كريتر نت – متابعات
نفت مصر، السبت، التراجع عن التدخل في دعوى جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة بارتكاب جرائم حرب في فلسطين، وذلك بحسب ما نقلته قناة “القاهرة الإخبارية” الخاصة عن مصدر رفيع المستوى، لم تذكر اسمه.
وقال المصدر إنه “لا صحة لما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن تراجع مصر عن الانضمام لجنوب أفريقيا في دعواها المرفوعة ضد إسرائيل بمحكمة العدل الدولية”، وفق ما نقلته الوكالة.
وأكد أن “مصر عازمة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإدانة الممارسات الإسرائيلية أمام محكمة العدل الدولية”، دون تفاصيل أكثر عن طبيعة الإجراءات.
وكانت مصر قد أعلنت الأحد الماضي أنها تعتزم التدخل رسميا لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، وذلك بالنظر إلى تنامي نطاق العمليات الإسرائيلية في غزة وتأثيرها على المدنيين.
وتسلط هذه الخطوة الضوء على زيادة حدة التوتر بين مصر وإسرائيل، إذ تمثل العملية الإسرائيلية في مدينة رفح الحدودية اختبارا للاتفاقات الطويلة الأمد والتعاون الأمني بين الجانبين.
وأوضحت وزارة الخارجية المصرية أن “التقدم بإعلان التدخل في الدعوى المشار إليها يأتي في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم، مما أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة أدت إلى خلق ظروف غير قابلة للحياة في قطاع غزة”.
وسبق أن ترافعت مصر أمام محكمة العدل الدولية في فبراير الماضي، بشأن ممارسات إسرائيل في فلسطين، ضمن جلسات استماع بشأن رأي استشاري طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص التبعات القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتوترت العلاقات السياسية بين القاهرة وتل أبيب، وأخذت منحى تصاعديا من جانب الأولى ردا على استفزازات قامت بها الثانية في المنطقة الحدودية بين قطاع غزة ومصر، ولوح مسؤولون كبار بأن هذه التصرفات تلحق أذى باتفاقية السلام الموقعة بين البلدين منذ نحو خمسة وأربعين عاما، وتمنع قيام الجيش الإسرائيلي بعمليات عسكرية في المنطقة (د) التي يقع في نطاقها محور فيلادلفيا.
وتعاملت القاهرة مع العمليات العسكرية في مدينة رفح بجنوب غزة في إطار ضوابط اتفاقية السلام، مؤكدة على لسان وزير الخارجية سامح شكري أنها “تعد ركيزة رئيسية في المنطقة لتحقيق السلام والأمن”. مضيفا أن “الاتفاقية لها آلياتها التي يتم تفعيلها لتناول أي مخالفات قد تكون قد تمت ولها آليات خاصة بالتعامل مع هذه المخالفات إذا وجدت”.
وطالبت مصر اسرائيل بـ”الامتثال لالتزاماتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، وتنفيذها للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية التي تطالب بضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية على نحو كافٍ يلبي احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة”.
وتأتي المواجهة القانونية الجديدة بين مصر وإسرائيل بعد 35 عاما على أعنف وأشرس مواجهة بين البلدين في العدل الدولية، التي انتصرت فيها مصر واستعادت منطقة طابا بجنوب سيناء على إثرها.
وكانت مصر نددت في السابع من مايو “بأشد العبارات” بدء إسرائيل عملياتها العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، التي تؤوي نحو 1.4 مليون فلسطيني غالبيتهم من النازحين، وما أسفرت عنه السيطرة إسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
واستضافت القاهرة جلسات عدة لمفاوضات من أجل اتفاق هدنة بين إسرائيل وحركة حماس بحضور وسطاء أميركيين وقطريين ولكن لم يتم التوصل إلى نتيجة.
ويشن الجيش الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة خلَّفت أكثر من 114 ألفا بين قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء”، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا للسلطات الفلسطينية.
وفي 26 يناير الماضي، أمرت محكمة العدل الدولية، إسرائيل باتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في غزة.
وتواصل المحكمة نظر هذه الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا وتتهم فيها تل أبيب بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وهذه أول مرة تخضع فيها إسرائيل لمحاكمة أمام العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة.
ودافعت إسرائيل عن هجومها في رفح أمام محكمة العدل الدولية، الجمعة، قائلةً إنها تتصرف دفاعاً عن النفس ضد مقاتلي حماس، وطلبت من القضاة رفض طلب من جنوب أفريقيا بإصدار أمر بانسحابها من قطاع غزة.
وانتقدت إسرائيل القضية التي أقامتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ووصفتها بأنها “منفصلة تماماً” عن الواقع، مع دعوة بريتوريا القضاة إلى إصدار أمر بوقف إطلاق النار في غزة. وقال كبير المحامين الممثلين لإسرائيل جلعاد نوام لمحكمة العدل الدولية إن “جنوب إفريقيا تقدّم للمحكمة للمرة الرابعة صورة منفصلة تماماً عن الحقائق والظروف”.
واعتبر نوام أن الحرب ضد حماس في قطاع غزة هي “مأساوية” لكن لا تصنّف “إبادة جماعية”، قائلاً “ثمة حرب مأساوية تدور رحاها لكن لا توجد إبادة جماعية”.
والخميس، استمعت محكمة العدل الدولية في قصر السلام، مقر أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، إلى محامين يمثلون بريتوريا تحدثوا عن مقابر جماعية وتعذيب وعرقلة متعمّدة لدخول المساعدات إلى قطاع غزة.