كريتر نت : متابعات
التوتر الذي تبديه دول جنوب الصحراء ضد الغرب امتد إلى الولايات المتحدة. فبعد دعوة النيجر لواشنطن بسحب قواتها انضمت تشاد إلى هذه الدعوة، ما يفتح الطريق أمام الدخول الروسي إلى المنطقة، خاصة مع وصول فيلق أفريقيا.
ودعت تشاد الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من قاعدة عسكرية، في الدولة الواقعة وسط أفريقيا، وهي واحدة من المواقع الغربية القليلة المتبقية لمحاربة تمرد جهادي يجتاح المنطقة، في موقف يظهر أن الأميركيين باتوا في مرمى الغضب الأفريقي الذي كان طال فرنسا قبل ذلك.
وتأتي الخطوة التشادية، بعد شهر من تعليق النيجر – وهي حليف غربي رئيسي آخر في المنطقة – اتفاقها الأمني مع الولايات المتحدة، وسط سلسلة من الانقلابات، شهدت إقامة حكومات عسكرية في منطقة الساحل، وعلاقات أوثق مع روسيا.
ويتزامن الإعلان عن الطلب التشادي مع قرار واشنطن إرسال وفد إلى النيجر لوضع الترتيبات لإخراج القوات الأميركية بالتزامن مع وصول “فيلق أفريقيا” الروسي الذي سيعمل بشكل علني على دعم النيجر وبقية الدول الغاضبة من الغرب.
ويرى مراقبون أن واشنطن التي سعت لربح مواقع باريس بعد موجة الغضب الأفريقي على فرنسا، وجدت نفسها تسير على خطاها، وهو ما يظهر أن أفارقة جنوب الصحراء ومنطقة الساحل لم يثوروا على فرنسا لكونها دولة استعمارية فقط بل على الغرب ككل لعجزه عن دعم المنطقة في مواجهة الجهاديين ومساعدتها على مواجهة أزمات اقتصادية ومناخية حادة دفعت إلى نزوح الآلاف.
وأبلغت تشاد الولايات المتحدة بـ”وقف نشاطها في القاعدة، طبقا لخطاب إلى الملحق الدفاعي الأميركي، اطلعت عليه بلومبرغ.
وتم التحقق من الخطاب، الذي وقّعه رئيس أركان القوات الجوية، عبر إدريس أمين أحمد المتحدث باسم وزارة الخارجية، والذي رفض الإدلاء بالمزيد من التعليقات.
وكانت إذاعة فرنسا الدولية قد أعلنت في 29 فبراير الماضي أن زعيم المعارضة التشادية يايا ديلو قد لقى حتفه عندما داهمت قوات الأمن مقر حزبه بعد اتهام الحزب بتنفيذ هجوم على مديرية الأمن الداخلي التشادية.
ونقلت الإذاعة، ومقرها باريس، عن المدعي العام قوله إن ديلو قُتل مع عدد من أعضاء الحزب الاشتراكي بلا حدود (بى إس إف) الذي يتزعمه. وأضافت أنه تم اعتقال 26 شخصا على الأقل.
وتعد أعمال العنف أحدث تصعيد في التوترات التي تسود البلاد قبل الانتخابات المقررة في 6 مايو القادم والتي قد تعيد الدولة المنتجة للنفط في وسط أفريقيا إلى الحكم الدستوري بعد ثلاث سنوات من استيلاء الجنرال محمد ديبي على السلطة.
ووافقت الولايات المتحدة الجمعة على سحب قوّاتها البالغ قوامها أكثر من ألف جندي من النيجر بناء على طلب نظام نيامي المنبثق من انقلاب يوليو، على خلفيّة تنامي قوّة روسيا في المنطقة.
ووافق نائب وزير الخارجيّة الأميركي كورت كامبل على طلب سلطات نيامي سحب القوّات، وذلك خلال اجتماع في واشنطن مع رئيس الوزراء علي الأمين زين الذي تولّى السلطة عقب الانقلاب في يوليو الماضي، وفق ما قال مسؤولون أميركيّون.
وينصّ الاتّفاق على إرسال وفد أميركي إلى النيجر خلال الأيّام المقبلة للتوافق على تفاصيل انسحاب هذه القوّات المنخرطة في مكافحة الجهاديّين.
ولم يصدر تعليق رسمي على الفور عن وزارة الخارجيّة الأميركيّة. كما لم يُحدّد الجدول الزمني للانسحاب.
وبعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمّد بازوم في 26 يوليو، طالب النظام العسكري الجديد في النيجر بسرعة رحيل قوّات فرنسا، القوّة الاستعماريّة السابقة. ولوحِظ خصوصا تقارب بين النظام العسكري النيجري وروسيا، على غرار ما حصل في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين اللتين يحكمهما الجيش أيضا.
وغادر آخر الجنود الفرنسيّين البلاد في نهاية ديسمبر.
ولاحقا، في مارس، انسحبت النيجر من اتّفاقية تعاون عسكري موقّعة عام 2012 مع الولايات المتحدة، معتبرة أنّ واشنطن “فرضتها أحاديا” وأنّ الوجود الأميركي بات بالتالي “غير شرعي”.
وعلّقت الولايات المتحدة معظم تعاونها، بما في ذلك التعاون العسكري، مع النيجر بعد الانقلاب الذي أطاح ببازوم.
وفي بادئ الأمر، قالت واشنطن إنّها تنتظر تأكيدا من السلطات النيجريّة بشأن قرارها، رغم أنّ المسؤولين الأميركيّين كانوا يستعدّون منذ أشهر لرحيل قوّات بلادهم.
ويشارك ألف جندي أميركي في النيجر في القتال ضدّ الجهاديين في منطقة الساحل ولديهم قاعدة كبيرة للمُسيّرات في أغاديز (شمال) بُنيت بكلفة قدرها مئة مليون دولار.
وفي الآونة الأخيرة، أضحت سلامة هؤلاء الجنود أولويّة بالنسبة إلى واشنطن.
وتظاهر الآلاف، السبت الماضي في نيامي، للمطالبة برحيلهم الفوري.