محمد سبتي
صحفي أردني
حذّرت الكثير من الهيئات العالمية طوال الأعوام الماضية من خطورة تخادم ميليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن مع تنظيمي (القاعدة) و(داعش)، ممّا يشكل تهديداً لا يقتصر على المنطقة، بل يمتد إلى الإقليم والعالم، في ظل تمكنهم من فرض هيمنتهم على مناطق بعينها.
في الوقت الراهن يجري الكثير من الأحداث التي تجمع الجماعات الثلاث، تدرج ضمن قائمة الأعمال الإرهابية أو الاتفاقيات، أو حتى اتباع الممارسات ذاتها، لكنّها تثبت بالنهاية العلاقة الوثيقة بين (الحوثيين وداعش والقاعدة)، ونستعرض في تقريرنا هذا أبرز الأحداث.
تجري عصابة الحوثي في الوقت الراهن التحضيرات لإطلاق سراح عناصر إرهابية من سجونها محكوم عليها بالإعدام.
ووفق ما نقلت (قناة الحدث)، فإنّ عصابة الحوثي اقتربت من إتمام صفقة للإفراج عن عناصر من تنظيم (داعش) الإرهابي حُكم عليهم بالإعدام لقتلهم جنوداً من القوات الحكومية بمحافظة حضرموت عام 2014.
وأكدت مصادر أنّ الصفقة تشمل عناصر متورطة بجريمة ذبح (14) جندياً من أفراد اللواء (135) مشاة في محافظة حضرموت بتاريخ 8 آب (أغسطس) عام 2014، كانت الأجهزة الأمنية قد تمكنت من ضبطهم قبل أعوام، وأصدرت المحكمة الجزائية المتخصّصة في العاصمة المختطفة صنعاء في 9 تموز (يوليو) 2017م حكماً بإعدامهم.
وأشارت المصادر إلى أنّ من بين الإرهابيين الصادر بحقهم حُكم الجزائية المتخصصة والمشمولين بصفقة الإفراج، يمنيين وسعوديين ستتسلم عصابة الحوثي فدية مالية مقابل إطلاقهم.
وفي سياق منفصل، عملت ميليشيات الحوثي أخيراً على تأسيس جهاز أمني جديد أطلقت عليه اسم “شرطة المجاهدين”، على غرار تنظيم (داعش) الإرهابي، وهو جهاز جرى استحداثه من قبل قيادات عليا في الجماعة من أجل تعزيز قبضتهم وملاحقة كل المناهضين والناقمين على سياستهم الإجرامية.
وبحسب تقرير نشرته (العين الإخبارية)، فإنّ الجهاز الجديد يتألف من وحدة استخباراتية وخلايا عسكرية من عناصر الميليشيات المنتشرين في الأحياء والمربعات السكنية والقرى الريفية. وتم إعطاء المنخرطين في هذا الجهاز الأمني صلاحيات تجسسية وقمعية واسعة لتحديد المعارضين والناقمين ضد سياسة الحوثي، بمن فيهم رواد مواقع التواصل الاجتماعي أو من يتابع وسائل الإعلام للحكومة المعترف بها دولياً ودول التحالف العربي سواء بتبادل المواد أو المشاهدة.
ومنتسبو “شرطة المجاهدين” لهم الحق في متابعة وتفتيش المنازل وهواتف كل من يشتبهون به، إلى جانب اعتقاله ونقله إلى أحد مراكز الشرطة التابعة لهم. ويشرف على هذا الجهاز قيادات حوثية بارزة بعيداً عن الأجهزة الأمنية الرسمية الواقعة تحت قبضتهم.
وكشفت المصادر أنّ ميليشيات الحوثي درّبت خلال الفترة الماضية عناصر نسائية للعمل في شرطة المجاهدين، وتتولى مهام التجسس على “المنازل وتنفيذ اقتحامات مباغتة والبحث في هواتف النساء عن محتوى معادٍ للميليشيات أو وجود قنوات فضائية تسميها الميليشيات معادية ضمن باقات المشاهدة في المنازل”.
وعلى مدى الأسابيع والأيام الماضية استعرت حملات الاعتقالات بشكل كبير في مناطق ميليشيات الحوثي، واستهدفت حتى الناشطين الموالين للجماعة وكل الناقدين لسياسات الميليشيات في تجريف مؤسسات الدولة ونهب المال العام، حتى من تحدثوا عن قضية سموم المبيدات.
واعتقلت ميليشيات الحوثي المئات في حملات سرّية بعيداً عن الأضواء، وتم الكشف أخيراً عن عدد منهم، غالبيتهم من الموالين لها.
ويرى مراقبون أنّ حملات القمع الحوثية وإنشاء جهاز أمني تجسسي جديد هو تدشين لمرحلة أقرب إلى فترة حكم (داعش) في سوريا والعراق، تقوم على تضييق الحريات ومحاولات إسكات وإخضاع المنتقدين والأصوات التي تنامت رفضاً للإرهاب، في ظل توسع الاحتقان الشعبي وانعدام الخدمات والضائقة المعيشية المميتة.
وعن علاقة الحوثيين بتنظيم (القاعدة) الإرهابي، فقد أكد تحليل نشره (مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية) أنّ قائد التنظيم الجديد في اليمن (سعد العولقي) حريص على استمرار العلاقة الجوهرية مع ميليشيات الحوثي- ذراع إيران في اليمن، وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين، خصوصاً في جانب تجنب المواجهة بين الجانبين وتوجيه النهج العسكري صوب المحافظات الجنوبية.
وأوضح التحليل الذي نقله موقع (يمن نيوز) أنّ التنظيم مستمر في عدم خوض أيّ معارك مفتوحة مع جماعة الحوثيين، رغم الضغوطات التي يتعرض لها بشأن استئناف العمليات الداخلية في الجنوب، وعدم تنفيذ أيّ عمليات نوعية ضد أهداف غربية في اليمن لتجنب مزيد من التوترات مع الولايات المتحدة، والتي تعتبر في ذروتها أساساً بسبب الهجمات في البحر الأحمر.
وأشار التحليل إلى أنّ “قيادة العولقي لن تغير السياسة العسكرية للتنظيم في المناطق المحررة، وترتكز هذه السياسة على تجنب فتح أيّ جبهات قتال مع مختلف القوات الأمنية والعسكرية الموالية لمجلس القيادة الرئاسي، في الوقت ذاته الرد بقوة في حالة بدأت القوات الحكومية باستهداف عناصر التنظيم”.
وركز التحليل الذي حمل عنوان “ملابسات رحيل باطرفي وتنصيب أمير جديد لقاعدة اليمن: ماذا بعد؟”، على تقديم خلفية موجزة عن مسيرة صعود القياديين خالد باطرفي وسعد العولقي إلى قمة هرم التنظيم في اليمن، وشرح طبيعة العلاقة التنافسية التي جمعت بينهما خلال الأعوام الأخيرة، كما ركز على ملابسات رحيل باطرفي ومسار تنصيب العولقي، وانعكاسات ذلك على السلوك المستقبلي والتوجّه الاستراتيجي لتنظيم القاعدة في اليمن.
وأوضح التحليل عاملاً أساسياً مهماً ساعد العولقي على تولي قيادة تنظيم (القاعدة)، وهو نفوذ القيادي المصري سيف العدل، المقيم في إيران، وهو ما يؤكد أنّ طهران أحد القواسم المشتركة بين الجماعتين الارهابيتين.
وأكد التحليل أنّ عام 2024 ـ في الغالب ـ سيكون بمثابة مرحلة انتقالية بالنسبة إلى القيادة الجديدة للتنظيم، وسيركز العولقي خلالها على (3) أولويات مهمة: تتمثل الأولى في الإمساك بمفاصل التنظيم، والمهمة الثانية إصلاح العلاقة المتوترة للتنظيم مع الحواضن الاجتماعية والقبلية لا سيّما في محافظتي أبين وشبوة، والثالثة تجنب أيّ صدامات داخلية مبكرة، واستمالة عناصر وقادة التنظيم بهدف تنمية التعاون مع الحوثيين.
المصدر : حفريات