كريتر نت – متابعات
تمرّ العلاقة بين الرياض والشقّ الإخواني داخل السلطة الشرعية اليمنية المدعومة بقوة من قبل المملكة العربية السعودية بحالة من الفتور بسبب ما سمّته مصادر سياسية يمنية مطلّعة “تباعدا في الرؤى بين الطرفين بشأن الجهود المبذولة من قبل المملكة بدعم من سلطنة عمان ومنظمة الأمم المتحدة لإيجاد حلّ سلمي للصراع الدائر في اليمن”.
وقالت المصادر إنّ السلطات السعودية تفاجأت بمحاولة حزب الإصلاح الممثل داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني تفجير المفاوضات التي احتضنتها مؤخرا العاصمة العمانية مسقط بشأن الأسرى، وبتصعيد الحزب لخطابه ضدّ الشرعية بسبب مشاركتها في تلك المفاوضات، وتحريضه على تصعيد الصراع المالي بين الحكومة المعترف بها دوليا وحكومة الحوثيين في صنعاء وحماسه المبالغ فيه للإجراءات العقابية التي اتّخذتها حكومة أحمد عوض بن مبارك ضدّ مجموعة من المصارف لم تلتزم بقرار البنك المركزي في عدن بنقل مقرّاتها من مناطق الحوثي إلى مناطق الشرعية.
وأيدت غالبية القوى المنضوية ضمن معسكر الشرعية تلك الإجراءات، لكن تأييد الإخوان الممثلين بحزب الإصلاح والهجوم على المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بسبب دعوته لتعليقها ولإجراء حوار اقتصادي بين الشرعية والحوثيين بلغا درجة من الحماس أثارت الشكوك في دوافعها.
واستخدم الإخوان قاعدتهم الجماهيرية في كل من محافطتي تعز ومأرب لتنظيم مظاهرات مؤيدة للإجراءات المالية ضدّ الحوثيين والمطالبة بعدم التراجع عنها.
ووصف مصدر سياسي حماس حزب الإصلاح للإجراءات المذكورة بأنه استخدام لقضية عادلة ومحقّة لغايات حزبية ضيّقة.
وقال إنّ الإخوان الذين كانوا مبادرين لإجراء اتصالات سرية وعلنية مع الحوثيين والتفاوض معهم على عدة قضايا، أصبحوا يعملون على المزيد من توتير الأجواء بين الشرعية وجماعة الحوثي ومنع أي تقارب بينهما.
وأوضح أنّ حزب الإصلاح بات يخشى أي تقدّم في جهود السلام قد يتمّ على حسابه بعد أن تمكّن من استعادة توازنه إثر الهزائم المتلاحقة التي تلقاها على أيدي الحوثيين وخسارته لأغلب مناطق نفوذه في شمال اليمن.
ووجد الحزب في سيطرته على محافظة مأرب الغنية بالنفط تعويضا مجزيا عن المناطق التي انتزعها الحوثيون من يده، وقد تمكّن من تأسيس سلطة متينة أمنيا واقتصاديا خاصة به في المحافظة أشبه ما تكون بإمارة تابعة له بالكامل.
وأوضح ذات المصدر أنّ هوس الحفاظ على المكسب الكبير في مأرب قد يكون وراء عدم حماس الإخوان لأي سلام مع الحوثيين من شأنه أن يغيّر الوضع القائم في المحافظة. ولفت إلى أنّ موقف حزب الإصلاح من مساعي التهدئة والتقارب مع الحوثيين يتضارب كليا مع ما تريده السعودية التي أبدت رغبة قوية وإصرارا على تحقيق اختراق ما باتّجاه إيجاد حلّ سلمي للصراع اليمني، متجاوزة الكثير من المصاعب والعقبات ومتغاضية عن تهديدات الحوثيين لها أملا في تغير مواقفهم مع تطوّر الأحداث وتبدّل الظروف.
ومؤخرا خرج التباعد بين السعودية وموقف الإخوان في اليمن بشأن جهود السلام والتواصل بشأنها مع الحوثيين إلى العلن من خلال هجوم حادّ لإعلامي سعودي بازر مقرّب من الرياض ومعبّر عادة عن مواقفها السياسية التي لا ترغب في التعبير عنها بشكل رسمي.
وهاجم عبدالله آل هتيلة مساعد رئيس تحرير صحيفة عكاظ الإخوان ووصفهم بـ”المفلسين”، قائلا إنّ تنظيمهم “لن يترك اليمن في حاله”. وأضاف في تعليق له عبر منصّة إكس أن “تنظيم الإخوان في اليمن سيحاول استثمار الأوضاع لإشعال فتيل الحرب بين الفرقاء بطرق خبيثة تمكنه من تحقيق أهدافه السياسية الدنيئة”.
وحذّر “من أنّ من يسعون لإفشال المفاوضات اليمنية عليهم أن يتحملوا العواقب”، ومعتبرا أن “البديل للمشاورات اليمنية – اليمنية هو الفوضى التي سترتد على من يمارسونها من باب العنجهية والغباء السياسي”.
وكانت جولة المحادثات التي احتضنتها مؤخرا سلطنة عمان بشأن ملف الأسرى بمثابة مرآة عاكسة لموقف حزب الإصلاح الإخواني من خطوات التهدئة التي تسعى الرياض ومسقط لفرضها في اليمن تمهيدا لمفاوضات سلام أكثر عمقا وجدية يكون الملف الإنساني والاقتصادي مدخلا لها.
وعمل الحزب على تفخيخ تلك الجولة وشنّ هجمات متلاحقة على الشرعية واتّهمها بـ”الغياب” (المعنوي) أمام الحضور الطاغي للحوثيين في مسقط.
وقال على لسان رئيس هيئته العليا محمّد اليدومي “صدر عن الأخ يحيى الشعيبي مدير مكتب رئاسة الجمهورية توجيه لفريق التفاوض حول الأسرى والمخفيين قسريا يؤكّد عليهم بعدم إبرام أي صفقة تبادل لا تشمل إطلاق سراح الأخ محمد قحطان، أو على أقل تقدير، الكشف عن مصيره”.
وأضاف “بعد هذا التوجية انعقد في مسقط لقاء للميليشيا الحوثية تحدثت فيه بلغة واحدة وكنا نتمنى أن يكون للشرعية من يمثلها في هذا اللقاء”.
وردّ يحيى كزمان رئيس الوفد الحكومي المفاوض في ملف الأسرى على اليدومي بمنشور عبر منصّة إكس قال فيه “يبدو أن اليدومي رئيس حزب الإصلاح قد خرج ليقود حملة ظالمة ضد الفريق المفاوض عن الشرعية معتبرا أن الشرعية غير موجودة لأنه يعتبرها ملكية خاصة”.
وبينما انتهت محادثات مسقط إلى غير ما ترغب فيه السعودية من تقدّم في الملف الإنساني كخطوة على طريق الحل السلمي الشامل في اليمن، واصل حزب التجمّع اليمني للإصلاح استثماره في الأحداث سعيا لاستدامة التوتّر بين الشرعية والحوثيين.
ولقيت القرارات التي اتخذتها الشرعية في نطاق حربها المالية والاقتصادية ضدّ الحوثيين تأييدا شعبيا تركّز بالكامل في مركزي محافظتي تعز ومأرب حيث يمتلك حزب الإصلاح قاعدة شعبية كبيرة، الأمر الذي جعل متابعين للأحداث في المحافظتين يجزمون بأن مظاهرات التأييد للقرارات ليست تلقائية وإنّما من تنظيم الحزب وبدوافع وحسابات خاصة به.
المصدر : “العرب” اللندنية