كريتر نت – وكالات
يواجه البحر الأحمر، وهو ممر حيوي لنحو 30% من حركة الحاويات في العالم، أزمة شحن على نطاق غير مسبوق في الوقت الحالي.
وكشف مجموعة من خبراء البنك الدولى في تقرير لهم أن هذا الموجز الجديد، وهو الأول من سلسلة جديدة تختص بتحليل التطورات الاقتصادية والاجتماعية الأخيرة والمشاكل الخاصة في أوضاع الهشاشة والصراع والعنف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يستكشف تأثير أزمة الشحن البحري في البحر الأحمر.
وأدى الصراع الأخير في الشرق الأوسط إلى شن هجمات على السفن التجارية، مما تسبب في تراجع كبير في النشاط التجاري البحري وحتى نهاية مارس 2024، انخفض حجم حركة المرور عبر قناة السويس الإستراتيجية ومضيق باب المندب إلى النصف، في حين شهد المسار البديل عبر طريق رأس الرجاء الصالح زيادةً بنسبة 100% في أنشطة الملاحة البحرية، ولهذه الأزمة – بحسب ما نشره البنك الدولى- تداعيات بعيدة المدى، ليس فقط على صناعة الشحن البحري، ولكن أيضاً على البيئة والاقتصاد العالمي.
وأدى استخدام طرق الملاحة الطويلة التي فرضتها الأوضاع الحالية إلى زيادة مسافات السفر لسفن الشحن والناقلات بنسبة تصل إلى 53%، مما تسبب في ارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بسبب حرق الوقود الإضافي. ومن الناحية الاقتصادية، أدت الأزمة إلى ارتفاع أسعار الشحن وتكاليف التأمين على الشحن البحري، مما ساهم في التضخم وأثر سلباً على اقتصادات الشحن الإقليمية والدولية.
ويتجلى التأثير بشكل أكبر في موانئ البحر الأحمر والاقتصادات المرتبطة بها، حيث يعاني العديد منها انخفاضاً في حجم الحركة، بينما يستفيد عدد قليل من تحويل حركة سفن الشحن وكان للاضطرابات التي شهدتها الموانئ اليمنية، على سبيل المثال، آثار ملموسة، وخاصة في المملكة العربية السعودية، وإن قل تأثيرها كلما بعدت المسافة عن مركز الصراع.
من أجل التصدي لهذه التحديات، نحث واضعي السياسات على توخي اليقظة والاستمرار في تقييم ما يترتب على هذه التحديات من آثار. ومن الأهمية بمكان الحفاظ على أطر قوية للسياسات النقدية وسياسات المالية العامة للتخفيف من مواطن الضعف الاقتصادي في مواجهة ما يُستجد من صدمات. وتبعا لشدة آثار هذه الأزمة ومدى توفر الحيز المتاح في المالية العامة، يمكن للحكومات النظر في اتخاذ تدابير مضادة، ومنها الإجراءات التدخلية المضادة للتقلبات الدورية.
وفي خضم هذه الأزمة، توجد فرص لتحقيق النمو، وعلى الرغم من مساهمة الاتجاه العالمي نحو التوريد من البلدان الأصلية، ومن البلدان المجاورة، ومن البلدان الصديقة في زيادة تكاليف التجارة، فإنه يتيح فرصاً للبلدان القريبة جغرافياً من التكتلات الاقتصادية الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربي.
فبلدان شمال أفريقيا، على سبيل المثال، التي يمكنها توفير مناخ استثماري جذاب وأطر سليمة للسياسات العامة، قد تكون في وضع جيد يسمح لها بجذب الاستثمار الأجنبي المباشر من هاتين المنطقتين.
ويمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى تعزيز الاستثمار المحلي وتوفير فرص العمل، وزيادة مستوى الدخل، وتسهيل نقل التكنولوجيا، كما يمكن لهذه العوامل مجتمعةً أن تساهم في نمو الاقتصادات المحلية وتحقيق قدرتها على الصمود.