كريتر نت – متابعات
لم تعد الصين تخفي رغبتها في التحكم بقطاع النفط والغاز في العراق، وبمرور الوقت باتت تحصل على المزيد من الاتفاقيات مستفيدة من انسحاب غير مفهوم للشركات الأميركية وتحمّس الحكومة العراقية لإخراج النفط والغاز وتوظيف العائدات في خططها.
وزادت الشركات الصينية خططها للهيمنة على النفط والغاز في العراق، وهو ما تجسد في اتفاقيات جديدة أعلنت عنها بغداد الجمعة وتخص عدة حقول في مناطق مختلفة من البلاد.
وأطلق العراق جولة تراخيص تضم 29 مشروعا للنفط والغاز السبت، في محاولة لتطوير مخزونات الغاز الضخمة بهدف المساعدة في توفير الكهرباء للبلاد وجذب استثمارات بمليارات الدولارات.
ومناطق التنقيب موزعة على 12 محافظة في وسط وجنوب وغرب العراق، وتشمل لأول مرة منطقة استكشاف بحرية في مياه الخليج.
وفازت شركات صينية بتراخيص خمسة حقول. وقالت وزارة النفط إن مجموعة تشونغمان للنفط والغاز الطبيعي فازت بتطوير “حقل شرقي بغداد – الامتدادات الشمالية” إلى جانب حقل الفرات الأوسط الذي يمتد بين محافظتي النجف وكربلاء الجنوبيتين.
وفازت مجموعة يونايتد إنرجي الصينية باستثمار حقل الفاو في البصرة بجنوب البلاد، بينما فازت شركة تشنهوا بتطوير حقل القرنين على الحدود بين العراق والسعودية. كما فازت شركة جيو – جيد الصينية بتطوير حقل زرباطية للنفط والغاز في محافظة واسط بشرق البلاد.
وأضافت الوزارة أن مجموعة خالد عبدالرحيم العراقية فازت بحقل الديمة في محافظة ميسان بشرق البلاد، وحقلي ساسان وعلان في محافظة نينوى شمال غرب العراق.
أكثر من 20 شركة تأهلت لجولة السبت، بينها مجموعات أوروبية وصينية وعربية وعراقية، مع غياب الشركات الأميركية
وكانت آخر مرة يعقد فيها العراق جولة تراخيص في 2018، وهي الجولة الخامسة. والعراق ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية.
وقال وزير النفط حيان عبدالغني إن الجولة “الخامسة التكميلية” تشمل العديد من المشاريع المتبقية من الجولة الخامسة، بالإضافة إلى جولة سادسة جديدة تشمل 14 مشروعا.
وتأهلت أكثر من 20 شركة لجولة السبت، بما يشمل مجموعات أوروبية وصينية وعربية وعراقية، ولكن لم تكن من بينها شركات نفط أميركية كبرى.
ويفهم من غياب الشركات الأميركية عن المنافسة إقرار بالعجز عن مجاراة الحضور الصيني القوي. وسبق أن حصلت الشركات الصينية على امتياز الاستئثار بحقول نفط وغاز عراقية شأنها شأن الشركات الروسية، ما يجعلهما اللاعبين الأساسيين في الميدان.
وقال الكاتب سايمون واتكينز في تحليل سابق على موقع أويل برايس إن الهدف الرئيسي لبكين وموسكو يكمن في توسيع وجودهما في العراق لثلاثة أسباب رئيسية.
أولها، أن البلد يمكن أن يصبح بسهولة أكبر منتج للنفط الخام عالميا في غضون فترة قصيرة إذا تقلص الفساد المستشري في قطاع النفط والغاز.
وثانيها، موقعه الجغرافي في قلب الشرق الأوسط الذي يجعله حلقة وصل حيوية في بناء شبكة من الاتصالات اللوجستية من شرق أوراسيا إلى غرب أوروبا.
وثالثها، أن العراق يشكل مع إيران جوهر الهلال الشيعي الروحي والسياسي والعسكري والثقافي الدائم.
الجولة “الخامسة التكميلية” تشمل العديد من المشاريع المتبقية من الجولة الخامسة، بالإضافة إلى جولة سادسة جديدة تشمل 14 مشروعا
وتسارعت خطط زيادة إنتاج العراق من النفط وإرسال هذا الإنتاج الإضافي إلى الصين في المقام الأول خلال اجتماع مجلس الوزراء مؤخرا، برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وقال مصدر رفيع المستوى يعمل بشكل وثيق مع وزارة النفط العراقية لموقع أويل برايس حصريا إن “مجلس الوزراء وافق في الاجتماع على زيادة صادرات النفط الخام إلى الصين بنسبة 50 في المئة، أي من 100 ألف برميل يوميا إلى 150 ألف برميل يوميا”.
كما أمكن الاتفاق على زيادة الطاقة الإنتاجية اليومية من الرميلة، أكبر حقل نفط في العراق (47.6 في المئة)، ومؤسسة البترول الوطنية الصينية (46.4 في المئة)، وشركة تسويق النفط الحكومية العراقية سومو (6 في المئة) من 1.3 مليون برميل يوميا إلى 1.4 مليون برميل يوميا بنهاية العام الجاري.
ويعدّ الأمر جزءا من خطة العراق لزيادة إنتاجه النفطي إلى 8 ملايين برميل يوميا بحلول 2028. ولا يوجد أيّ سبب يمنع تحقيق مثل هذه الزيادة.
ويبقى إنتاج 12 مليون برميل يوميا أمرا ممكنا بفضل موارد العراق النفطية. ويتلخص العائق الوحيد هنا في الفساد المستشري في قطاع النفط والغاز الذي أعاق هذا التقدم لسنوات.
وفي نفس اجتماع مجلس الوزراء أمكن الاتفاق على وجوب أن يُقدّم العراق دعمه الكامل لتنفيذ جميع جوانب “الاتفاقية الإطارية بين العراق والصين” واسعة النطاق والموقعة في ديسمبر 2021.
ويكمن الجزء الرئيسي من الاتفاقيتين في أن للصين حق الرفض الأوّلي لجميع مشاريع النفط والغاز والبتروكيماويات التي ستطرح في العراق طوال مدة الصفقة، وأن تتمتع بخصم بنسبة 30 في المئة على الأقل على جميع موارد الطاقة التي تشتريها.
مبيعات النفط الخام تشكل 90 في المئة من إيرادات الميزانية العراقية. ولكن على الرغم من ثروتها النفطية الهائلة، لا تزال البلاد تعتمد على الاستيراد لتلبية حاجتها إلى الطاقة
ويشمل جزء رئيسي آخر من الاتفاقية الإطارية بين العراق والصين السماح لبكين ببناء مصانع في جميع أنحاء البلاد، مع ما يتبع ذلك من بنية تحتية داعمة. ويشمل ذلك (وهذا هو العامل الأهم) خطوط السكك الحديد التابعة لمبادرة الحزام والطريق التي يشرف عليها موظفو الشركات الصينية الموجودة في العراق.
ونظرا إلى حجم البنية التحتية المخطط لها ونطاق تطويرها المحتمل، سيكون تواجد رجال الأمن الصينيين مكثفا في المشاريع الرئيسية في جميع أنحاء العراق، حسب ما صرح به المصدر العراقي لموقع أويل برايس.
وتقدمت خطط روسيا طويلة المدى للسيطرة على العراق الموحد (بما يشمل منطقة كردستان التي تتمتع حاليا بشبه حكم ذاتي في الشمال) في مجال السياسة الخارجية خلال الأسابيع الماضية.
وشهد 11 أكتوبر الماضي لقاء رئيس الوزراء العراقي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو لمناقشة تطوير قطاع النفط العراقي ووجود شركات النفط الروسية فيه.
ونمت الطاقة الإنتاجية للنفط في العراق من ثلاثة ملايين برميل يوميا إلى نحو خمسة ملايين في السنوات القليلة الماضية، لكن تخارج شركات عملاقة مثل إكسون موبيل ورويال داتش شل من عدد من المشاريع بسبب ضعف العوائد جعل الضبابية تكتنف وضع النمو في المستقبل.
وتباطأت عمليات التطوير أيضا بسبب تزايد تركيز المستثمرين على المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. وكان العراق يستهدف ذات يوم أن يصبح منافسا للسعودية، أكبر منتج عالمي بواقع 12 مليون برميل يوميا أو أكثر من عشرة في المئة من الطلب العالمي.
وأعرب وزير النفط العراقي السبت عن أمله في أن يتجاوز احتياطي البلاد النفطي 160 مليار برميل. وقال خلال حفل افتتاح جولتي التراخيص اللتين تستمران ثلاثة أيام “نأمل الإعلان خلال الفترة القادمة إن شاء الله عن ارتفاع احتياطي النفط المؤكد إلى أكثر من 160 مليار برميل”، مؤكداً أن الحكومة ستدعم الشركات الفائزة وتؤمن لها التسهيلات اللازمة.
وأعلن رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني أن “العراق يتوقع الحصول على أكثر من 3459 مليون قدم مكعب قياسي يومياً من الغاز، وأكثر من مليون برميل من النفط في اليوم، من خلال هاتين الجولتين”.
وأضاف “ستسهم هذه المشاريع الإستراتيجية بزيادة الاستثمارات في تلك المحافظات، بما يساعد على تحسين واقعها الاقتصادي والخدمي”.
وتشكل مبيعات النفط الخام 90 في المئة من إيرادات الميزانية العراقية. ولكن على الرغم من ثروتها النفطية الهائلة، لا تزال البلاد تعتمد على الاستيراد لتلبية حاجتها إلى الطاقة، وخصوصاً الغاز المستورد من إيران والضروري لتشغيل الكهرباء.
وقد أعلن العراق، العضو المؤسس في منظمة أوبك، التزامه كما دول أخرى بتخفيض الإنتاج الطوعي لدعم الأسعار المتضررة من حالة عدم اليقين الاقتصادي.