كريتر نت – متابعات
على الرغم من التطور والتحديث المستمر لأدوات الذكاء الاصطناعي الذي شمل جميع المجالات فإن استخدامه في صفوف الطلبة والمتمدرسين مازال موضع جدل واسع لذلك بدأت بعض الجامعات وضع قواعد أو تعليمات تتعلق بالذكاء الاصطناعي وهي مبادرات قد تسهم مستقبلا في وضع قوانين تسمح باستخدامه في الجامعات والمدارس.
وأصبح الذكاء الاصطناعي الآن جزءا من الحياة اليومية للكثير من الأشخاص، سواء كان ذلك في قطاع الرعاية الصحية أو الصناعة، أو بالنسبة إلى أمر تافه مثل صياغة أمنيات عيد الميلاد الشخصية.
ولكن ماذا عن التعليم العالي؟ هل يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي على هيئة نماذج لغوية كبيرة مثل روبوت الدردشة ” شات جي بي تي” للاستعداد للامتحانات؟ وهل سيكون ذلك أمرا مسموحا به؟
على سبيل المثال، في ألمانيا، بدأت معظم الجامعات في وضع قواعد أو تعليمات تتعلق بالذكاء الاصطناعي، بحسب ما قاله ينس توبور مدير مشروع منتدى الجامعة للرقمنة بمركز التعليم العالي في مدينة غوترسلوه.
وأشار إلى أن هذه الإرشادات تعد توصيات بصورة أساسية وليست ملزمة بعد، خاصة في ما يتعلق بالكثير من المجالات الرمادية التي تجاهلتها الموافقة الأخيرة على اتفاقية الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي، الأولى من نوعها في العالم.
وقالت جانيسا بودي كبيرة مديري المشروعات في منتدى الجامعة للرقمنة ”على نقيض الامتحانات نفسها، فإنه من المسموح في الوقت الحالي أن يقوم المرء بأيّ أمر يستمتع به ويناسبه من أجل الإعداد للامتحانات”. وأضافت ”ولكن من المهم إدراك أن شات جي بي تي يعد نموذجا لغويا، وليس نموذجا معلوماتيا، لذلك يجب الحذر من احتمالية أن تكون المعلومات خاطئة”.
وقال توبور ”علاوة على حماية المعلومات والملكية الفكرية، لا يوجد بعد إطار قانوني ملزم يمكن أن تتبعه الجامعات”. وأشار إلى أن هذه القوانين تعد أكبر عائق أمام استخدام الذكاء الاصطناعي كمساعد شخصي تعليمي، حيث يتعين على الطلاب أولا تغذية النموذج بالمعلومات اللازمة لموضوع معين.
ويمثل تضمين المواد التعليمية التي تخضع للملكية الفكرية أو الامتحانات القديمة مشكلة. وقال توبور ”سوف يعد الأمر إعادة إنتاج وربما يكون غير قانوني”، مشيرا إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت شركات الذكاء الاصطناعي وراء التطبيقات البرمجية التي تقوم بمعالجة البيانات المتضمنة بصورة أكبر، وإلى أي مدى يمكن أن يتم ذلك.
وأوصى توبور بدلا من ذلك باستخدام روبوت الدردشة بصفته نوعا من الشريك الحواري السقراطي. فعلى سبيل المثال، يسأل شات جي بي تي الطالب أسئلة تأملية ومعدة بصورة فردية بشأن مجموعة من الحقائق ويتحقق ما إذا كان الطالب قد فهمها.
وأوضح توبور ”جمال هذا الأمر يكمن في عدم تقديم الذكاء الاصطناعي معلومات مشتبه بها، ولكن بدلا من ذلك يشجع على مراجعة أكثر عمقا وبذلك تكون ملائمة للتعلم بصورة أكبر للموضوع الخاضع للدراسة”.
وقد حظيت كاثرينا أوبر العالمة في مجال العلوم وتطوير التعليم الإلكتروني بتجربة مع هذا الأسلوب. وتكتب أوبر أن هذا الأسلوب، الذي استعمله الفيلسوف اليوناني القديم سقراط يتضمن” طرح أسئلة دون تقديم أجوبة”.
وقد طورت طريقة تمكن الذكاء الاصطناعي من طرح أسئلة معينة، وهذا بدوره يشجع على التفكير المستقل. ويتم سؤال الشخص الذي يخضع لهذا الأسلوب عن موضوع الحديث، وبعد ذلك يمكن أن يبدأ الحوار.
القوانين الجديدة أكبر عائق أمام استخدام الذكاء الاصطناعي حيث يتعين على الطلاب تغذية النموذج بالمعلومات اللازمة
وأشارت أوبر إلى أن هذا التوجه أقل عرضة للمعلومات الخاطئة حيث أنه لا يتم تقديم معلومات يمكن تبنيها دون نقد.
يشار إلى أن روبوتات الدردشة مثل شات جي بي تي عرضة ” للهذيان” وهو توليد أكاذيب تبدو معقولة. وهذا يحدث لأنه يتم استخدام أنماط في بياناتها التدريبية المكثفة، فتقوم روبوتات الدردشة ببساطة بالتنبؤ بالكلمة المقبلة في جملة معينة.
كما أنه من الممكن أن يقوم شات جي بي تي بدور الغبي، إذا جاز التعبير، بحيث يجعل الطالب يشرح الأمر له. ويقول توبور” هذه العملية ترسخ التعليم أيضا”. ويتم تكليف روبوت الدردشة بالقيام بدور طالب زميل يجهل المعلومات بشأن مسألة ما، ويتم إخباره بما يحتاج معرفته.
كما يوجد خيار آخر وهو أن يسأل روبوت الدردشة أسئلة امتحانات يتعين أن يقوم الطالب بالإجابة عليها. ويقول مالتي بيرسيك المدير العلمي لمركز خدمات التدريس والتعليم في جامعة رينيش – ويستفاليان التقنية في آخن بألمانيا ”الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقوم بذلك الأمر بصورة جيدة إلى حد ما، ولكن حجم المعلومات الخاطئة التي يقدمها بشأن المعرفة حول الامتحانات التي تعتمد على الحقائق مازال كبيرا”.
وأضاف ”في ما يتعلق بالمحتوى والمعرفة المتخصصة، خاصة الأرقام والمواعيد، أريد أن أحذر الجميع من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي”.
وعلى الرغم من أن النتائج تكون أفضل بكثير في حال صاحب الذكاء الاصطناعي بنك بيانات يمكن من خلاله استعادة المحتوى المتخصص، ما زالت المعلومات الخاطئة محتملة. وأوضح بيرسيك ”هذا يحدث إما بسبب إساءة فهم المسألة وعدم الوصول إلى المعلومات الصحيحة من بنك البيانات، أو أنه لا يمكن الوصول إلى المعلومات من خلال بنك البيانات”.
وإذا رغب المرء في تحميل وثائق من مساحة تعليمية رقمية مثل ملف ”بي دي اف” وتحميلها مجددا فإنه سوف يواجه قيود الملكية الفكرية التي تم ذكرها سابقا، ولكن إذا كنت فقط تستخدم نظاما تجاريا. ووفقا لبيرسك، هناك الآن أدوات ذكاء اصطناعي يمكن أن يقوم المرء بتنزيلها على جهاز اللاب توب الخاص يمكن أن تعمل بصورة جيدة ولا تنقل أيّ بيانات إلى الإنترنت.
وأضاف ”في جميع الاحتمالات، هذا الأمر سوف يكون مسموحا به قانونيا”. وأضاف أن “هذه النماذج حتى الآن تفتقر لجودة وقدرة شات جي بي تي 4. ولكن إذا أراد المرء شريكا حواريا، فإن جودة بدائل المصادر المفتوحة جيدة”.