كريتر نت – متابعات
يشارك الدروز في الجيش الإسرائيلي ويقاتلون في صفوفه، لكنهم لا يجدون الحظوة. وفي سوريا نأوا بأنفسهم عن الحرب الأهلية بين النظام وخصومه، وسعوا لتأكيد أن تحركاتهم سلمية، لكن حيادهم وسلميتهم لم يمنعا من استهدافهم.
ومباشرة بعد هجوم حماس على غلاف غزة في السابع من أكتوبر الماضي تَنادى الدروز لرفع السلاح والمشاركة في المعارك ضد حماس، وانتقلوا من شمال إسرائيل إلى جنوبها. والأمر نفسه ينتظر أن يتكرر إذا خاضت إسرائيل حربا مفتوحة ضد حزب الله.
ويمثل الدروز، البالغ عددهم 149 ألف نسمة، اثنين في المئة من التعداد السكاني الإجمالي لإسرائيل.
الدروز يتمركزون عند المثلث الحدودي بين إسرائيل ولبنان وسوريا، ما جعلهم مستهدفين في الصراعات الطائفية
وبموجب وضعهم الخاص كـ”إخوة السلاح” -إذ هم الوحيدون بين عرب إسرائيل الذين يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية- يتولى عدد متزايد منهم مناصب مدنية وعسكرية وسياسية عالية.
ويواجه من يرفض الخدمة العسكرية من الدروز السجن والحرمان من التوظيف لدى بعض الجهات، وهو ما يُعمق الضغط الاقتصادي على الشباب الرافض للتجنيد.
لكن ما يثير قلق الدروز أن إسرائيل تعاملهم كمواطنين درجة ثانية وخاصة بعد إقرار قانون القومية الذي اعتبره قادة الدروز غير منصف لهم.
وبعد إقرار القانون اجتمع الرئيس الروحي للطائفة موفق الحلبي مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مطالبا بإلغاء القانون، ولوح عدد من الضباط بتقديم استقالاتهم من الجيش. وتقدم ثلاثة أعضاء في الكنيست بشكوى إلى المحكمة الإسرائيلية العليا ضد القانون بسبب تمييزه بين مواطني الدولة.
ويقيم الدروز منذ قرون في المنطقة الجبلية الواقعة عند المثلث الحدودي بين ثلاث دول تبقى رسميا في حالة حرب، وهي إسرائيل ولبنان وسوريا، ما جعلهم مستهدفين في الصراعات المذهبية والطائفية التي عرفتها المنطقة.
وفي سوريا ترفض الطائفة الدرزية وشيوخها الانخراط في الحرب الأهلية، كما يرفضون إرسال أبنائهم لأداء الخدمة العسكرية، وهم يتظاهرون أسبوعيا للمطالبة بتحسين أوضاع الطائفة.
ويذهب نشطاء من الدروز إلى اعتبار أن هناك مخططا يقوم على تجويعهم بغرض تهجيرهم، خاصة وأن دروز السويداء -وإن كانوا قد تجنبوا أيّ احتكاك بالنظام السوري، وبدا موقف الغالبية منهم مساندا له- عمليا لم يتحركوا لنصرة النظام وظلوا على الحياد.
واندلعت اشتباكات عنيفة مساء الأحد بين قوات النظام السوري ومجموعات محلية في محافظة السويداء جنوب البلاد، استمرت حتى ساعات الليل.
وأفادت مصادر محلية للأناضول الاثنين بأن أهالي السويداء طالبوا بإزالة حاجز أقامه الجيش على المدخل الشمالي للمحافظة، لكن قوات النظام رفضت الطلب.
من يرفض الخدمة العسكرية من الدروز يواجه السجن والحرمان من التوظيف لدى بعض الجهات، وهو ما يُعمق الضغط الاقتصادي على الشباب الرافض للتجنيد
وإثر ذلك وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش ومجموعات مسلحة استمرت حتى وقت متأخر من مساء الأحد. ولفتت المصادر ذاتها إلى عقد مفاوضات بين وجهاء المحافظة والقوات الأمنية التابعة لنظام الأسد من أجل وقف الاشتباكات وإزالة الحاجز.
وتشهد السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، مظاهرات مناهضة للنظام السوري منذ أغسطس 2023. وكان النظام قد أرسل مئات الجنود وعشرات الدبابات والمدرعات من العاصمة دمشق إلى السويداء في أبريل الماضي.
وتعليقا على التعزيزات حذر الشيخ حكمت الهجري -الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في السويداء- من التصعيد، مؤكدا أنهم لن يتراجعوا وأن المظاهرات السلمية ستتواصل.
ويبلغ تعداد الدروز في سوريا نحو 700 ألف نسمة، كانوا يشكلون قرابة ثلاثة في المئة فقط من إجمالي عدد السكان البالغ 23 مليونا قبل اندلاع النزاع الذي أدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وتشكل محافظة السويداء المعقل الرئيسي لدروز سوريا الموجودين كذلك في محافظة القنيطرة المجاورة، وفي جبل حرمون الممتد بين لبنان وسوريا، فضلا عن مناطق في الضاحية الجنوبية لدمشق أبرزها جرمانا وصحنايا. كما يتواجدون في عدد من القرى في محافظة إدلب (شمال غرب). ونزح عدد كبير منهم من المحافظة إثر سيطرة الفصائل الإسلامية والجهاديين عليها.