منبوذة إلى هذا الحد من قبل، حتى إن علاقاتها المضمونة مع الولايات المتحدة تدهورت إلى مستوى لم تشهده من قبل، أضف إلى أن حصيلة قتلى الجنود تتصاعد، والمحتجزون لم يطلق سراحهم بعد، وعشرات الآلاف من الإسرائيليين نزحوا داخليا، ونصف البلاد أصبح منطقة خطر، والضفة الغربية مهددة بالانفجار، ولا شيء يمكن أن يخفي الكراهية العميقة التي نجحت إسرائيل في زرعها في غزة والضفة الغربية والعالم العربي، بحسب قول الكاتب.
أي عمى هذا وأي حالة من البلادة الأخلاقية هذه “دعوهم يجوعون ويعطشون، دعوهم يختنقون، دعوهم يموتون”، حتى اليسار ووسائل الإعلام تبنوا طريقة التفكير هذه، وأعينهم مغطاة، لا أحد يتوقف ليسأل إلى أين نحن ذاهبون؟
ومع أنه لا تحسُّن في الأفق ما دامت إسرائيل ترفض بعناد كل اقتراح لتغيير جذري، فإن الإسرائيليين يريدون المزيد من الشيء نفسه، مثل المقامر الذي خسر كل أمواله ولكنه لا يزال مقتنعا بأن رهانا آخر سيجعله يفوز بالجائزة الكبرى.
ومع مقتل 100 فلسطيني كل يوم، يبدو الإسرائيليون -حسب الكاتب- مقتنعين بأن وفاة 30 ألفا آخرين من شأنها أن تحول غزة إلى جنة، أو على الأقل إلى مكان آمن، ويتساءل الكاتب متعجبا ” فأي عمى هذا وأي حالة من البلادة الأخلاقية هذه؟”.
ويرى أنه حتى اليسار ووسائل الإعلام تبنيا طريقة تفكير “دعوهم يجوعون ويعطشون، دعوهم يختنقون، دعوهم يموتون”، وأعينهم مغطاة، لا أحد يتوقف ليسأل إلى أين نحن ذاهبون؟